التصدير يضع شركات النفط الأميركية في مأزق

24 ديسمبر 2015
شركات النفط الصخري لن تستفيد من رفع حظر التصدير(Getty)
+ الخط -
فيما وافق الكونغرس الأميركي على رفع حظر تصدير النفط الأميركي إلى الخارج ضمن صفقة الميزانية الجديدة، يرى خبراء أن خطوة تصدير النفط جاءت متأخرة وربما لا تكون ذات فائدة بالنسبة للشركات الأميركية، خاصة تلك التي تنتج النفط الصخري، حيث تتساوى حالياً أسعار الخامات الخفيفة من نوعية برنت مع سعر الخام الخفيف الأميركي من نوعية غرب تكساس.
وكانت أميركا قد حظرت تصدير النفط الأميركي قبل 40 عاماً. ولكن جاءت خطوة رفع الحظر عن النفط في وقت تشهد فيه السوق النفطية ضعفاً غير مسبوق وتعاني من تخمة نفطية تفوق الطلب العالمي بأكثر من مليوني برميل، كما تشهد تنزيلات سعرية كبيرة وتنافساً على الأسواق بين كبار المنتجين. وهو ما جعل خام برنت في عقود منتصف يناير/ كانون الثاني في لندن بسعر أقل من سعر خام غرب تكساس.
وحسب محللين فإن هذه الخطوة تعني عملياً أن شركات النفط الصخري، التي كانت تأمل أن يساهم رفع حظر النفطي في تحسين أوضاعها، ستخسر إذا صدرت نفوطها إلى الخارج. ويتنافس خام غرب تكساس الذي يعد الخام القياس لأسعار الخامات التي تنتجها شركات النفط الصخري مع خام برنت العالمي الذي يقيس معظم الخامات الخفيفة في العالم.
وحسب رويترز ارتفعت أسعار النفط الأميركي مسجلة‭‭‭ ‬‬‬علاوة سعرية فوق خام برنت في التعاملات الدولية أمس الأربعاء بعد أن أظهر تقرير هبوطاً غير متوقع في المخزونات الأميركية مع احتمالات زيادة حجم الصادرات في سوق النفط الذي يعاني بالفعل من تخمة كبيرة في المعروض.
وجرى تداول عقود خام غرب تكساس الوسيط في العقود الآجلة استحقاق شهر عند 36.47 دولارا للبرميل بحلول الساعة 0744 بتوقيت غرينتش مرتفعا 33 سنتاً عن آخر سعر للتسوية. كما جرى تداول خام برنت في وقت سابق عند مستوى متدن بلغ 36.28 دولارا للبرميل منخفضاً عن خام غرب تكساس الوسيط بعد أن ظل لفترة طويلة متفوقاً على الخام الأميركي ليتجاوز الأخير خام القياس العالمي بعلاوة سعرية بسيطة للمرة الأولى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2014 الذي شهد نفس الوضع لفترة قصيرة.
وفي الساعات المتبقية من التداولات الآسيوية ظلت أسعار عقود الخامين متساوية تقريباً حيث جرى تداول برنت بسعر 36.51 دولارا للبرميل أمس. وباستثناء نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي ظل خام غرب تكساس الوسيط أقل سعراً من برنت منذ 2010.
وتجاوز سعر الخام الأميركي سعر برنت في العقود الآجلة تسليم 2016 معظم الأوقات في ديسمبر/كانون الأول.
وبالتالي يرى خبراء أن قرار رفع الحظر عن تصدير النفط الأميركي لن يفيد شركات النفط الصخري الأميركية التي تعاني من ضائقة مالية وتعرض بعضها للإفلاس، فيما جرى إعادة تقييم لأصولها في البورصة الأميركية بناء على معلومات الاحتياطات القابلة للاستخراج التي سجلتها قبل عامين، وثبت الآن أن معظم هذه الاحتياطات غير قابلة للاستخراج في ظل الأسعار المتدنية حالياً.
في هذا الصدد يقول الخبير الأميركي مايكل ليفي من مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، "إلغاء الحظر على تصدير النفط سيكون ذا أثر محدود على زيادة إنتاج النفط الصخري، ربما لن يرفع الإنتاج بأكثر من بضع مئات الآلاف من البراميل على المدى الطويل".
لكن خبراء آخرين يرون أن الشركات الأميركية ستخسر في حال تصدير النفط الصخري في ظل اختفاء العلاوة السعرية بين خام غرب تكساس وخام برنت.
ويشيرون في هذا الصدد إلى أن سعر شحن برميل النفط الصخري من الموانئ الأميركية إلى موانئ شمال غربي أوروبا يقدر بأكثر من ثلاثة دولارات، وإذا أضفنا كلفة دولار أخرى لإيصال البرميل من الحقول الأميركية إلى الموانئ الأميركية، فهذا يعني أن الشركات الأميركية تحتاج إلى علاوة سعرية تفوق حوالي 5 أو 6 دولارات على الأقل لتحقيق أرباح.
ويقصد بالعلاوة السعرية الفارق بين خام غرب تكساس وخام برنت. وكان خام برنت يباع في الظروف العادية وحتى العام الماضي بسعر يفوق 10 دولارات في أوروبا عن سعر خام غرب تكساس في بورصة نيويورك.
يذكر أن شركات النفط الصخري الأميركية تنتج نوعيات النفط الخفيف الحلو الذي يتنافس في الأسواق العالمية مع خام برنت.
وقبل 2010 كان خام غرب تكساس الوسيط غالبا يتفوق على برنت بعلاوة سعرية حين لم يكن النفط الصخري الأميركي قد بدأ بعد في الازدهار وهو ما كان معناه وقتها أن أكبر مستهلك للنفط في العالم كان يستورد كميات أكبر من الخام والوقود.
ومنذ ذلك الحين هبطت واردات الولايات المتحدة البترولية من أعلى مستوى لها، والذي بلغ نحو 14 مليون برميل يوميا إلى نحو تسعة ملايين برميل يومياً بحسب البيانات الحكومية الأميركية.

