وكأنها قمّة "تاريخيّة" بجد

29 ابريل 2015
تعاون الدول الثلاث يقوم على أسس سياسية بحتة(فرانس برس)
+ الخط -
هناك خيط واضح بل وسميك يربط ما بين مصر وقبرص واليونان، فالدول الثلاث تعاني من أزمات اقتصادية حادة، والدول الثلاث تلجأ للاقتراض الخارجي لحل مشاكلها الداخلية وتمويل وارداتها. والدول الثلاث مشتركة في التعرّض لأكبر عملية سطو على ثرواتها من قبل إسرائيل التي ضحكت عليهم جميعاً واستولت على ثرواتهم النفطية والغازية شرق البحر المتوسط.

اليونان، تتجه بسرعة نحو الإفلاس وربما تخرج قريباً من منطقة اليورو إذا عجزت عن سداد ديونها الخارجية البالغة 320 مليار دولار ولم تطبّق خطة التقشف الاقتصادي، التي حصلت بموجبها على قروض من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي بقيمة 259 مليار دولار في العام 2012.

وقبرص، التي تلقت حزمة إنقاذ دولية من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي أيضاً بقيمة 10 مليارات يورو عقب انهيار أكبر بنوكها في مارس/ آذار 2013، وتعرضها في ذلك الوقت لأزمة مالية عنيفة وهروب للاستثمارات الخارجية والمحلية، لا يختلف حالها اليوم عن أمس حيث التردي الاقتصادي والمالي.

أما مصر، فإن مؤشرات اقتصادها معروفة والتي زادت سوءاً عقب ثورة 25 يناير 2011، فعجز الموازنة العامة يواصل ارتفاعه رغم تلقي البلاد أكثر من 30 مليار دولار من دول الخليج عقب 3 يوليو 2013 وخفض الدعم المقدم للمواطنين، والدين الخارجي والمحلي يتفاقم لدرجة قد لا يمكن السيطرة عليه في وقت ما إذا ما تحسنت موارد البلاد سواء من النقد الأجنبي أو الإيرادات الداخلية من ضرائب وغيرها، وهناك عجز حكومي عن حل مشاكل مزمنة يعاني منها المجتمع منذ سنوات، مثل البطالة والفقر والسكن والفساد.

وفي الوقت الذي تكافح فيه اليونان للحصول على قروض جديدة من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، لأن إخفاقها في ذلك سيؤدي لاحتمال الإفلاس والخروج من مجموعة اليورو وعدم القدرة سواء علي سداد ديونها الخارجية أو رواتب الموظفين الحكوميين، نجد أن قبرص تستعد هي الأخري للحصول على قروض جديدة لثاني مرة منذ إبرام صفقة إنقاذ اقتصادها في العام 2013، ومهدت لهذه الخطوة بإقرار قانون الافلاس قبل أيام.

أما مصر فقد اقترضت قبل أيام 6 مليارات دولار من 3 دول الخليج هي السعودية والإمارات والكويت بسعر فائدة 2.5 سنوياً، وبقرضها الأخير يرتفع دينها الخارجي إلى 46 مليار دولار، أما دينها المحلي فقد تجاوز التريليوني جنيه أي ما يعادل 262 مليار دولار.

في وسط هذه الأجواء، عقدت، أمس، قمة مصرية يونانية قبرصية لبحث ما اسماه قادة الدول الثلاث بالتعاون في عدة ملفات، منها اقتصادياً الاستثمار المباشر والطاقة المتجددة، ومشروع تنمية محور تنمية قناة السويس.

لكن السؤال: هل تملك الدول الثلاث أي فرصة للتعاون الاقتصادي والاستثماري خاصة في مجال استرداد حقول النفط والغاز المنهوبة من قبل إسرائيل في شرق البحر المتوسط؟

القاصي والداني يعرف أن التعاون بين الدول الثلاث صعب وربما مستحيل، فكل دولة من هذه الدول في حاجة أصلاً لمن يساعدها اقتصادياً ومالياً، والتعاون الحالي لا يقوم على أسس اقتصادية، ولكن يقوم علي أسباب سياسية بحتة ليس من بينها مكافحة الارهاب والتطرف كما قال البيان الختامي لقمة قادة هذه الدول، لأننا لم نسمع عن تجارب لكل من قبرص واليونان في هذا الشأن.

الجميع يعلم أن قمة أمس التي عقدت بقبرص هي قمة نكاية سياسية في تركيا التي لديها خصومة مع أنظمة البلدان الثلاث، وما يعلمه الجميع أيضاً أن تركيا القوية اقتصادياً والتي تخطط لأن تكون القوة الاقتصادية الأولى عالمياً في 2020 لا تعبأ بهذه القمم وغيرها لأن لديها هدف واضح وهو الانتقال لمصاف الدول المتقدمة سياسياً واقتصادياً في غضون سنوات معدودة.

اقرأ أيضا: إسرائيل المستفيد الأكبر
المساهمون