"العربي الجديد": قطع المكالمات يُثري شركتي الخليوي في لبنان

09 مايو 2014
+ الخط -
تشكل الضرائب غير المباشرة التي تجبيها الدولة اللبنانية من كل فاتورة هاتف خليوي في لبنان حوالى 65 في المئة من قيمة الفاتورة، وفي المقابل تقدم شركات الهاتف الخليوي أسوء خدمة اتصالات بأغلى سعر عالمي. إلا أن الجور لا يتوقف على الضرائب غير المباشرة، إذ إن شركتي الهاتف الخليوي "ألفا" و"تاتش" اللتين تحتكران تقديم خدمة الاتصال الخليوي في لبنان، واللتين تشغلهما الدولة اللبنانية، تجنيان ملايين الدولارات عن كلّ ثانية يتم خلالها قطع خدمة الاتصال في لبنان.

الربح من رداءة الاتصال

أجرت "العربي الجديد" دراسة صغيرة، تربط ما بين كلفة ثانية التخابر الخليوي، والانقطاع المتكرر في مكالمات الاتصال الخليوي. وتبين أن المواطن اللبناني من خلال معاناته من سوء خدمة الاتصالات الخليوية، يزيد من أرباح شركات الخليوي بين مليون و300 ألف دولار و9 ملايين دولار يومياً. وبذلك، في حال انقطعت المكالمات الهاتفية عن كل مواطن مرة واحدة يومياً (وهذا نادراً ما يحدث، إذ تنقطع على الأقل مرتين إلى ثلاث مرات يومياً) حينها يخسر المواطنون وتربح الشركات حوالي 39 مليوناً و120 ألف دولار شهرياً، ويصل المبلغ إلى 68 مليوناً و310 آلاف دولار شهرياً في حال تم احتساب الضرائب غير المباشرة التي يدفعها المواطن عن كل ثانية اتصال بالخليوي!

إذ تحتسب شركتا الخليوي كلفة الاتصال عبر خط الهاتف المدفوع سلفاً بـ 36 سنتاً لكل دقيقة اتصال، و11 سنتاً لكل دقيقة اتصال عبر خط الهاتف الخليوي الثابت. في حين يشير تقرير لـ"جمعية المستهلك" في لبنان أنه في حال إضافة الضرائب وكلفة الاشتراك بخدمة الخليوي، تصبح كلفة الدقيقة الواحدة للاتصال عبر البطاقات المدفوعة سلفاً (بطاقة يتم شراؤها وتحوي عدداً محدداً من الدقائق) حوالى 63 سنتاً، و18 سنتاً لدقيقة الاتصال عبر الخط الثابت للخليوي (أي خط مفتوح للاتصال تسدد كلفة اتصالاته بشكل شهري).

وبذلك، حين يقوم المواطن بالاتصال، وينقطع الاتصال بعيد إجرائه المكالمة، يخسر كلفة توازي سعر الدقيقة إن كان في الخط الثابت أو المدفوع سلفاً. ومن البديهي أن يقوم المواطن الذي انقطعت مكالمته، بإجراء مكالمة ثانية، ما يعني زيادة الكلفة على المواطن وزيادة أرباح الشركات. 

كل ثانية تحتسب دقيقة 

ومنذ أيام، شكا وزير الاتصالات اللبنانية بطرس حرب، من أداء شركتي الخليوي "أوراسكوم تلكوم" التي تملك شركة "ألفا"، و"شركة الاتصالات المتنقلة" التي تملك شركة "تاتش".

ووجّه حرب، إنذاراً إلى الشركتين "نتيجة الأعطال التي طرأت بوتيرة غير مسبوقة على شبكة الهاتف الخليوي أدت إلى انخفاض مستوى جودة الخدمة". وأضاف: "من حق اللبنانيين وكل مستخدمي شبكة الخليوي التمتع بإجراء مكالمات هاتفية بسهولة من دون الاضطرار إلى تكرار الاتصال 3 و 4 مرات للمكالمة الواحدة، ولا سيما أن المواطن يدفع للدولة وللشركتين فاتورة مرتفعة، ويُسجّل عليه كسر الدقيقة كأنه دقيقة (أي أن الثانية تحتسب دقيقة)، وهذا عيب وسرقة لا تجوز".

