مفاجآت النفط.. خام برنت كسب 22% خلال أسبوعين


20 اغسطس 2016
محطة وقود في أميركا (Getty)
+ الخط -
رغم الهبوط الطفيف الذي شهدته أسعار النفط، أمس الجمعة، فإن تصريحات كبار المنتجين وعلى رأسهم السعودية وروسيا إضافة إلى الطلب الآسيوي القوي على المحروقات، فعلت السحر في المضاربات على العقود الآجلة في سوق الطاقة العالمي.

فقد كسب خام برنت، الذي يعد خام القياس لمعظم الخامات العربية الخفيفة، نسبة 22% منذ الثاني من أغسطس/آب الجاري وحتى يوم أمس ليرتفع فوق 51 دولاراً قبل أن يهبط في تعاملات الجمعة تحت هذا المستوى قليلاً إلى 50.50 دولاراً، فيما كسب خام غرب تكساس منذ بداية الشهر الجاري نسبة 20% ليرتفع فوق 48 دولاراً. 

وهذا الارتفاع الكبير في الأسعار فاجأ خبراء أسواق الطاقة والمتعاملين على السواء، حيث كانت معظم البنوك بما فيها مصرف "غولدمان ساكس" تعتقد أن دورة هبوط النفط التي بدأت خلال الشهر الماضي، ستتواصل وربما تدفع الأسعار نحو 35 دولاراً للبرميل.
وكان البنك الدولي قد توقع للأسعار أن تصل في المتوسط إلى 37 دولاراً للبرميل خلال العام الجاري.
ولكن ما حدث كان العكس، والسؤال المطروح في الأسواق الآن هل سيتواصل ارتفاع الأسعار خلال الشهر المقبل، أو على الأقل حتى اجتماع منظمة البلدان المصدرة للنفط في سبتمبر/أيلول المقبل بالجزائر.




كما أن السؤال الدائر في الأسواق كذلك ما هي الأسباب وراء هذا الارتفاع المفاجئ، هل هو فقط التصريحات التي أدلى بها وزير النفط السعودي خالد الفالح والتصريحات الروسية الخاصة بشأن التعاون مع "أوبك".
يبدو أن كثيراً من القراءات لحركة أسعار النفط ركزت حتى الآن على تصريحات التنسيق بين أكبر منتجين للنفط، وهما السعودية وروسيا، ولكن يبدو أن هنالك عوامل أساسية أخرى تقف وراء هذا التحسن الكبيرفي أسعار النفط.

ويمكن تلخيص هذه العوامل في الآتي:

أولاً: عودة الاستقرار للاقتصاد الصيني بعد فترة من الاضطراب خلال الأشهر الأولى من العام الماضي، حيث بدأت الصين في زيادة وارداتها من النفط بهدف الاستهلاك المحلي وبيع المنتجات المكررة في أسواق آسيا من جهة، كما شرعت فعلياً في زيادة احتياطاتها الاستراتيجية. ويعد العامل الصيني من أهم أهم العوامل التي دفعت الأسعار للارتفاع.
ثانياً: النمو القوي في اقتصادات دول جنوب شرقي آسيا، أو ما يطلق عليه اسم النمور الآسيوية.

ثالثاـ التحسن الكبير الذي طرأ على الاقتصاد الأميركي وسط البيانات الإيجابية الصادرة حول مستوى الوظائف الجديدة وسوق العمل وانخفاض نسبة البطالة. ومعروف أن السوق الأميركي من أهم الأسواق العالمية في تحريك الطلب على النفط حيث تستهلك أميركا يومياً حوالى 19 مليون برميل.
رابعاً: استبعاد حدوث عودة سريعة للنفط الصخري الأميركي حتى في حال استمرار الأسعار فوق 50 دولاراً خلال الأشهر المقبلة. وذلك ببساطة، لأن البنوك الأميركية التي خسرت مبالغ ضخمة من أموالها التي أقرضتها لشركات النفط الصخري، غير مستعدة للمخاطرة مجدداً في تمويل شركات النفط الصخري.
ويذكر في هذا الصدد أن بعض البنوك اضطرت لبيع سندات الدين على شركات النفط الصخري بعشر سنتات للدولار في سبيل التخلص منها. كما أن العديد من شركات النفط الصخري عجزت عن خدمة ديونها خلال العامين الماضيين.

خامسا: التوقعات المتشائمة لتداعيات التصويت البريطاني لصالح الخروج من أوروبا "البريكست" على النمو العالمي، التي راجت خلال الأشهر الأولى من العام، لم يتحقق منها شيء.
ومنذ التصويت البريطاني، قبل شهرين، ظلت الاقتصادات العالمية تنمو دون تأثير يذكر.
ولكن رغم هذا التحسن الكبير في أسعار النفط ووجود أرضية للتعاون بين أعضاء "أوبك" للتعاون على ضبط المعروض النفطي، هنالك شكوك حول استمرارية تحسن الأسعار.

في هذا الصدد يحذرمصرف "سيتي بنك" الأميركي في مذكرته هذا الأسبوع لعملائه قائلاً "يجب الحذر من اتخاذ التعاون بين المنتجين كأرضية صلبة لتحسن الأسعار".
من جانبه، ذكر بنك "مورغان ستانلي"، في مذكرة، أن العوامل الأساسية التي أدت إلى تحسن الأسعار ليست سبباً أساسياً للارتفاع الذي شهدته الأسواق في الآونة الأخيرة".

وفي الواقع فإن التجربة أثبتت أن روسيا لا يمكن ضمان تعهداتها فقد سبق لها أن تعهدت في الثمانينيات من القرن الماضي وفي مرات عديدة أخرى بالتعاون مع "أوبك" لكبح الإنتاج، وأخلفت وعدها.
ومن بين العوامل التي تدفع بعض خبراء النفط لوضع احتمال عدم ارتفاع الأسعار النفطية فوق هذا المستوى خلال العام الجاري، احتمال عودة النفط الليبي إلى الأسواق في حال حدوث تسوية مدعومة عسكرياً من قبل الدول الغربية.

وفي حال حدوث ذلك فإن خبراء في نفط المنطقة العربية أبلغوا "العربي الجديد"، أن النفط الليبي سيعود بسرعة للأسواق وربما يرتفع الانتاج الليبي فوق مليون برميل يومياً خلال أشهر، لأنه لم يحدث دمار للمنشآت النفطية.
وفي لندن، هبط خام القياس العالمي مزيج برنت أمس الجمعة بعدما سجل أعلى مستوى في ثمانية أسابيع.
وجرى تداول العقود الآجلة لخام برنت بسعر 50.50 دولاراً للبرميل بانخفاض قدره 39 سنتاً عن سعر آخر تسوية بعد أن بلغ 51.22 دولاراً في وقت سابق وهو أعلى مستوى منذ 22 يونيو/حزيران.
وجرى تداول خام غرب تكساس الوسيط الأميركي في العقود الآجلة عند 48.02 دولارا للبرميل بانخفاض قدره 20 سنتاً بعدما سجل الخام أعلى مستوى منذ الخامس من يوليو/تموزعند 48.75 دولاراً للبرميل.



المساهمون