اقرأ أيضا: أميركا تتجه لتصدير النفط

لكن مع تراجع إنتاج النفط الصخري وإلغاء الحكومة لحظر تصدير الخام الذي استمر لعقود، من المحتمل أن تتقلص السوق الأميركية بينما تستمر الإمدادات العالمية في التزايد على خلفية زيادة إنتاج روسيا ومنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
وعلى الرغم من أنه من غير المتوقع أن تكون هناك صادرات كبيرة على الفور، من المرجح أن يتدفق بعض النفط الأميركي من الولايات المتحدة على الأسواق العالمية العام المقبل.
وربما تكون الأسواق الآسيوية هي الوحيدة التي ستمنح عقوداً للخام الأميركي، ولكن حتى هذه الأسواق، فإنها باتت تحصل على حسومات كبيرة من قبل منتجي النفط في السعودية والعراق وإيران وروسيا.
وكما هو معروف، فإن السوق النفطية التي تعاني من تخمة متزايدة في المعروض باتت سوق مشترين أكثر منها سوق بائعين.

ومن غير المعقول أن تمنح الشركات الآسيوية أسعارا أعلى بكثير للخام الأميركي الخفيف، مقارنة بالأسعار البخسة التي تحصل عليها من الخامات الأفريقية والعراقية والإيرانية.
يذكر أن العراق باعت عقود مليار برميل إلى المصافي الأميركية خلال الشهر الماضي بسعر يقل عن 30 دولاراً للبرميل، وهو ما جعل شركات المصافي الأميركية تتخلى عن بعض عقودها مع شركات النفط الصخري.
ويلاحظ أن الشركات الأميركية تتاجر في المنتجات النفطية المكررة، أي أنها تشتري أية كميات ممكنة، حينما تكون الأسعار رخيصة وتقوم بتكريرها وبيعها في منتجات ديزل وكيروسين وغازولين في الأسواق الأوروبية والآسيوية.
وفي أول إشارة إلى حصول شركات النفط الصخري على بعض العقود، قالت وزارة التجارة والصناعة والطاقة في كوريا الجنوبية أمس الأربعاء إن البلاد تتوق إلى زيادة تنويع موردي النفط من خلال التطلع إلى إمدادات أميركية وإيرانية مع توافر المزيد من الصادرات من البلدين.
وقالت الوزارة في بيان إن البلاد ترحب بإلغاء حظر تصدير النفط الذي استمر 40 عاما في الولايات المتحدة ورفع العقوبات المنتظر في إيران. وكوريا الجنوبية خامس أكبر مستورد للنفط الخام في العالم ومن المشترين الكبار للنفط الإيراني.
وقال البيان "إذا رفعت العقوبات المفروضة على إيران فإن المصافي تتوقع زيادة وارداتها من النفط الإيراني لتصل إلى المستوى السابق لفرض العقوبات". وأضاف أن منشآت التكرير تتطلع إلى استيراد المكثفات الأميركية مع ضعف إمدادات الخام الخفيف في آسيا الآن.
وأضاف البيان أن منشآت التكرير في كوريا الجنوبية ستدرس استيراد إمدادات من المكثفات الأميركية إذا نزل سعر خام غرب تكساس الأميركي الوسيط أربعة إلى ستة دولارات للبرميل دون سعر خام دبي.
ومن المتوقع أن تستورد الشركات اليابانية بعض الخامات الأميركية، وربما كذلك الصين، ولكن هذه العقود لن تشكل زيادة تذكر في إنتاج الشركات الأميركية وبالتالي لن تفك الضائقة المالية التي تضغط على الشركات الأميركية.
وحسب محللين آسيويين، فإن اليابان وبعض دول جنوب شرقي آسيا تفضل النفط الأميركي على أنواع النفوط الأخرى، لأسباب أهمها أن أميركا سوق مضمون وثابت، كما أن هذه الواردات تصب في إطار تقوية العلاقات السياسية والاقتصادية.
ولكن رغم ذلك يؤكدون أن احتمال إيجاد النفط الصخري الأميركي لعقود كبيرة وطويلة الأجل في آسيا سيكون مرهوناً بالفارق السعري بينه وبين خام برنت.

اقرأ أيضا: المناظرات الرئاسية الأميركية والعرب
المساهمون