الاقتصاد الصعب في زمن الإعدامات

16 يونيو 2015
محمد مرسي أثناء النطق بإعدامه (أرشيف/Getty)
+ الخط -


في الوقت الذي كان فيه المستشار شعبان الشامي يصدر حكماً بإعدام الدكتور محمد مرسي، في قضية اقتحام السجون، كانت الحكومة المصرية تفتش في دفاترها القديمة عن الاستثمارات الأجنبية وتعيد التوقيع على مذكرات تفاهم سبق وأن وقعتها مع مستثمرين أجانب خلال مؤتمر شرم الشيخ المنعقد بداية شهر مارس/آذار الماضي، ولم تتحول لاتفاقات فعلية بعد، بل ظلت حبراً على ورق طوال الـ 95 يوماً الماضية.

وفي الوقت الذي كان فيه القاضي يحكم بالمؤبد على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد في قضية التخابر مع حركة حماس المقاومة وإعدام 107 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، كان وزير الصناعة والتجارة المصري الأمين العام السابق لجبهة الإنقاذ، منير فخري عبد النور، يغرد كعادته متحدثاً عن جذب مصر مئات المليارات من الدولارات، وعن زحف كبريات الشركات العالمية نحو الأراضي المصرية، ويعلن للمرة العاشرة أن بلاده اتفقت مع الصين على إقامة 15 مشروعاً قيمتها 10 مليارات دولار، وقبلها عن اتفاق مماثل مع شركات إيطالية لاستثمار 10 مليارات يورو في مصر، ولم ينس الوزير أن يزيد جرعة الأخبار "الفنكوشية" ليعلن عن تخصيص 500 فدان على طريق العين السخنة لإقامة مدينة معارض عالمية تليق بمصر الحاضر والمستقبل.

وفى الوقت الذي كان فيه البعض من المصريين يرقص فرحاً أمس عقب سماعه الحكم بإعدام أكثر من 100 مصري في جلسة واحدة وفي مقدمتهم الرئيس المنتخب، كان المستثمرون في الخارج يتساءلون بدهشة واستغراب: هل يمكن أن تشهد مصر حالة استقرار في ظل هذه الإعدامات الجماعية حتى نوجه أموالنا لها، وما الذي يرغمنا على الاستثمار في بلد يشهد إعدامات متواصلة يصاحبها قلق لا ينقطع.

اقرأ أيضاً: قوى ثورية تدعو لانتفاضة شعبية ضد أحكام القضاء المصري

وفي الوقت الذي كانت فيه أقرب محطة تموين لمحكمة جنايات القاهرة، صاحبة أحكام إعدام أمس، تشهد أزمة وقود تماثل الأزمة التي خرجت في إثرها مظاهرات 30 يونيو 2013 ضد نظام الدكتور محمد مرسي، لم يجرؤ أحد على التظاهر ضد المتسبب في الأزمة الحالية ومحاسبته، لأن مصيره أما السجن أو طلقة رصاص لا يتعدى سعرها جنيهات مصرية.

نقول للمرة المائة ولن نيأس، الاستثمار سواء المحلي أو الأجنبي في حاجة لمقومات عديدة في مقدمتها استقرار سياسي وأمنى، مخاطر أقل، فساد أقل، حد من البيروقراطية، سوق صرف مستقرة، أيد عاملة محترفة، طاقة متاحة، سهولة تحويل الأموال والأرباح الرأسمالية للخارج، سواء المستثمرة في البورصة وأدوات الدين الحكومية، أو الاستثمار المباشر في مشروعات اقتصادية.

وبما أن هذه المقومات غير متوافرة حالياً فلا تنتظروا استثمارات خارجية أو حتى محلية، إضافة إلى أن بلداً يفتقر إلى أبسط المبادئ الإنسانية والحريات واحترام حقوق الإنسان لا يمكنه أن يقنع شركة عالمية كبرى بالاستثمار بها، وبلداً يصادر حقوق العمال ويحظر الإضرابات العمالية لا يمكن للعامل فيه أن ينتج ويجتهد.

السؤال هنا: هل تدرك الحكومة المصرية أنها مهما صنعت المعجزات فلن تستطيع جذب استثمارات خارجية في ظل الحالة التي تعيشها البلاد حالياً، اللهم إلا إذا كنا نتحدث عن استثمارات ملطخة بالفساد وعمليات غسل أموال، وهذه أموال لا تتمنى أي دولة أن تقترب من أراضيها لأنها استثمارات مدمرة لأي دولة وطاردة لأية استثمارات نظيفة.


اقرأ أيضاً: أحكام الإعدام تخيف المستثمرين في مصر

المساهمون