واشنطن ترسل إشارة إيجابية للإفراج عن 3.5 مليارات دولار لأفغانستان

16 سبتمبر 2022
التضييق المالي على أفغانستان له كبير الأثر على معيشة سكانها (Getty)
+ الخط -

من غير المعروف حتى الآن عما إذا كان قرار واشنطن إعادة بعض الأصول المجمدة إلى أفغانستان عبر بنك التسويات الدولية في بازل بسويسرا يعني تحولاً في الموقف الأميركي تجاه كابول التي تعاني من أسوا أزمة اقتصادية وإنسانية أم لا؟

لكن الخطوة ربما تمنح إشارة إيجابية لحكومة طالبان التي تعاني حالياً من أزمات مالية واقتصادية مستفحلة تهدد بحدوث كارثة إنسانية كبرى في البلد الفقير الذي يتجاوز عدد سكانه بقليل 41 مليون نسمة ولا يتجاوز حجم اقتصاده 21.43 مليار دولار.

وتبحث حكومة طالبان عن مخرج من العزلة الدولية التي تعيشها منذ انسحاب القوات الأميركية من كابول بسبب عدم الاعتراف الدولي، كما جمدت أميركا والدول الغربية معظم الأموال التي كانت لديها في الخارج وعلى رأسها احتياطات البنك المركزي الأفغاني المقدرة بنحو 7 مليارات دولار.

وقالت إدارة الرئيس جو بايدن مساء الأربعاء إنها ستحول مليارات الدولارات من الأصول الأفغانية المجمدة إلى صندوق في سويسرا، في خطوة قد تؤدي إلى إعادة رسملة البنك المركزي الأفغاني في ظل حكم طالبان وفق صحيفة "وول ستريت جورنال" أمس الخميس.

ويرى محللون أن الغزو الروسي في أوكرانيا ربما كان له تأثير إيجابي على نظرة واشنطن للتعامل مع حكومة طالبان التي تحكم البلاد منذ أغسطس/ آب الماضي، وبالتالي اتخذت خطوة أولية لإعادة الأصول الأفغانية المجمدة منذ سبتمبر/أيلول الماضي.

ورغم أن أفغانستان بعيدة من مسرح الحرب في أوكرانيا، ولكنها تأثرت بتداعياتها، من ناحية تدفق المساعدات الإنسانية التي كانت تصلها من المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة، إذ حولت الحرب أنظار الدول والمنظمات المانحة للمساعدات الإنسانية بعيداً عن أفغانستان ومأساتها الإنسانية.

على الصعيد الأميركي يرى محللون أن الحرب الروسية في أوكرانيا ربما ستدفع بعض دول آسيا الوسطى وعلى رأسها كازاخستان إلى تقوية علاقاتها مع واشنطن خوفاً من السياسات التوسعية لموسكو، وأن هذا العامل ربما يدفع كذلك الحكومة الأميركية لمساعدة أفغانستان اقتصادياً ومالياً حتى لا تؤثر على الاستقرار السياسي في دول آسيا الوسطى المجاورة.

وحسب تقرير لوزارة الخارجية الأميركية، فإن الموقف الأميركي لم يتغير تجاه التعامل مع أفغانستان منذ تسلم حركة طالبان الحكم في البلاد في أغسطس/آب العام 2022.

ويشير التقرير الصادر في منتصف أغسطس/آب إلى أن الولايات المتحدة مهتمة بتقديم المساعدات الإنسانية لأفغانستان على أمل تفادي حدوث انهيار اقتصادي سياسي بالبلاد.

ويقول التقرير إن الولايات المتحدة قدمت مساعدات إنسانية عبر هيئات الأمم المتحدة ومنظمات العون الإنساني غير الحكومية بلغت نحو 775 مليون دولار خلال العام الجاري، وإن الحكومة الأميركية تبذل جهوداً مع بعض الدول الحليفة لدعم السيولة بالقطاع المالي في أفغانستان، كما ساعدت البنوك التجارية على استعادة تعاملاتها المالية مع النظام المالي العالمي.

لكن على الرغم من المساعدات فإن رفض الحكومة الأميركية وحلفائها الاعتراف بحكومة طالبان كحكومة شرعية يحرم البلاد من عضوية المنظمات الدولية الرئيسية، وبالتالي يهدد احتمال التعافي الاقتصادي في الأجل القصير على الأقل.

وترى الأمم المتحدة أن أفغانستان تعاني في الوقت الراهن من مجموعة أزمات وأن نصف سكانها البالغ عددهم 41.128 مليون نسمة يعانون من الجوع.

في ذات الصدد، يقول مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، إن حكومة طالبان لم تتمكن حتى الآن من زيادة الدخل وغير قادرة على مواكبة الإنفاق المتزايد وإدارة الاقتصاد وبحاجة إلى مساعدات فنية.

ويشير المجلس إلى أن أفغانستان رفعت من صادرات الفحم إلى باكستان خلال العام الجاري، ولكن لا تزال غير قادرة على استغلال الثروات المعدنية المتوفرة لدى البلاد.

وتقدر الثروة المعدنية في أفغانستان بمبالغ تراوح بين تريليون إلى 3 تريليونات دولار ولكنها غير مستغلة. وهنالك مخاوف أميركية من تداعيات الأزمة المالية والمجاعة على حكومة طالبان والتي ربما تدفع حكومة طالبان نحو بكين.

ويقدر مجلس العلاقات الخارجية الأميركي ميزانية حكومة طالبان في العام الجاري بنحو 2.6 مليار دولار مقارنة بميزانية العام المالي السابق 2021 الذي بلغت فيه الميزانية 6 مليارات دولار.

وحسب رصد للبنك الدولي للاقتصاد الأفغاني في منتصف أغسطس/آب الماضي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية والوقود بشكل ملحوظ في يونيو/حزيران العام الجاري 2022، خاصة أسعار الطاقة والغذاء بسبب تأثير الجفاف على الزراعة بالبلاد، وكذلك بسبب ارتفاع أسعار المشتقات البترولية في سوق الطاقة العالمي، خاصة وأن المشتقات يتم شراؤها بالدولار الذي تعاني فيه كابول نقصاً مريعاً، وهو ما أدى حسب تقرير البنك إلى ارتفاع معدل التضخم بأفغانستان إلى 43.4% على أساس سنوي حتى يونيو/ حزيران الماضي.

وباستثناء سعر دقيق القمح عالي الجودة، الذي انخفض سعره بنحو 4%، ارتفعت أسعار الديزل بنسبة 26% والأرز والسكر ومعظم المواد المعيشية الأخرى.

وبموجب الخطة الأميركية سيتم تحويل 3.5 مليارات دولار من الأصول الأفغانية إلى بنك التسويات الدولية في بازل بسويسرا. وقالت الإدارة إن مجلس الإدارة سيكون مسؤولاً عن الموافقة على معاملات محدودة لدعم اقتصاد البلاد، مثل سداد المتأخرات المستحقة للمؤسسات الدولية، حتى تتمكن الحكومة الأفغانية من استمرار تدفق المساعدات الدولية.

المساهمون