تواجه 11 دولة التخلف عن سداد الديون مع تباطؤ النمو الاقتصادي وتزايد الأعباء المالية خلال الـ 12 شهراً المقبلة، لتلحق بدول سريلانكا ولبنان وزامبيا التي دخلت في تخلف تاريخي عن الوفاء بالتزاماتها، وفق تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية.
وتتركز المخاطر في الاقتصادات الصغيرة، بينما من المرجح أن تظل معظم البلدان النامية الكبيرة محصنة، حتى لو اشتدت الضغوط. وبحسب التقرير الذي تطرق إلى وضع 41 دولة ناشئة، فإن هناك 11 دولة لديها احتمال التخلف عن سداد القروض بنسبة أعلى من 10%.
تتضمن القائمة تونس وباكستان والأرجنتين والإكوادور وإثيوبيا وكينيا، فمعظمها لديها ديون تزيد عن 60% من الناتج المحلي الإجمالي، وتعاني من نقص الدعم من الأسواق المالية، بينما تتجاوز معظم العوائد على الديون الدولارية 20%.
وتتضافر عدة عوامل في زيادة مخاطر الديون في الأسواق الناشئة، منها ارتفاع إجمالي الديون إلى ما يقرب الثلثين من الناتج الإجمالي المحلي هذا العام، بينما كانت النسبة تزيد قليلاً عن 50% في عام 2019، إذ أدت تداعيات وباء كورونا والحرب الروسية في أوكرانيا إلى زيادة الإنفاق العام. كما لعبت أسعار الفائدة الآخذة في الارتفاع بسرعة غير مسبوقة عالمياً منذ أربعة عقود في جعل خدمة الديون المقومة بالعملة الأجنبية أكثر عبئاً.
وتسبب كذلك ضعف أسعار الصرف في الأسواق الناشئة في زيادة تكلفة الدين الخارجي، حيث هوت قيمة معظم العملات بأرقام مضاعفة تتجاوز الـ10% مقابل الدولار منذ نهاية عام 2020. كما أدت سياسة البنوك المركزية في الدول النامية لرفع أسعار الفائدة بقوة أكبر من الولايات المتحدة، لكبح التضخم ومنع المزيد من الضعف للعملة، في زيادة عبء الدين العام للدولة.
من جهة أخرى، من غير المرجح أن تتخلف إندونيسيا والفيليبين وفيتنام عن السداد، حيث إن رصيد ديونها أكثر تواضعاً، ويقل معظمه عن 45% من الناتج المحلي الإجمالي. وتسجل تلك الدول معدل نمو سريع نسبياً أكثر من 5% سنوياً. وتكافئ الأسواق المالية تلك الدول بأسعار فائدة منخفضة نسبياً.
وبالنسبة لمصر التي واجهت صعوبات مالية مع اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا نهاية فبراير/ شباط الماضي، فإن هناك مخاطر نسبية أقل فيما يتعلق بالتخلف عن سداد الديون.
وبحسب بلومبيرغ فإن حدوث أزمة ديون عالمية على غرار ما حدث إبان فترة الثمانينيات من القرن الماضي لا تزال مستبعدة، مشيرة إلى أن قلة من البلدان معرضة لخطر التخلف عن السداد اليوم، مقارنة بأربعة عقود مضت.
ورغم ذلك يمكن أن تؤدي حالات التخلف عن السداد إلى تفاقم الوضع السيئ في الدول، كما تظهر التجربة الأخيرة في لبنان وسريلانكا. وفي كلا البلدين، كانت فترات الركود عميقة، والتضخم مرتفع للغاية والوضع السياسي غير مستقر.
ويعيش لبنان الآن في ثالث سنة من الانهيار المالي، الذي جعل ثمانية من كل عشرة أشخاص، فقراء، وفق البنك الدولي، الذي اتهم في تقرير له مطلع أغسطس/ آب الماضي، السياسيين اللبنانيين بالقسوة والانتهازية، مشيراً إلى أن "إضعاف تقديم الخدمات العامة جاء بشكل مُتعمد لإفادة فئة محدودة على حساب الشعب اللبناني".