وول ستريت تترقب تصفية الحسابات بين "حيتان التحوط" و"حشود ريديت" الهواة

05 ابريل 2021
صناديق الاستثمار تراهن على انشغال المستثمرين الهواة بحياتهم الخاصة بعد تبدد كورونا (Getty)
+ الخط -

تترقب صناديق التحوط في سوق الأسهم الأميركية لحظة تصفية الحسابات مع حشود المستثمرين الهواة، الذين كبدوها خسائر فادحة خلال مضاربات محمومة على أسهم ضعيفة كانت الصناديق تراهن على هبوطها، لكن "الهواة" قلبوا الطاولة بتعاملاتهم غير المسبوقة لترتفع قيم تلك الأسهم إلى مستويات تفوق الخيال في بضعة أيام خلال الشهر الأول من العام الجاري.

فقد مثلت حشود المتداولين الأفراد على منصة التداول "ريديت" في الربع الأول من 2021 أكثر الفترات جموحاً في سوق الأسهم في التاريخ الحديث، وبلا شك سيكون هذا الأمر محور حديث المتخصصين في السنوات المقبلة.

وبعد تجمع هؤلاء المضاربين الصغار معا، ورفعهم لأسعار الأسهم المجهولة التي وصفها المحللون الماليون بأسهم "الميم" بمئات وآلاف النسب المئوية، وحرقهم خلال هذه العملية لعدد من صناديق التحوط المراهنين على هبوطها، يبدو أن هذه التحركات تفقد زخمها، وفق ما نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية عن خبراء في سوق المال.

ولم يتغير مؤشر يتتبع 37 من أسهم "الميم" الأكثر شعبية، خلال الشهرين الماضيين بعد ارتفاعه بنسبة 150% تقريبا في يناير/ كانون الثاني الماضي. ويقول المخضرمون في وول ستريت، إن هذا الأداء الثابت ما هو إلا بداية حركة هبوطية لن ترحم متداولي هذه الأسهم.

ولا يتعلق فتور الأداء بالأسس الهزيلة للشركات، على الأقل على المدى القصير، حيث أظهر المتداولون اليوميون المتحمسون قدرة مدهشة على تجاهل هذه الحقائق، لكنه يتعلق أكثر بتبدد وباء كورونا ببطء وبداية إعادة فتح الاقتصاد، وبالتالي سيترك أغلب المستثمرين الهواة المنازل ويبدؤون العودة للمكاتب ويخرجون للمطاعم والرحلات القريبة والبعيدة وينسون هوسهم بالمضاربات، وبمعنى آخر ميلهم الجماعي لعالم أسهم "الميم" سيضعف.

وقال مات مالي، كبير استراتيجيي الأسواق لدى صندوق "ميلر تاباك بلس ": "سينشغل الأشخاص بأشياء أخرى وعند مرحلة ما سيكون هناك "تصفية حساب كبرى.. وليس لدي شك في ذلك".

وبالطبع، أساءت وول ستريت بشكل عام تفسير تحركات حشد "ريديت" لأسابيع، ومن المحتمل أن يكون تحليلهم خاطئا الآن أيضا، ولكن تشير البيانات الأولية إلى أنهم محقون.

وتوحي أحدث التقارير أن الأميركيين الذين حصلوا على التطعيم يخططون لإجازات منتظرة منذ وقت طويل مع وصول عمليات البحث عن "غوغل فلايتس"، إلى أعلى قمة خلال الأسبوع الجاري، وفقا لمتتبع اتجاهات "غوغل"، وعلى النقيض، هبط البحث عن مصطلحات مثل "تداول الأسهم"، و"الاستثمار"، حسب ما تظهر اتجاهات "غوغل".

وقال إدوارد مويا، كبير محللي الأسواق في مؤسسة "أواندا": "أصبح تأثير شيكات التحفيز على تداولات التجزئة أضعف، ويتطلع العديد من الأميركيين لحضور الأحداث الرياضية، والسفر عبر الدولة، والذهاب في عطلات، وزيارة الأقارب والأصدقاء، وتجديد خزانة ملابسهم قبل الخروج للمطاعم والحانات والعودة إلى المكتب".

لذا يترقب حيتان وول ستريت اللحظة التي يغادر فيها المستثمرون الهواة منصات التداول، حينها تبدأ معركة تصفية الحسابات، بعد أن تعرضوا لضربات ساحقة من هؤلاء المستثمرين مطلع العام.

فقد بدأت المعركة باستهداف "حشود ريديت"، على حد وصف محللين ماليين، سهم شركة "غيم ستوب" لألعاب الفيديو وأسهم بعض الشركات النظيرة لها خلال ثلاثة أيام بين 26 و29 يناير/ كانون الثاني الماضي، ليرتفع سهم الشركة بنسبة تقارب 500% في ثلاثة أيام فقط، مواصلا صعوده بنسبة أكبر بعدها وتنتقل المضاربات المحمومة إلى أسهم شركات أخرى معظمها ترتبط بالتكنولوجيا.

وأصبحت شركة "غيم ستوب" تجسيدا لصب المتداولين الأفراد جام غضبهم على نخبة صناديق التحوط، لتصل نسبة صعود السهم إلى نحو 2460% بجانب غيره من أسهم الشركات المفضلة على منتدى "وول ستريت بيتس" الخاصة بمنصة "ريديت"، لتعم البهجة أوساط المستثمرين الهواة، بينما اعتصر الألم الكثير من صناديق التحوط التي طالما كانت تتحكم في دفة السوق في السابق.

فتلك الصناديق كانت قد راهنت عبر آلية البيع على المكشوف على تراجع أسهم "غيم ستوب" ونظيراتها بمعدلات كبيرة. والبيع على المكشوف استراتيجية تجارية أو استثمارية تستخدمها الصناديق والمصارف الاستثمارية الكبرى في تحقيق مكاسب ضخمة، عبر اقتراض أسهم الشركات لفترة قصيرة من مالكيها بهدف إرجاعها لاحقاً لهم مقابل حصول المالك على رسوم ضئيلة. وعادة ما يتم ترتيب عمليات البيع على المكشوف عبر شركات الوساطة في أسواق المال أو البورصات.

المساهمون