تجّار العراق يتهمون المليشيات بابتزازهم مالياً

18 نوفمبر 2015
مليشيات العراق تؤرق حياة التجار (Getty)
+ الخط -
يشير العراقيون بأصابع الاتهام إلى المليشيات المسلحة في حصول عمليات ابتزاز وسرقات لكسب مبالغ مالية، بالاعتماد على ما تمتلكه من قوة وسلاح وسيارات أمنية، لافتين إلى أن المليشيات زادت قوة بعد تأسيس "الحشد الشعبي".
وانتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة قيام المليشيات بابتزاز التجار بحجة التبرع لـ "الحشد الشعبي"؛ كونه يقاتل بالنيابة عن العراقيين، وفق زعمهم، فيما يؤكد بعض التجار أن الابتزاز أجبرهم على التفكير في الهرب من العراق وترك تجارتهم المربحة وأعمالهم، حفاظاً على حياتهم وممتلكاتهم.
وقال تاجر يعمل في تجارة السيراميك لـ"العربي الجديد" إن أسلوب المليشيات يرعب التجار، فهم بحسب قوله، يعلمون الأرباح التي يجنيها التجار من تجارتهم، موضحاً مع طلبه التحفظ على كشف هويته، لخوفه من "بطش المليشيات"، أن "الابتزاز طريقة تجعلنا نفكر بخطر أكبر لا سيما أن القوات الأمنية على علم بما يجري، لكنها لا تستطيع فعل شيء إزاء ذلك".
من جهته، أكد محسن الربيعي ويعمل في تجارة المواد الغذائية، لـ"العربي الجديد" أن المليشيات تفرض عليه إتاوات مضاعفة، فهو بالإضافة إلى قيامه بدفع مبلغ يصل إلى نحو 5000 دولار شهرياً، يدفع كذلك مبلغ 2000 دولار نظير سلامة منزله وعائلته.
وأضاف: "أدفع لعناصر من المليشيات لمحلاتي وأدفع لأخرى بعد تصريحهم لي أنهم فقط من يحمون مخازني، وكذلك لآخرين يدّعون أنهم يحمون منزلي وعائلتي، وإن لم أدفع فهم غير مسؤولين عن حصول ضرر"، لافتاً إلى أن "تهديداتهم كانت واضحة، وهو ما دعاني إلى تصفية تجارتي في بغداد والسفر إلى تركيا، للبدء بتأسيس عمل جديد بعيداً عن سطوة المليشيات" وفق قوله.
"الشارع العراقي يعلم جيداً حقيقة ما يدور، فما عاد هناك من سر، المليشيات هي المسيطر الحقيقي على الشارع، والفارضة إرادتها على كل شيء، وعلينا أن نرضى بما يجري، أو نعترض فنقتل، أو نهرب من وطننا، تلك الخيارات الثلاثة لا رابع لها"، هكذا قال بشير ناجي، الذي تعرض للخطف عقب تسلمه حوالة مالية وردته من شقيقه في البصرة (جنوب العراق).
وأضاف لـ"العربي الجديد" أن الخاطفين "كانوا يعلمون جيداً بمقدار المبلغ الذي تسلمته، والبالغ نحو 20 ألف دولار، وسرعان ما أدخلوني إلى سيارتهم وكان لونها ونوعها يدلان على أنها من سيارات القوات الأمنية، لكني سرعان ما أدركت أنهم مليشيات، فبادروا إلى سحب حقيبتي بقوة، وأمروني أن أسكت وأنزلوني على طريق سريع شرق بغداد".


اقرأ أيضا: العراق: مليشيات تفرض "تبرعات إجبارية" على التجار

وكان مصدر أمني محلي في محافظة البصرة قد قال لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق إن مليشيات متنفذة فرضت تبرعات إجبارية على ميسوري الحال في المحافظة من التجار وأصحاب المحال التجارية وملاك العقارات، مبيناً أن مراكز الشرطة في المحافظة تلقت عشرات الدعاوى ضد عناصر الحشد الذين استوفوا خلال أيام مبالغ مالية وصلت إلى 50 مليون دينار عراقي، ما يعادل (40 ألف دولار).
وفي سياق آخر، أثار الرعب المواطنين وموظفي الدوائر الحكومية، بعد حصول سرقات رواتب موظفين من قبل مليشيات مسلحة، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تم خلالها سرقة رواتب موظفي قسم الشؤون الفنية ورواتب مدرسة ذات الصواري، بالإضافة إلى سرقة رواتب موظفي معمل الورق.
وأكد موظفون في وزارة التربية العراقية لـ"العربي الجديد"، أن الحوادث جميعها متعلقة بالمليشيات المسلحة، وهو ما يبث الرعب في قلوبهم ويتوقعون حصوله في أي وقت؛ "فالأمر ليس بالجديد" وفق حسين الركابي، الذي يعمل محاسباً مالياً في الوزارة.
وبين الركابي أن "سرقات عديدة وقعت في أوقات سابقة، كان ضحيتها كوادر المدارس، بعد كمين لسرقة رواتبهم، عقب خروج المحاسب ومن برفقته من المصرف، دون أن تتخذ الحكومة أي إجراءات رادعة".
وتزامنت حملة التبرعات التي تنفذها المليشيات مع الحديث عن تخفيض المبالغ المخصصة لها في الموازنة المالية لعام 2016، فيما يؤكد القيادي في الحشد الشعبي علي الشويلي، أن "الحشد الشعبي هدفه الحفاظ على حياة المواطنين وأمنهم، ولا يبادر إلى مثل هذه الأفعال الإجرامية".
وأضاف الشويلي لـ"العربي الجديد" أن "هناك من يتخذون من الحشد الشعبي وسيلة للكسب، بالانتماء إليه والعمل تحت رايته، وهم بعيدون كل البعد عن المعاني السامية التي يتحلى بها الحشد، وهؤلاء موجودون في كل مكان وليس فقط في الحشد".
ويطالب مراقبون الحكومة العراقية بمعاقبة ضباط الجيش والشرطة والمرور المسؤولين عن فرض تلك الإتاوات التي تسببت برفع أسعار المواد الغذائية والسلع بأكثر من 25% خلال الشهرين الماضيين.

اقرأ أيضا: الحشد يفرض على العبادي زيادة موازنته من مخصصات الوزارات
المساهمون