"وول ستريت جورنال": إسرائيل تواصل حملة تجويع قاسية على قطاع غزة

01 نوفمبر 2023
إنهم يقاسون الجوع والمرض ويبحثون عن عائلاتهم في غزة تحت أنقاض المنازل (getty)
+ الخط -

قالت "وول ستريت جورنال"، في تقرير اليوم الأربعاء، إن الجوع في غزة يتزايد مع تزايد القصف الجوي ويحاصر الفلسطينيين الذين يعيشون في القطاع وسط بحث مضنٍ عن الخبز والمواد الغذائية الأساسية الأخرى والماء، بعد أن فرضت إسرائيل حصاراً كاملاً على القطاع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. 
وذكر التقرير أن المخابز التي تزود غزة بالخبز توقفت عن العمل بسبب نقص الدقيق والوقود اللازم لأفرانها، وأن أولئك الذين ما زالوا يعملون في المخابز يخدمون طوابير من مئات الأشخاص الذين ينتظرون ساعات لشراء الخبز. وحسب التقرير، ترتفع أسعار ما تبقى من المواد الغذائية في المتاجر، ومعظمها من السلع الجافة والخضروات، التي يصل جفافها إلى مستويات لا يستطيع كثيرون تحمل تناولها.
في هذا الصدد، قالت مرعي عبد الكريم، 43 عاماً، وهي موظفة حكومية تعيش مع أسرتها في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة: "نأكل كميات قليلة لنوفر الباقي لوقت لاحق ولأطفالنا". وأضافت "أتوقع أن الأسوأ لم يحدث بعد".

ويقدر برنامج الأغذية العالمي أن إمدادات غزة من المواد الغذائية الأساسية ستكفي لمدة سبعة أيام أخرى فقط، وفقاً لتحديث صدر في وقت متأخر من يوم الإثنين من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. ويذكر أن إسرائيل قطعت جميع إمدادات الغذاء والمياه والوقود والكهرباء عن قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، وسمحت فقط بإيصال كميات صغيرة من المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ 21 أكتوبر/ تشرين الأول، لكنها عارضت توصيل الوقود إلى القطاع. ووفقاً للسلطات الصحية في غزة، تسببت الحرب الإسرائيلية في استشهاد أكثر من 8000 فلسطيني في القطاع، غالبيتهم من النساء والأطفال، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول.

وتقول إسرائيل إنها ستسمح بتدفق المزيد من المساعدات إلى جنوب غزة، لكن عمليات التسليم بدت محدودة حتى الآن. في هذا الصدد، قال رئيس مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، في تصريحات أدلى بها أحد نوابه أمام مجلس الأمن يوم الثلاثاء: "إن عمليات التسليم هذه هي قطرة في محيط مقارنة بالحجم الهائل للاحتياجات في قطاع غزة". وأضاف "من الصعب حقاً نقل حجم الرعب الذي يعيشه الناس في غزة.. لدينا مخاوف حقيقية للغاية بشأن ما ينتظرنا. إن الوضع الحالي في غزة قد يكون باهتاً مقارنة بما سيأتي". 
وقد دخلت بعض المساعدات الإنسانية عبر مصر بعد مفاوضات صعبة بين إسرائيل وحماس والحكومة المصرية. وعدد الشاحنات التي دخلت يقدر بـ 58، من أصل 143 شاحنة دخلت منذ 21 أكتوبر/ تشرين الأول، وتحمل أغذية يتم توزيعها على ما يقرب من 700 ألف شخص لجأوا إلى منشآت الأمم المتحدة في جميع أنحاء قطاع غزة، من إجمالي 1.4 مليون نازح داخلياً.
من جهتها، تشير تقديرات منظمة أوكسفام الدولية، وهي منظمة إنسانية، إلى أنه جرى تسليم حوالى 2% فقط من الغذاء المطلوب لإطعام سكان غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، نقلاً عن تحليل لبيانات الأمم المتحدة حول عمليات تسليم المساعدات. وتقول المجموعة إن الجميع تقريباً في غزة يعانون الآن من انعدام الأمن الغذائي، مما يعني أنهم لا يعرفون على وجه اليقين من أين ستأتي وجبتهم التالية.

ويشير التقرير إلى أن الناس في مدينة غزة يصطفون للحصول على المياه، وقد باتت سلعة نادرة على نحو متزايد. ويضيف أن "الوضع الذي نشهده الآن لا يمكن أن يستمر لفترة أطول". وقالت منسقة الشؤون الإنسانية الإقليمية لمنظمة أوكسفام الدولية ومقرها القدس، روث جيمس: "نحن على وشك أن نشهد كارثة إنسانية ما لم يتم فتح الحدود والسماح بدخول المزيد من المواد الغذائية".
ويقول التقرير إنه بالنسبة إلى الناس العاديين في غزة أصبح البحث عن الطعام عملاً يومياً مرهقاً يتضمن الانتظار في طوابير لساعات طويلة  للحصول على الخبز وتحدي الضربات الجوية للخروج إلى المتاجر. وقالت أسيل موسى، وهي كاتبة مستقلة تبلغ من العمر 25 عاماً، لـ"وول ستريت جورنال"، إنها فرت مع عائلتها من منزلها في شمال غزة إلى المنطقة الوسطى من القطاع على أمل أن يكون المكان أكثر أماناً. وأضافت "حقاً، نحن نهرب من الموت إلى الموت".
وقالت إنه "في المكان الذي تقيم فيه، لا يمكن العثور على المخابز في أي مكان، فقد تم قصفها أو إغلاقها. ومع نقص إمدادات الغاز والكهرباء، يستخدم الكثير من الناس الحطب للطهي أو صنع الخبز. وغالباً ما لا يكون الطعام القابل للتلف خياراً متاحاً نظراً لعدم وجود كهرباء للحفاظ على الأطعمة مبردة". وتضيف أن عائلتها تأكل في الغالب أي سلع جافة يمكنها الحصول عليها من الأسواق التي لا يزال بعضها مفتوحاً.
وعلى صعيد المشافي التي تعرضت للقصف الجوي، يقول التقرير إن الممرات وغرف الانتظار في أحد مستشفيات غزة تحولت إلى غرف عمليات مع ارتفاع عدد المرضى. وقالت جماعات إغاثة لـ"وول ستريت جورنال" إنه من المستحيل تلبية طلب إسرائيل بإخلاء المراكز الطبية في شمال غزة. وأشارت جماعات الإغاثة إلى أن "المياه العذبة أصبحت بمثابة معجزة. بالكاد نجد أي شيء، وعندما نفعل ذلك نحاول أن نشرب كميات محدودة لتوفير ما لدينا".
من جهتها، تنقل الصحيفة عن موظفة حكومية قولها إن أسرتها كانت تأكل بشكل أساسي الخضار والبطاطس والبصل والطماطم التي تشتريها بأسعار مرتفعة من المتاجر المحلية. وتضيف أن اثنين من أبناء عمومتها الذين فروا من مدينة غزة يحتميان في منزلها، مما يرفع فاتورة البقالة. وذكرت أنها غادرت المنزل مرتين لشراء الطعام، ثم أجبرتها الغارات الجوية على الهروب إلى المنزل. وأضافت "لقد كنت هنا في الحروب السابقة، ولكن الحال حالياً مختلف جداً... كان لدينا في السابق دائماً ماء، حتى ولو لمدة ساعتين يومياً، والكهرباء".                                                                    

المساهمون