قيود الاحتلال تعرقل إعمار غزة

21 مارس 2016
أعمال بناء في غزة (تصوير: عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
اتخذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إجراءات متوالية لعرقلة عملية إعادة إعمار قطاع غزة من آثار العدوان التي لا تزال قابعة في مختلف مناطق القطاع منذ صيف عام 2014.
ولم يتوقف الاحتلال عن فرض القيود تحت ذرائع عدة، التي تحول دون دخول مواد البناء بمختلف أنواعها، ما يعوق أعمال البناء بشكل كبير.
وبدأ الاحتلال أول إجراءاته بمنع إدخال ألواح الخشب، التي يزيد سمكها على 5 سنتيمترات، وتحديدا خشب "السويد" الذي يستخدم في الصناعات الخشبية وعمليات التأهيل، وكذلك منع استيراد أنابيب الحديد من جميع الأقطار، بجانب منع إدخال أسياخ اللحام.
وفي نهاية العام الماضي 2015، قرر الاحتلال عدم تزويد 70 مصنعا من مصانع الباطون الجاهز (الخرسانة الجاهزة) والبلاط بمواد البناء اللازمة لاستمرار عملها، الأمر الذي أجبر أصحاب المصانع الإنشائية على إغلاق أبوابها وتجميد التعاقد مع المواطنين الراغبين في ترميم منازلهم ومنشآتهم.
وبالإضافة إلى ذلك، أوقف الاحتلال إدخال مادة "الإسمنت" لصالح المواطنين العاديين غير المتضررين من العدوان، وكذلك قلصت سلطات الاحتلال عدد شاحنات مواد البناء الواردة إلى غزة، عبر معبر كرم أبو سالم التجاري، وفق آلية المبعوث الأممي السابق، روبرت سيري.
وقال الوكيل المساعد في وزارة الاقتصاد بغزة، عماد الباز لـ "العربي الجديد"، إن القيود الإسرائيلية تأتي في إطار تدوير الحصار وافتعال الأزمات المختلفة، التي تزيد من صعوبة الأوضاع المعيشية والاقتصادية الداخلية.
وأضاف الباز أن الاحتلال قلص قبل عدة أسابيع عدد شاحنات الإسمنت التي تدخل إلى غزة من نحو 120 شاحنة إلى أقل من 40 شاحنة يوميا، مشيرا إلى أنه تم منذ انتهاء العدوان الأخير السماح بإدخال 450 ألف طن من الإسمنت، على الرغم من حاجة القطاع إلى مليوني طن لإعادة بناء المنشآت والوحدات السكنية المدمرة.
وكان الاحتلال رفض بشكل قاطع إدخال مواد البناء كافة إلى غزة، منذ فوز حركة "حماس" بالانتخابات التشريعية عام 2006، بداعي استخدامها في عمليات معادية، ولكنها سمحت في نهاية عام 2012 بإدخال كميات قليلة لصالح المشاريع التابعة للقطاع الخاص والمؤسسات الدولية.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن معدلات الفقر والبطالة ارتفعت داخل صفوف العاملين في قطاع التشييد، نظرا للمعيقات المتعددة التي يضعها الاحتلال، لافتا إلى أنه لم يتم حتى اللحظة إعادة تأهيل أي مصنع اقتصادي تضرر بفعل العدوان.

وتعرض قطاع غزة في السابع من يوليو/تموز 2014، لعدوان إسرائيلي استمر لمدة 51 يوما، وذلك بشن آلاف الغارات الجوية والبرية والبحرية، التي أسفرت عن استشهاد أكثر 2162 فلسطينيا وإصابة الآلاف، بجانب تدمير 12 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، و160 ألف وحدة تدميرا جزئيا.
وذكر وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة، ناجي سرحان، أن المضايقات الإسرائيلية الجديدة تهدف إلى جعل عملية الإعمار تقتصر فقط على بناء المنازل التي دمرت في العدوان الأخير، بعيدا عن ترميم مرافق البنية التحتية والمنشآت الحيوية التي تهالكت بفعل الحصار المشدد واعتداءات الاحتلال المتكررة في السنوات الأخيرة.
وقال سرحان في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن خطة الأمم المتحدة لإدخال مواد البناء أبقت على الحصار الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته استغلها الاحتلال ليظهر للعالم بأنه ليس معوقا لإعادة الإعمار، موضحا أن غالبية التسهيلات التي يعلن عنها الاحتلال، تتعلق بسفر رجال الأعمال والتجار إلى خارج غزة من خلال معبر بيت حانون/إيرز، دون أن يكون لتلك التسهيلات نتائج تذكر على صعيد الحياة العامة.
وأضاف أن البرهان الحقيقي على انطلاق عملية الإعمار هو فتح المعابر التجارية، التي أغلقها الاحتلال وإدخال مواد البناء دون قيود وبكميات كافية، مشيرا إلى أن الجهات المختصة تمكنت من إزالة ما يزيد عن 90% من الركام الناتج عن العدوان الأخير.
وأغلق الاحتلال منذ أن فرض حصاره المشدد على غزة، منتصف عام 2007، المعابر التجارية الثلاثة التي كانت تمثل العصب الأساسي للاقتصاد المحلي، وأبقى على معبر كرم أبو سالم، الواقع أقصى جنوب شرق مدينة رفح، جنوبي القطاع، كمنفذ وحيد تدخل من خلاله جميع احتياجات القطاع، التي كانت تورد سابقا من المعابر المغلقة.
وقال مسؤول العلاقات العامة والإعلام في الغرفة التجارية بغزة، ماهر الطباع لـ "العربي الجديد" إن كميات الإسمنت التي دخلت إلى غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014 لا تزيد على 25% من الاحتياجات الإجمالية للسكان.
وأعلن الاحتلال منذ أن فرض حصاره، عن قائمة من السلع والأصناف الممنوعة دخولها إلى غزة بشكل تام، بحجة إنها مزدوجة الاستخدام، كالمواد الكيميائية والمعدات الثقيلة والآلات الإلكترونية وأيضا مستلزمات الصيد البحري.
وتصدرت المؤسسات الإنشائية قائمة أكثر القطاعات الصناعية تضررا خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، حيث بلغ عدد المصانع الإنشائية التي أصيبت بشكل كلي أو جزئي نحو 149 منشأة، وذلك بهدف إطالة أمد عملية إعادة الإعمار ومضاعفة المشاكل الاقتصادية وتعقيدها.



اقرأ أيضا: اقتصاد غزة المحاصر ينهار أمام الأزمات
المساهمون