السودان يدعم تنقيب الأهالي عن الذهب

29 يونيو 2016
ينشط مئات آلاف السودانيين في التنقيب عن الذهب(فرانس برس)
+ الخط -
تسعى الحكومة السودانية إلى تعزيز إيرادات الخزانة العامة من الذهب، عبر دعم التعدين التقليدي الذي يوفر أكثر من 80% من المعدن الأصفر المُستخرج في الدولة.
وقال وزير المعادن السوداني، محمد صادق الكاروري، مساء أول من أمس، إن الحكومة تعتزم منع استخدام محلول الزئبق في مجال التعدين الأهلي (التقليدي) بحلول عام 2020، بعد الاتفاق مع روسيا لإيجاد تكنولوجيا حديثة لاستخدامها في استخلاص الذهب بالسودان.
ويساعد الزئبق على تنقية وفصل الذهب عن التربة، لكن الحكومة تتجه للتخلي عنه كونه يضر البيئة والثروة الحيوانية، كما أنه يؤثر على الإنسان في حال استنشاقه، إذ يصيب الجهاز التنفسي بالضيق.
وتبين التقارير الرسمية، أن أكثر من مليوني شخص يعملون في مجال التعدين التقليدي، يوفرون حوالى 80% من إنتاج الذهب البالغ، حتى الآن، 80 طناً من 266 موقعاً للتعدين بالسودان.
وتشتري الحكومة الذهب من المعدّنين عن طريق نوافذ لبنك السودان المركزي في مناطق مختلفة، إلا أن تلك النوافذ لم تُفعّل في غالبية مناطق التعدين الأهلي.
وقالت وزارة المعادن في بيانات حديثة، إن إنتاج الذهب بلغ 22.3 طناً، خلال الربع الأول من العام الجاري، بقيمة 150 مليون دولار. هذا يعني أن الإنتاج ينمو بوتيرة متسارعة، حيث يقول المدير العام لهيئة الأبحاث الجيولوجية السابق، يوسف السماني، لـ "العربي الجديد"، إن إنتاج السودان من الذهب، حتى نهاية العام 2015، بلغ 80 طناً، منها 64 طناً أنتجها الأهالي.
إلا أن محللين يرون أن أرض السودان لا تزال بكراً في مجال إنتاج الذهب، إذ لم يتم اكتشاف المعدن في معظم أنحاء البلاد، نظراً للافتقار إلى التكنولوجيا الحديثة التي تعزز قدرات هكذا قطاع.
ويرى الخبير الاقتصادي، عبدالوهاب بوب، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن إنتاج الذهب في السودان لا يعتمد عليه، ويبرر ذلك بعد وجود أرقام إنتاج حقيقية، معتبراً أن اعتماد الإنتاج بصورة كبيرة على التعدين الأهلي، لا يؤهل الذهب للدخول ضمن موارد الدولة الثابتة، كما أن التعدين سطحي ولم يصل إلى مرحلة المناجم العميقة، قائلاً: "لم يحن الوقت بعد للحديث عن إحلال الذهب بديلاً عن النفط".
لكن الاقتصادي، عبدالعظيم المهل، أكد في حديثه لـ "العربي الجديد"، أهمية التعدين، وأن الأرض مازالت بكراً، وبالتالي ما حدث إبان الفترة السابقة، هي مجهودات من المُعدنين التقليديين.
وزاد الاهتمام بمعدن الذهب في السودان عقب انفصال دولة جنوب السودان في العام 2011، حيث فقدت البلاد 75% من إيراداتها النفطية التي تقدر بحوالى 600 ألف برميل يومياً، وتراجع الإنتاج إلى 120 ألف برميل عقب الانفصال.

واستطاع التعدين الأهلي تقليل حدة الفقر لدى بعض المناطق، وفتْح أسواق جديدة، فضلاً عن أنه حد من هجرة الريف إلى المدينة وساهم في الصادرات بصورة كبيرة.
ووفقاً لبيانات رسمية، فإن التعدين الأهلي على الرغم من مخاطرة، إلا أنه استطاع العمل على سد جزء من الفجوة في العملات الخارجية.
وأكد بابكر عبد الوهاب، عضو اتحاد التعدين الأهلي بمحلية "بربر" الواقعة شمال السودان لـ "العربي الجديد"، أن حياة الناس تغيرت من الناحية المادية، كما أن مجال التعدين ساهم في التقليل من نسبة العاطلين عن العمل.
ونشطت وزارة المعادن في الفترة الأخيرة، في القيام بجولات على مناطق التعدين الأهلي بكل ولايات السودان لتوعية المعدنين حول كيفية استخدام الزئبق لحين إيجاد بدائل له، كما أقامت بعض الندوات والورش التثقيفية حتى لا يتضرر المعدن جراء البحث في أعماق سحيقة.
ويقول رئيس اللجنة الاقتصادية السابق في البرلمان السوداني، باكر محمد توم، إن التعدين التقليدي ساهم بشكل كبير في سد عجز الميزانية، حيث أقنعت عائدات التعدين التقليدي، الشركات الكبرى للدخول في المجال.
ويذهب في ذات الاتجاه، أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم، عثمان البدري، بالقول: "إن عائدات التعدين تسهم في رفد الخزينة بحوالى 50% من إجمالي الإيرادات، وإن جزءاً كبيراً من هذه النسبة يأتي من التعدين التقليدي".
ويقول البدري لـ "العربي الجديد": "إن الكميات المنتجة من الذهب لم تذهب جميعها إلى الحكومة بسبب الرسوم والضرائب المتعددة التي قد تجعل المُعدّن يلجأ إلى التهريب، كما أن الحكومة لا تشتري الذهب منهم بأسعار مشجعة، وهو ما يدفعهم إلى البحث عن مشترين آخرين".
وشدد على أهمية وضع سياسات تشجيعية للإنتاج والشراء بأسعار مجزية؛ حتى تصل جميع الكميات المنتجة تقليدياً إلى يد الجهات الحكومية.
ويري محللون أن عدم وجود دراسات وخطط في مجال المعدن الأصفر، أدى إلى عدم الاستفادة منه، وأن الجهود لا تزال قاصرة ولم تنجح في بلوغ المرام منها.
وتشير تقارير محلية، إلى أن احتياطي السودان من الذهب يتجاوز 1037 طناً لم يتم استخراجها حتى الآن.

المساهمون