ويحدد الاقتراح آلية دعم مادة البنزين، بحيث يصار إلى إيقافه، على أن تستند الأسعار في محطات الوقود إلى سعر السوق بالدولار الأميركي كما يحدده البنك المركزي، وإعطاء قسائم شراء بالليرة اللبنانية لسائقي المواصلات العامة ولذوي الدخل المحدود، كذلك إيقاف الدعم عن مادة المازوت.
ونصّ الاقتراح أيضاً على آلية الدعم المقترحة للخبز على أن تستند الأسعار في الأفران إلى سعر السوق بالدولار الأميركي كما يحدّده البنك المركزي وإعطاء قسائم شراء بالليرة اللبنانية لذوي الدخل المحدود ويتم تحديد مبلغ القسيمة على أساس معيارين؛ الفرق بين السعر المدعوم وسعر السوق وعدد الأشخاص في كل أسرة.
وتبعاً للأسباب الموجبة في الاقتراح، فإنّ هذا الدعم يستنزف احتياط البنك المركزي بشكل كبير، وذلك لأن استيراد المحروقات يدفع بالدولار الأميركي ويذهب بمعظمه هدراً وإسرافاً وتهريباً، ما يفسّر استهلاك أكثر من 8 ملايين ليتر من المازوت هذا العام مقابل مليوني ليتر في الفترة نفسها من العام الماضي.
وأحدث الاقتراح الذي سرّب إلى وسائل الإعلام ضجة في الشارع اللبناني الذي تخوّف من تصاعد إضافي في الأسعار وغلاء صفيحة البنزين، في ظل انعدام القدرة الشرائية عند اللبنانيين نتيجة فوضى الصرف واستمرار ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة في السوق السوداء رغم محاولات الحكومة مع مصرف لبنان ضبطها عبر ضخّ الدولار في السوق.
وقال نعمة في حديث تلفزيوني إنّنا لسنا بصددِ توقيف الدعم على المحروقات والخبز بل توجيهه لمن هم بحاجة فعلاً إليه، بدل هدر مال الدولة اللبنانية ودولارات البنك المركزي، إذ إنّ هناك شريحة كبيرة من اللبنانيين تحتاج الدعم على الخبز والمازوت والبنزين وسندعمها ولو وصلت النسبة إلى سبعين في المائة نكون قد ربحنا ووفّرنا ثلاثين في المائة.
من جهته يشير وزير الاقتصاد اللبناني السابق ألان حكيم لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "مجلس الوزراء اللبناني عندما يريد تحسين خزينة الدولة دائماً ما يتّجه الى أسهل مصادر ربحية ألا وهي جيبة المواطن، سواء في استهلاكه اليومي أو البنزين وما إلى ذلك، علماً أنّ هذا المشروع طرِحَ كثيراً منذ أن كنت وزيراً للاقتصاد عام 2014 وما تلاه من أعوام، يومها حُكِيَ عن زيادة البنزين 5 آلاف ليرة لبنانية وهذا الأمر مرفوضٌ لأنه يمسّ مباشرة بالمواطن اللبناني".
ويلفت حكيم إلى أنّ "تداعيات إلغاء أو تعديل دعم المحروقات أو القمح وغيرهما من المواد التي يدعمها البنك المركزي كثيرة في الوضع الراهن وتبعاً لطريقة إدارة الأزمة وأبرزها وأكثرها خطورة تفقير الشعب اللبناني وتقليص إضافي للطبقة الوسطى، وخلق وضعٍ اقتصادي ومالي غير مسبوق في لبنان".
وأضاف "شخصياً، وبمنطق اقتصادي وعلمي مع أن تقوم الدولة بوقف الدعم شرط أن يصار مقابل ذلك إلى وضع برامج أخرى رديفة، لكن اليوم لا خطوات إيجابية تذكر في هذا الإطار ولناحية كيفية دعم المواطن اللبناني. وبالتالي فإن رفع الدعم في ظلّ غياب البرنامج الإصلاحي الفعلي يودي بالبلد إلى انفجار اجتماعي".
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان في حديثه مع "العربي الجديد" أنّ طرح الاقتراح يدل على أنّ مخزون الاحتياطي بدأ يستنزف ويتآكل، وهناك خطر على الأمن الاجتماعي والصحي والغذائي.
ويشدد أبو سليمان على أنّ الذريعة التي تستعمل لتبرير اقتراح رفع الدعم عن المحروقات والخبز والتي يقابلها منح قسائم لبعض فئات المجتمع، ليست دقيقة.
وأضاف أن تسعين في المائة تقريباً من الصناعة يدخل فيها النفط كعامل أساسي، سواء الإنتاج أو التصنيع ونقل البضائع والسلع والمواد الغذائية والاستهلاكية، وبالتالي سنكون أمام مزيدٍ من التضخم وارتفاع الأسعار الذي يطاول البنزين والمنتجات المحلية والمستوردة، وتآكل إضافي للقدرة الشرائية عند المواطن وتدهور العملة الوطنية وتقويض للعجلة الاقتصادية ورفع معدلات الفقر. وفقاً لذلك فإن خطوة وزير الاقتصاد لن تشكل أي شبكة أمان اجتماعية.
بدوره، أشار رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد، في تصريح اليوم الثلاثاء، إلى أنه إذا بدأت الحكومة فعلاً بدراسة آليات رفع الدعم عن البنزين والقمح فليتزامن ذلك حكماً مع درس آليات اقتطاع جزء من الوفر المرتقب لدعم شبكات الأمان الاجتماعي ومساندة الأسر الأكثر فقراً.