لدى الإيرانيين ولع كبير بشراء العقارات في تركيا، وفق ما تظهره الأرقام الإيرانية والتركية، على حد سواء، الأمر الذي أضحى محل انتقاد داخلي في إيران في الأيام الأخيرة، خاصة على خلفية التوترات الحدودية بين إيران وأذربيجان، وصدور اتهامات إيرانية لتركيا بالسعي لتغيير الخريطة الجيوسياسية لمنطقة جنوب القوقاز وإقفال الحدود الإيرانية الأرمينية، والذي من شأنه أن يفقد طهران ممراً برياً مهماً نحو أوروبا والبحر الأسود.
وقبل يومين، انتقد عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني مجتبى يوسفي، في تغريدة على "تويتر"، إقبال الإيرانيين الواسع على شراء المنازل في تركيا، كاشفا أنهم أنفقوا خلال العامين الماضيين نحو 7 مليارات دولار لشراء العقارات هناك.
وقال يوسفي إن "الإيرانيين هذه المرة من خلال شراء العقارات أنقذوا تركيا من الإفلاس"، مضيفا أن "بعض الإيرانيين دفعوا تكاليف الغطرسة الأخيرة".
ووفق رصد أجرته "العربي الجديد" من خلال البيانات الرسمية الإيرانية، اشترى الإيرانيون نحو 7189 منزلاً في تركيا خلال العام الماضي، بينما كان الرقم حوالي 700 منزل خلال عام 2017، بالإضافة إلى أن حجم استثمار الإيرانيين في سوق السكن التركي سجل ارتفاعا بنسبة 866% منذ نهاية عام 2017.
وتأكيدا على ذلك، كشف رئيس غرفة التجارة في طهران مسعود خوانساري، أخيراً، في تغريدة على "تويتر"، أن الإيرانيين تصدروا قائمة الأجانب الذين اشتروا عقارات في تركيا خلال عام 2020، وفي الشهور السبعة الأولى من العام الحالي احتلوا المرتبة الثانية من خلال شراء 4600 بيت إلى الآن، ما يشير إلى ارتفاع بنسبة 21% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
وتشير الأرقام إلى أن الإيرانيين استثمروا 1.2 مليار دولار في سوق العقارات في تركيا خلال الشهور السبعة الأولى من العام الحالي. كما كشف مركز الإحصاء التركي، أخيراً، في تقرير له، أن الإيرانيين اشتروا 911 شقة في تركيا خلال أغسطس/ آب الماضي، وهو ما يعتبر رقما قياسيا شهريا لشراء العقارات من قبل الإيرانيين.
وعن دوافع ولع الإيرانيين بشراء المنازل في تركيا، يشير محللون إلى وجود عدة عوامل، الأول وجود مخاوف لدى الإيرانيين من التراجع المستمر في قيمة مدخراتهم على خلفية التراجع المتواصل لقيمة الريال الإيراني بسبب العقوبات الأميركية منذ 2018، حيث خسر الريال نحو 500% من قيمته.
وتظهر البيانات الرسمية أن شراء الإيرانيين عقارات في تركيا منذ إعادة واشنطن فرض العقوبات على طهران، قفز نحو عشرة أضعاف مقارنة مع عام 2017.
ولعامل الأسعار في تركيا أهمية بالغة، وهو العامل الثاني، إذ يراه الإيرانيون مغرياً بسبب الأسعار الرخيصة للشقق السكنية مقارنة مع إيران التي ارتفعت أسعار السكن فيها نحو 10 أضعاف، خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
والعامل الثالث يتمثل في رغبة الإيرانيين في الحصول على الجنسية التركية، إذ بمقدور المستثمرين الأجانب الحصول عليها من خلال شراء عقار بقيمة لا تقل عن 250 ألف دولار.
ويقول الشاب الثلاثيني، الذي عرف نفسه باسم أميد، ويعمل وسيطاً بين الإيرانيين الراغبين في شراء عقارات والأطراف التركية، إن "عامل الحصول على الجنسية التركية من الدوافع المهمة لدى الإيرانيين لشراء العقار"، مضيفا في حديث لـ"العربي الجديد": "ما يقصده الإيرانيون هنا ليس فقط الحصول على حقوق المواطنة التركية والاستثمار في تركيا، بل إن المزايا التي سيتمتعون بها من خلال الجنسية التركية مثل سهولة السفر إلى أكثر من 70 دولة في العالم من دون الحاجة إلى تأشيرة، تلعب دوراً مهماً في ميولهم لشراء عقارات".
ويتابع أميد "هناك كثيرون لا يمتلكون مبلغ 250 ألف دولار لشراء عقار مقابل الحصول على الجنسية التركية، لذا يشترون عقارات بمبالغ أقل حفاظاً على قيمة مدخراتهم، وهناك من يقوم بتأجير البيت الذي يشتريه".
لكن الإيرانيين يواجهون مشاكل في التحويلات المالية بسب العقوبات الأميركية وكذلك عدم سماح السلطات الإيرانية بإخراج أكثر من 5 آلاف يورو في الرحلات الجوية وألفي يورو في الرحلات البرية، ليوضح الوسيط العقاري أن "الإيرانيين يستخدمون طرقا التفافية، سواء عبر محال الصرافة أو شراء عملات رقمية وخاصة البيتكوين من طهران وبيعها في تركيا أو بطرق أخرى".