اقتصاد ليبيا يواجه الانهيار في غياب الاستقرار

14 فبراير 2014
ليبيا تشهد يومياً خروقات أمنية
+ الخط -

 

قالت دراسة بحثية نشرها أخيراً أحد مواقع البحث في الامم المتحدة إن الاقتصاد الليبي يواجه الانهيار الكامل اذا لم يحدث استقرار سياسي حقيقي وتتوقف المليشيات المسلحة عن تخريب المنشآت النفطية في ليبيا. وكان صندوق النقد الدولي قد حذّر في توقعاته عن الاقتصاد الليبي في نهاية العام الماضي من أن الحكومة الليبية لن تتمكن من تمويل معدل الإنفاق الحالي اذا لم ترجع معدلات انتاج النفط الى مستوياتها قبل الثورة الشعبية التي أسقطت نظام العقيد القذافي. وتواجه ليبيا أزمة نفطية حقيقية منذ بداية العام الماضي وسط احتجاجات ميليشيات متناحرة تعيق وتخرب خطوط الانتاج والمنشآت النفطية. وكانت ليبيا تنتج في العام 2010 حوالى 1.7 مليون برميل يومياً حسب احصائيات منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، لكن إنتاجها النفطي انخفض الى حوالى 460 ألف برميل يومياً، حسب تصريحات المتحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا اليوم. وكثيراً ما تغلق مجموعات مسلحة وثوار سابقون خطوط انابيب أو يحتلّون حقولاً نفطية للضغط على الدولة لتلبية مطالبهم مع محاولة ليبيا التغلب على عدم الاستقرار بعد حوالى ثلاثة أعوام من الانتفاضة الشعبية.

ورسمت الدراسة التي اجراها الباحثان محسن خان وسيفتلانا ميلبيرت سيناريوهين لمستقبل الاقتصاد الليبي في العام 2014. وبنت الدراسة كلا الاحتمالين على الاستقرار السياسي في ليبيا وتكوين حكومة وحدة وطنية تلم شمل الشعب الليبي. يقول السيناريو الاول المتفائل "في حال حدوث الاستقرار السياسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية فإن إنتاج النفط الليبي سيعود الى مستوياته في العام 2012 ، كما سيعود دخل الصادرات النفطية والرصيد الاجنبي الى مستوياته العادية، وسينمو الاقتصاد بمعدل كبير في العام الحالي 2014، وربما بمعدل نموه نفسه في العام 2012". ويذكر أن كلاً من صندوق النقد والبنك الدولي يرجحان حدوث هذا السيناريو المتفائل ويتوقعان ارتفاع  اجمالي الناتج المحلي بنسبة 25% خلال العام الجاري. وفي المنحى المتفائل ذاته وان كان بحذر، وضعت وحدة دراسات "الايكونومست" "ايكونومست انتيليجنس يونت" البريطانية ليبيا على رأس قائمة الدول العشر الاسرع نمواً في العالم لعام 2014.

أما السيناريو الثاني، وهو السيناريو المتشائم، فقد افترض عدم وجود اتفاق سياسي داخلي بين الفصائل الليبية المتحاربة وبالتالي توقع أن يواصل القطاع النفطي الليبي مستويات الانتاج المتدنية لدى 300- 400 الف برميل يومياً، وهي المستويات التي كان عليها في نهاية العام الماضي. وتوقعت الدراسة في هذا السيناريو أن ينخفض الناتج المحلي الاجمالي الليبي بمعدلات تتراوح بين 15-20 %. وتوقعت كذلك أن ينخفض الناتج المحلى الليبي الى 65 مليار دولار، اي بنسبة 20%. وخلصت في هذا السيناريو الى أن الاقتصاد الليبي يواجه الانهيار الكامل اذا تواصلت هجمات المليشيات المسلحة والاضرابات العمالية في المنشآت النفطية الليبية. ويعتمد الاقتصاد الليبي بشكل رئيسي على صادرات النفط والغاز الطبيعي، حيث يمثل قطاع النفط والغاز الطبيعي 65% من اجمالي الناتج المحلي الليبي كما يمثل 96% من الصادرات الليبية و98% من اجمالي الدخل الحكومي. وقالت الدراسة إن التطور في قطاع الطاقة بليبيا يؤثر مباشرة في الاقتصاد الليبي وتنعكس آثاره مباشرة في معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي في البلاد.

ولاحظت الدراسة أن المرحلة الانتقالية نحو الديموقراطية التي أعقبت تغيير الحكم واغتيال العقيد القذافي وما تبعها من تداعيات امنية واضطرابات عمالية ضربت الاقتصاد الليبي وأدّت الى انخفاض كبير في انتاج النفط الليبي، حيث انخفض من 1.7 مليون برميل يومياً الى 500 الف برميل، وهو قريب من مستويات الانتاج الحالية التي تفوق قليلاً نصف مليون برميل يومياً. وقالت إن هذا الانخفاض الكبير في معدل انتاج النفط أدى الى شبه انهيار في الاقتصاد الليبي، حيث انخفض الناتج المحلي الليبي في هذه الفترة بمعدل 62% وانخفضت سائر مكوّنات الدخل الوطني الليبي التي تعتمد بشكل أو بآخر على النفط بمعدل 52%. وقالت الدراسة إنه في عام واحد نخفض الناتج المحلي الليبي من 75 مليار دولار في العام 2010 الى 35 مليار دولارفي العام 2011.

لكنها قالت أيضاً إنه مع عودة الاستقرار الى ليبيا في العام 2012 بدأ الاقتصاد الليبي يستفيد من عودة النفط إلى التدفق، حيث ارتفع الانتاج النفطي الى 1.4 مليون برميل يومياً مقترباً من مستوياته قبل الثورة. وأشارت الدراسة الى أن الناتج المحلي الليبي سجل بعد العودة القوية لقطاع النفط أكبر قفزاته، حيث ارتفع الناتج المحلي الليبي الى 81 مليار دولار في العام 2012. لكن منذ دخول العام 2013 ومع عودة المليشيات المسلحة لاستهداف آبار النفط وتجدد الاضرابات العمالية ومحاولة القوى المسلحة في ليبيا الحصول على مكاسب سياسية عبر السيطرة على الآبار النفطية، بدأ انتاج النفط الليبي في الانخفاض. وقالت الدراسة ان انتاج النفط الليبي انخفض من 1.4 مليون برميل يومياً في بداية العام 2013 الى 300 الف برميل فقط بنهاية العام الماضي. وكانت تقديرات صندوق النقد الدولي تتوقع للاقتصاد الليبي نمواً بحوالى 5.0% في العام الماضي، لكن الدراسة لاحظت أن دخل الصادرات الليبية التي يتكون معظمها من النفط انخفضت بنهاية العام الماضي الى 13 مليار دولار فقط عن مستوياتها في بداية العام البالغة 27 مليار دولار.

المساهمون