وصول 50 باصاً فرنسياً إلى لبنان لدعم قطاع النقل العام

23 مايو 2022
الباصات لدى وصولها إلى مرفأ بيروت (حسين بيضون/ العربي الجديد)
+ الخط -

وصلت إلى مرفأ بيروت، اليوم الاثنين، 50 حافلة كدفعةٍ أولى من الهبة المقدَّمة من فرنسا إلى لبنان في إطار دعم قطاع النقل العام وذلك على متن باخرة شركة CMA- CGM الفرنسية (تعمل في مجال النقل البحري والخدمات اللوجستية).

وأعلن وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية أن الباصات الخمسين ستكون في عهدة مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك وستُطلَق على خطوط السير في خلال أسبوعين أو ثلاثة إضافة إلى الـ45 حافلة المحلية التي كانت موجودة في لبنان وعمدت الشركة الفرنسية إلى صيانتها وإصلاحها بعدما تضرّرت بفعل انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في 4 أغسطس/آب 2020.

وشدد حمية في كلمة له من مرفأ بيروت على أن هناك حرصاً على ألا تتخطى التعرفة ذهاباً وإياباً الحد الأدنى الذي أعطيَ لبدل النقل، مشيراً إلى أن ثلث الباصات سيعمل على خطِّ بيروت الكبرى وثلثين على خطوط بيروت – الشمال، بيروت – الجنوب، وبيروت – البقاع.

تجدر الإشارة إلى أن مجلس الوزراء كان قد رفع بدل النقل اليومي إلى 64 ألف ليرة للقطاع العام و65 ألف ليرة للقطاع الخاص، وهناك مطالبات لزيادة البدل أكثر في ظل الارتفاع الكبير بأسعار المحروقات بحيث لامست صفيحة البنزين عتبة الـ600 ألف ليرة لبنانية. (سعر الصرف الرسمي 1507 ليرات، وفي السوق السوداء اليوم 32100 ليرة).

وقال وزير الأشغال إن هذه الباصات هي ملك الدولة اللبنانية وليس هدفنا منافسة القطاع الخاص، لافتاً إلى أنه ابتداءً من الأسبوع المقبل وبالتعاون مع الحكومة الفرنسية سنبدأ بإعداد إطار قانوني جديد للنقل في لبنان بحيث تكون الدولة المنظم والقطاع الخاص المشغّل.

وأكد حمية أن وزارة الأشغال ليس هدفها التوظيف في القطاع العام، ومن باب تعزيز دور القطاع الخاص سوف نتعاقد مع شركة خاصة ضمن مناقصة شفافة لتشغيل الباصات، وسنعمل ضمن الإطار القانوني المشار اليه، حيث إنه في لبنان 6 آلاف نمرة عمومية للباصات و33 ألف نمرة عمومي للسيارات، وهذا الرقم يجب تعزيزه ضمن إطار قانوني.

ولفت وزير الأشغال اللبناني إلى "أننا سننشئ صندوقاً لدعم نقل الركاب في لبنان وسيذهب مباشرة لخدمة المواطنين اللبنانيين، على أن نؤمن الأموال له من خلال الهبات الدولية، رسم الصيانة على الطرقات الدولية بالنسبة إلى الشاحنات، ورسم من غرامات السير، ورسم من حوادث السير التي تؤدي إلى ضرر بالأملاك العامة".

 الباصات لدى وصولها إلى مرفأ بيروت (حسين بيضون العربي الجديد)2

وركّز حمية على أن "لبنان ليس عاجزاً وليس فقيراً وليس مفلساً إنما يعاني من أزمة اقتصادية ومالية حادة جداً لم يشهدها من قبل وذلك بسبب سياسات مالية على مرّ 30 عاماً ندفع ثمنها اليوم"، مشدداً على أن هاجسنا في الوزارة زيادة الإيرادات سواء بالنسبة إلى مرفأ بيروت أو مطار بيروت الدولي من خلال المرافق العامة ومن دون المساس بجيوب المواطنين لأن الشعب أرهق وأنهك.

