الجزائر: تراجع جديد للدينار وقلق من الأسعار

05 يوليو 2016
تراجع الدينار يزيد من أسعار السلع بالأسواق (فرانس برس)
+ الخط -
سجل الدينار الجزائري انهياراً جديداً في قيمته، مقابل العملات الأجنبية في التعاملات الرسمية مطلع الأسبوع الجاري، تزامناً مع استعداد الجزائريين لاستقبال عيد الفطر، والذي يشهد ارتفاعاً في الإنفاق.
وبلغ سعر صرف الدولار الواحد نحو 110.74 دنانير، بينما وصل سعر اليورو الواحد إلى 122.29 ديناراً، في حين سجلت العملة الجزائرية انتعاشاً مقابل العملة البريطانية الجنيه الإسترليني، الذي هبط إلى أدنى مستوياته، مسجلا 148.62 ديناراً، تزامنا مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك بعدما تعدى في يونيو/حزيران الماضي عتبة 160 ديناراً.
نفس المنحى عرفته قيمة الدينار في السوق الموازية، بعدما خسرت بعض النقاط، مقابل الدولار الذي بلغ سعر صرفه 168 ديناراً للدولار الواحد، و185 ديناراً لليورو.
ويأتي التراجع الجديد للدينار الجزائري بعد أيام قليلة من إحداث الحكومة الجزائرية جملة من التدابير، من أجل إعادة البريق للعملة المحلية وإعادتها إلى مستوياتها المعتادة.
وفي مقدمة هذه التدابير تغيير محافظ بنك الجزائر المركزي السابق، محمد لكصاسي، الذي يعد من المهندسين لعملية "تعويم قيمة الدينار" لكبح فاتورة الواردات، وبعده تم تغيير وزير المالية، عبد الرحمان بن خالفة، الذي ساند محافظ البنك المركزي السابق في نفس الطرح.
ويرى خبراء عدم حدوث أي تحولٍ في السياسة النقدية في الجزائر، التي أدت إلى تراجع الدينار الجزائري حسب تقرير لبنك الجزائر مطلع العام الحالي 2106، بنحو 19% أمام الدولار و2.1% مقابل اليورو، خلال الفترة الممتدة بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول 2015.
وأرجع الخبراء التهاوي المستمر لقيمة الدينار إلى الظروف الاقتصادية الداخلية والخارجية، ومنها تواصل انخفاض أسعار النفط.
وقال جمال نور الدين، خبير الاقتصاد لـ "العربي الجديد"، إن تدهور أسعار النفط ينعكس سلبا على العملة المحلية، خاصة أن الاقتصاد الجزائري ريعي المصدر ( يعتمد على النفط).

وأضاف نور الدين أن "التغييرات التي أحدثتها الحكومة على مستوى وزارة المالية والبنك المركزي، لا تعني بالضرورة إحداث ثورة في المنظومة المصرفية أو السياسة النقدية، وحتى لو فرضنا أن الحكومة لديها نية في إحداث تغييرات أو إصلاحات مالية، فإن نتائجها لن تظهر في المدى القريب"، معربا عن مخاوفه من تدهور القدرة الشرائية للمواطن في ظل الظروف الحالية.
ويتزامن التراجع الجديد للدينار مع وقت يستعد فيه الجزائريون لاستقبال عيد الفطر، وهي المناسبة التي يصاحبها إنفاق كبير، وبالتالي تتزايد المخاوف من ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية.
وقال نعمان زوبيري، المتحدث باسم الجمعية الجزائرية للدفاع عن حقوق المستهلك، إن "القدرة الشرائية للجزائريين تترنح وهي مهددة بالانهيار، فمع انهيار قيمة الدينار وارتفاع التضخم إلى 4.11%، ارتفعت الأسعار وبقيت الأجور في مكانها".
وأضاف أن المواطن بعد قرابة شهر من الإنفاق على المواد الغذائية، التي عرفت ارتفاعا جنونياً بداية شهر رمضان، سيجد نفسه أمام ارتفاعٍ آخر، وهذه المرة في ما يخص الملابس، حيث يضطر الجزائريون إلى اقتناء ملابس جديدة لأبنائهم بأسعار مرتفعة بـ 30%، مقارنة مع السنة الماضية، خاصة أن كل السلع المعروضة مستوردة من الصين وتركيا بالعملة الصعبة، ومع استمرار تراجع قيمة الدينار ستعرف الأسعار ارتفاعا ليس في متناول الجميع.
وكان صندوق النقد الدولي قد دعا الجزائر خلال مايو/أيار الماضي إلى إدخال بعض المرونة في عمليات صرف العملة المحلية.
ورأى الصندوق أن عملية تخفيض قيمة الدينار، التي انتهجها بنك الجزائر المركزي، "لا تزال مبالغاً فيها بشكل كبير" وليست الحل الأمثل لمواجهة تراجع مداخيل البلاد من عائدات النفط، والتي بلغت 70%، مما دفع الحكومة إلى إقرار مجموعة من الإجراءات منها تعويم قيمة الدينار.
كما لجأت الحكومة إلى الإنفاق من احتياطي النقد الأجنبي، لتغطية عجز الخزينة، مما أدى إلى تراجعه بنسبة 22% في نحو عامين ونصف العام، ليبلغ 139 مليار دولار في مايو/أيار 2016، مقابل 153 مليار دولار نهاية 2015، و178 مليار دولار نهاية عام 2014.

المساهمون