ويشرح رئيس "جمعية المستهلك" زهير برو في حديث مع "العربي الجديد" أن ما يزيد من أرباح شركتي الخليوي هو احتساب الثانية كأنها دقيقة، وبالتالي حين ينقطع الاتصال لا يخسر المتصل ثوانٍ وإنما دقيقة كاملة. ويلفت إلى أن "كل مواطن يعاني من انقطاع الاتصال بين مرتين إلى ثلاث مرات يومياً، وتصل الانقطاعات إلى أكثر من 4 مرات في مناطق الأطراف حيث شبكة الهاتف أكثر تعاسة. بحيث أن شبكة الهاتف في لبنان لا يتم صيانتها دورياً وهي صغيرة ولا يتم الاستثمار في توسعتها لكي تستقبل دفق المشتركين بالهاتف الخليوي".

ويؤكد برو على أن انقطاع الاتصال يحصل في الكثير من دول العالم، إلا أن الشركات تعيد إلى حساب المشترك ما خسره من ثوان خلال انقطاع الاتصال. ويشك برو بأن قطع المكالمات ليس ناتجاً دائماً عن أعطال في الشبكة، وإنما يكون مقصوداً لكي تجني شركتا الخليوي أرباحاً إضافية. 

منهجية البحث 

قامت "العربي الجديد" بالانطلاق من وجود 3 ملايين و900 ألف مشترك بالهاتف الخليوي في لبنان، وفق آخر تقرير لوزارة الاتصالات في نهاية العام 2013. بينهم 400 ألف مشترك فقط بخط الهاتف الثابت الذي يتم دفع فاتورة شهرياً. في حين أنه يوجد حوالى 3 مليون و500 ألف مشترك يشترون بطاقات مدفوعة سلفاً لإجراء الاتصالات الخليوية، وفق معطيات جمعية المستهلك في لبنان.

ووفق قرار وزارة الاتصالات، فإن كلفة الدقيقة الواحدة للاتصال عبر الخط الثابت محددة بـ 11 سنتاً، في حين أن كلفة دقيقة الاتصال عبر الخطوط المدفوعة سلفاً هي 36 سنتاً.

إلا أن كل مشترك يدفع تكاليف إضافية لإجراء مكالمات عبر الخط الخليوي، وهذه التكاليف تعتبر من الضرائب المباشرة، وترفع كلفة الدقيقة للخط الثابت إلى 18 سنتاً، وكلفة الدقيقة في الخطوط المدفوعة سلفاً 63 سنتاً، وفق ما تؤكد جمعية المستهلك في لبنان.

ووفق هذه المنطلقات، تم تحديد كلفة الخسارة التي يتكبدها المشتركون بالخطوط الخليوية عند انقطاع المكالمات الهاتفية، بحيث يراوح عدد انقطاع اتصال كل مشترك في الخطوط الخليوية بين انقطاع واحد إلى 4 انقطاعات يومياً. وتم توزيع الأكلاف بين المشتركين بالخط الثابت، ومن ثم المشتركين بالخطوط المدفوعة سلفاً، ومن ثم تم احتساب كلفة الخسائر التي يتكبدها كل المشتركين بالخطوط الخليوية، ما يعني احتساب أرباح شركتي الخليوي الناتجة من انقطاع الاتصالات بشكل يومي.

 وبالتالي، يخسر المشتركون بالخطوط الخلوية الثابتة، وتربح شركتا الخليوي، من جراء انقطاع المكالمات الهاتفية ما قيمته بالدولار الأميركي:

 

ومن الخطوط الخلوية المدفوعة سلفاً:




وتربح الشركات من كل الخطوط الخليوية العاملة في لبنان من جراء انقطاع المكالمات الهاتفية يومياً:




دلالات
المساهمون