وتوقف وزير الأشغال عند أهمية الدعم الفرنسي للبنان وضرورة القيام بالإصلاحات، "وهذه ليست بناءً على إملاءات خارجية، إنما الإصلاحات تعدّ طريقاً أساسياً لنهضة البلاد، مع تطبيق القانون الذي كتب لينفذ، وعدم هدر المال العام على أن تكون تحت سقف السيادة الوطنية".

ودعا وزير الأشغال المحسوب على "حزب الله" وحامل الجنسية الفرنسية، دول العالم إلى أن "تحذو حذو فرنسا بمساعدة لبنان إذا أرادت من دون قيدٍ أو شرط، وتعمد إلى مساعدتنا لتنمية وتعزيز القطاعات الانتخابية حتى يتمكّن لبنان من النهوض من جديد"، مشدداً على أن لبنان يرحب بتفعيل العلاقات مع كل الدول العربية والصديقة ودول العالم لكن تحت سقف السيادة الوطنية.

وعرَّج حمية على خطة التعافي المالي والاقتصادي التي أقرّتها الحكومة في جلستها الأخيرة، يوم الجمعة الماضي، وكان من المعترضين عليها إلى جانب 3 وزراء محسوبين على "حزب الله" و"حركة أمل" (بزعامة نبيه بري)، مع تسجيل وزير التربية عباس الحلبي تحفظه عليها، وقال إن "اعتراضنا ليس من باب الكيد أو لمجرد الاعتراض بل لتعزيز خطة التعافي".

وتحدث حمية عن ملاحظات وهواجس مرتبطة بالخطة التي أقرت، أبرزها عدم لحظها أموال المودعين بالأرقام، في حين لم تحدد معايير واضحة ستعتمد بخصوص أموال المودعين في المصارف التي قد تقرّر الدولة حلّها. 

بدورها، أكدت مجموعة CMA CGM تمسّكها بجذورها اللبنانية والتزامها بدعم وطنها الأم، مشيرة إلى أن هذه المبادرة المشتركة ستساهم في إنعاش القدرة الشرائية للمواطن اللبناني من خلال ضمان الوصول إلى خدمة عامة مناسبة لجميع المواطنين عدا عن خلقها فرص عمل عديدة لسائقي الحافلات، وهي تأتي في توقيت مناسب ولا سيما في ظل غلاء أسعار المحروقات.

 الباصات لدى وصولها إلى مرفأ بيروت (حسين بيضون العربي الجديد)3

من جهتها، اعتبرت السفيرة الفرنسية لدى لبنان آن غريو أن هذه المبادرة مهمة لمساعدة اللبنانيين وتحسين حياتهم اليومية وتنقلاتهم خصوصاً في ظلّ الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعاني منها البلاد.

وشددت السفيرة غريو في كلمة لها من مرفأ بيروت على حرص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المستمرّ على مساعدة لبنان والوقوف إلى جانب الشعب اللبناني، لافتة إلى أن هذه المبادرة ستلحظ أيضاً مساعدات تقنية طوال مدة عامين، وسيعمل خبراء فرنسيون مع لبنانيين لوضع استراتيجية لخطة العمل والمشروع، مشيرة إلى أن هذا المشروع يأتي في سياق المشاريع العديدة التي تموّلها فرنسا في إطار الاستجابة للأزمات المتعددة التي يعاني منها لبنان، والتي تشمل اليوم قطاع النقل العام.

ولا ينظر اللبنانيون بكثير من الحماسة إلى هذه الخطوة، خصوصاً أن التجارب الماضية مع الهبات الدولية للبلاد ليست مشجعة، خصوصاً على صعيد طوافات الـ"سيكورسكي" الثلاث مثلاً، التي وصلت إلى لبنان عام 2009 ضمن الخطة الوقائية لمكافحة الحرائق وإذ بها تركن لسنين وتصبح "عاطلة من العمل" لعدم وجود قطع غيار لها وتعذر تأمين الأموال المطلوبة لصيانتها وقد وضعت للبيع أخيراً.

المساهمون