استمع إلى الملخص
- تتزايد الخلافات داخل "أوبك" مع ضغط بعض الأعضاء لزيادة الإنتاج، وتواجه السعودية معضلة في اجتماع "أوبك+" المقبل بين الدفاع عن الأسعار أو استعادة حصتها في السوق.
- تتعرض "أوبك+" لتآكل نفوذها الجيوسياسي مع زيادة الإنتاج من دول أخرى، وتسعى السعودية للحفاظ على تماسك المنظمة لمواجهة تحديات السوق.
على مدار عقود، تمتّعت السعودية بنفوذ كبير في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إلا أن الفترة الأخيرة أظهرت تراخي قبضة المملكة على سوق النفط العالمية، إذ لم تعد قادرة على فرض قراراتها المتعلقة بالإنتاج أو الأسعار على بقية أعضاء المنظمة، وفقاً لما ذكرته صحيفة وول ستريت الأميركية.
ووفقاً للصحيفة، واسعة الانتشار، تواجه المملكة تحديات في تنفيذ خطتها للحفاظ على أسعار النفط مرتفعة، إذ تحتاج السعودية إلى أسعار أعلى لتمويل مشاريعها الضخمة، التي تبلغ قيمتها تريليون دولار، والهادفة إلى تحويل اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط. وتواجه خطط المملكة في سوق النفط تحديات من الدول الغربية، إذ إن ارتفاع الأسعار يثقل كاهل المستهلكين ويرفع من مخاطر عودة التضخم على مستوى العالم.
وداخل منظمة أوبك، تزايدت الخلافات بين الأعضاء، حيث يضغط البعض لزيادة الإنتاج لتحقيق أرباح قصيرة الأجل. ويرجع ذلك جزئيًّا إلى توقع تصاعد المنافسة في سوق النفط العالمية من منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، الذين بدأوا يعدون العدة للتوسع في إنتاجه مع عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وقال ترامب في "خطاب النصر" في 6 نوفمبر/تشرين الثاني: "لدينا ذهب سائل أكثر من أي دولة في العالم، أكثر من السعودية، وأكثر من روسيا".
وتضع هذه التطورات القيادة السعودية، كما تقول الصحيفة، أمام معضلة مع اقتراب اجتماع "أوبك+" المقرر يوم الخميس: فإما الاستمرار في الدفاع عن أسعار النفط، أو العمل على استعادة حصتها في السوق. وتبدو السعودية غير مستعدة لبدء حرب أسعار جديدة، إذ تشير التقارير إلى أن المملكة ستبقي على تقليص إنتاجها حتى العام المقبل، في ترحيل جديد لخططٍ سبق تأجيلها مرتين. وفي المقابل، سمحت "أوبك+" للإمارات العربية المتحدة بإضافة مزيد من البراميل إلى السوق بدءًا من يناير/كانون الثاني، كما تضغط كل من العراق وكازاخستان على المنظمة لزيادة إنتاجهما، ما قد يزيد العرض ويدفع الأسعار للانخفاض.
وتعرضت "أوبك+"، التي تضم السعودية وروسيا إلى جانب دول أخرى كبرى منتجة للنفط، لتآكل نفوذها الجيوسياسي، خاصة في واشنطن. وقال مسؤول أميركي لـ"وول ستريت جورنال" إن قدرة "أوبك" على التحكم في السوق أصبحت أقل مما يمكن تصوره، في ظل زيادة الإنتاج من دول أخرى مثل البرازيل وكندا وغيانا.
وظهرت التوترات بين أعضاء "أوبك+" إلى العلن، حيث نشر مندوب إيراني في "أوبك+" تعليقًا عبر وكالة أنباء حكومية ينتقد فيه السياسة السعودية الرامية للحفاظ على ارتفاع الأسعار، مشيرًا إلى أنها دفعت الولايات المتحدة ومنتجين آخرين إلى ضخ المزيد. وغادرت أنغولا المنظمة، وهناك تكهنات بأن دولًا أخرى قد تحذو حذوها. وفي عام 2021، وصل سعر النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، وكان الرئيس بايدن يناشد السعودية لزيادة الإنتاج.
لكن مع تراجع الأسعار إلى أقل من 75 دولارًا للبرميل، تواجه "أوبك+" تحديات أمام تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، وتحسن كفاءة استخدام الوقود. وتشير التوقعات إلى أن العرض العالمي قد يتجاوز الطلب بأكثر من مليون برميل يوميًّا العام المقبل إذا لم تخفض "أوبك+" الإنتاج. وفي الوقت نفسه، يحذر المحللون من أن الاستثمارات الزائدة في قطاع النفط ستؤدي إلى فائض يضغط على الأسعار.
ورغم سعيها خلال السنوات الأخيرة لتقليل اعتماد اقتصادها على النفط، من خلال مشاريع ضخمة يمكن دعمها باستضافة إكسبو 2030 وكأس العالم 2034، تجد السعودية نفسها مضطرة للحفاظ على تماسك "أوبك+" للتعامل مع فترة قد تشهد أسعارًا أقل كثيرًا من المستويات التي ترغب فيها. ويرى البعض أن استراتيجية المملكة تعتمد على الانتظار حتى يبلغ إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة ذروته في السنوات المقبلة. وترى "وول ستريت جورنال" أن مهمة الحفاظ على نفوذ "أوبك+" هي أمر حاسم لضمان استقرار الأعضاء خلال هذه المرحلة التي قد تشهد ضعفًا في الأسعار، وهو ما سيظل اختبارًا صعبًا للقيادة السعودية.