وزراء الأسد فقراء

20 نوفمبر 2016
رئيس حكومة النظام السوري، عماد خميس (فرانس برس)
+ الخط -
بدأ شبح التفقير الذي يعتمده النظام السوري، منهجاً وخطة، يتسلل إلى بيوت وزراء حكومته، إذ يبدو أن تثبيت الأجور وانعدام الموارد التي يمكن أن تشكل للحكومة موارد إضافية وغير منظورة، أوقع، حتى طباخي السم، في فخ التشكي من غلاء الأسعار التي ارتفعت أكثر من 12 ضعفاً خلال الثورة، بعد أن فقدت الليرة السورية أكثر من 1000% من قيمتها.

قصارى القول: كشف رئيس مجلس الوزراء في حكومة بشار الأسد، عماد خميس، خلال أول ظهور إعلامي مرئي مباشر، بعد تسلمه مهامه، منذ نحو أربعة أشهر، أن "بعض الوزراء طالبوني بتعديل التعويض المالي الذي يتقاضونه لمواجهة الارتفاع الكبير في أسعار السلع والمواد".

وأضاف رأس حكومة الأسد خلال لقاء بثه التلفزيون السوري الرسمي، قبل أيام، أنه رد على الوزراء بالقول إن "المطلب سيتحقق تلقائياً عندما ترتفع معدلات الإنتاج المحلي، لأن تقليص الفجوة الواسعة المتشكلة بين الدخل والأسعار، مرتبط فقط بزيادة الإنتاج المحلي".

وهنا ربط خميس بعبقرية اقتصادية، بين ما يجري من تفقير وإذلال، حتى للوزراء، جراء التفاوت بين الدخل والإنفاق، مع ما يجري في المنشآت والمصانع. وعلى طريقة الخصوصية السورية، رد على مطلب الوزراء: ستبقون فقراء تعانون إلى أن يزيد الإنتاج.

رغم أن "سيادته" يعلم أن زيادة الإنتاج أمر محال بعد أن هدمت حرب معلمه بشار الأسد، نحو 80% من المنشآت الصناعية الخاصة، وفاقت خسائر الصناعة السورية 1000 مليار ليرة سورية.

ويعلم كذلك، أو هكذا يفترض، أن القروض التي أرهقت سورية وستكون عبئاً بسدادها وفوائدها لأجيال، إنما تستخدم لتمويل الحرب وقتل السوريين عبر أسلحة متطورة وغالية الثمن، ولا تستخدم الأموال لإعادة تأهيل المنشآت كي يزيد الإنتاج، وبالتالي تزيد الأجور والرواتب.

وأظنه يعلم أيضاً أن خسائر الحرب في سورية، فاقت خسائر الحرب العالمية الثانية وتعدت 260 مليار دولار، ولم يبق من أمل يرجى، بعد أن رهن النظام الذي يبرر له خميس، التفقير والتجويع، ثروات السوريين الباطنية ومنح مشروعات تنقيب واستخراج النفط والاستثمار في الطاقة والغذاء لشركائه في الحرب في طهران وموسكو.

ولابد أنه يعلم أن مستوى الفقر في سورية، وفق إحصاءات رسمية، زاد عن 80% وكذا نسبة البطالة، بل ووصل الأمر بسوريي الداخل إلى بيع بيوتهم للغرباء كي يستمروا في مواجهة أعباء الحياة والفقر المفروضة عليهم بخطة وعن سابق إصرار وترصد.

خلاصة القول: إذا كان وزراء حكومة الأسد، الذين يتقاضون أضعاف دخل الموظفين، ولديهم أساطيل سيارات وخدمات مجانية لا تحصى، يشتكون ويستغيثون، فيا ترى ما هو حال المواطن السوري الذي لا يزيد أجره عن 40 ألف ليرة (70 دولارا)، في حين لا يقل إنفاق الأسرة السورية الصغيرة عن 200 ألف ليرة شهرياً.

وألا يعلم هذا العبقري الأسدي أن مهام الحكومات، وما تصدر من خطط وقرارات، هو المواطن أولاً، وتحصينه من العوز والذل عبر حياة كريمة، إن لم نقل مرفّهة.

أم أن كل الأبجديات تسقط في سورية الممانعة أمام الممانعة والمقاومة وتبرير صنائع الأسد الوريث، الذي حوّل بلد العز والخيرات، إلى أفقر بلد في العالم، وشعبها النبيل إلى فقراء في الداخل ومهجرين يدقون أبواب اللئام في الخارج.

المساهمون