هل يُنعش خفض إنتاج السعودية قطاع النفط الأميركي؟

05 يونيو 2023
مع الخفض السعودي الجديد يكون "أوبك+" قد وافق على سحب نحو 4.6 ملايين برميل يومياً (Getty)
+ الخط -

نقلت "رويترز" عن مسؤولين في تحالف "أوبك+" ومراقبين في سوق النفط، قولهم إن السعودية أبرمت اتفاقاً صعباً مع التحالف بهدف معاقبة المستثمرين الذين راهنوا على هبوط أسعار النفط، لكنهم أشاروا إلى أن هذه الخطوة قد تقدم عن غير قصد دعماً طويل الأجل لصناعة الطاقة الأميركية.

وتعهدت السعودية الأحد، بخفض إنتاجها النفطي بواقع مليون برميل يومياً أو 10% في يوليو/ تموز إلى جانب تخفيضات الإنتاج الحالية التي أعلنتها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها. ومع الخفض السعودي الجديد، يكون التحالف قد وافق على سحب نحو 4.6 ملايين برميل يومياً من السوق في يوليو بما يعادل 4.6% من الطلب العالمي البالغ 100 مليون برميل يومياً.

ووافق تحالف أوبك+ أمس الأحد أيضاً على تمديد تخفيض إنتاجه الحالي من النفط البالغ 3.66 مليون برميل يومياً حتى 2024.

ونتيجة لهذا القرار، ارتفعت أسعار النفط بنحو دولارين للبرميل في وقت مبكر من تعاملات يوم الاثنين إلى 78 دولاراً للبرميل. وقال محللون إن المكاسب ليست سوى البداية وإن التخفيضات ستزيد بشدة من نقص الإمدادات العالمية ما قد يدفع الأسعار نحو 100 دولار للبرميل.

واعتبر وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، الأحد، إن السوق بحاجة إلى الاستقرار، واصفاً قرار بلاده المفاجئ بزيادة خفض الإنتاج بأنه يضفي رونقاً على اتفاق "أوبك+".

تخفيض السعودية إنتاجها النفطي في يوليو يستهدف المضاربين

وتعهد وزير الطاقة السعودي مجدداً بمعاقبة البائعين على المكشوف الذين يراهنون على انخفاض الأسعار. وانخفضت الأسعار في الأسابيع الأخيرة إلى ما يقرب من 70 دولاراً للبرميل بعد أن تخطت 130 دولاراً قبل عام عندما بدأ الغزو الروسي على أوكرانيا.

وقال مصدر مطلع على استراتيجية "أوبك+" اشترط عدم الكشف عن اسمه، إن "تحرك السعودية جاء برغبة منها في ردع البائعين على المكشوف ومنعهم من خفض السعر".

بدورها، أشارت ناتاشا كانيفا من "جي بي مورغان" إلى أن "حجم التخفيض (السعودي) جدير بالثقة وينبغي على الأقل أن يحد من الضغوط النزولية على الأسعار لبقية العام". ويؤدي رفع الأسعار بصورة غير متوقعة إلى إجبار البائعين على المكشوف على إغلاق صفقاتهم بخسارة.

في غضون ذلك، تؤكد "أوبك" أنها لا تستهدف سعراً معيناً للنفط وإن القرارات المتعلقة بسياستها تهدف إلى منع حدوث تقلبات من خلال موازنة العرض والطلب.

وبحسب، تاماس فارجا من "بي في إم للسمسرة"، يعكس الخفض "حالة القلق والإحباط بين المنتجين، وخاصة السعودية، من انخفاض الأسعار"، مضيفاً أن الرياض تحتاج أن يصل السعر إلى 80 دولاراً للبرميل من أجل ميزانيتها، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.

وأثارت التخفيضات السابقة للتحالف انتقادات شديدة من جانب الولايات المتحدة والدول المستهلكة الأخرى التي اتهمت التكتل بتقويض الاقتصاد العالمي من خلال زيادة تكاليف الطاقة.

ورد وزراء "أوبك+" بالقول إنهم يدافعون عن مصالحهم الخاصة وإنهم بحاجة إلى توفير ظروف ملائمة للاستثمار طويل الأجل في قطاع النفط والغاز.

وهم يرون أيضاً أن السياسات الجزئية للتحول إلى الطاقة منخفضة الكربون تؤثر سلباً على الاستثمار ويمكن أن تؤدي إلى نقص في الإمدادات في المستقبل قبل أن يصبح العالم مستعداً للعيش بدون نفط.

ازدهار صناعة النفط الأميركية

وكانت أحدث التخفيضات التي تعلنها أوبك مدعاة للتفاؤل بالنسبة للولايات المتحدة. وقال مسؤول في البيت الأبيض اليوم الأحد إن الإدارة الأميركية لا تركز على "البراميل" وإنما على الأسعار لعملائها، مشيراً إلى أن الأسعار هبطت هبوطاً كبيراً على مدار العام الماضي.

وتأثرت أسعار النفط هذا العام بسبب ضعف الاقتصاد العالمي‭‭ ‬‬‬ والمخاوف الناجمة عن الأزمة المصرفية الأميركية وبطء تعافي الصين من قيود كوفيد-19.

السعودية تحتاج أن يتجاوز سعر النفط 80 دولاراً للبرميل من أجل الميزانية

لكن منظمة "أوبك" و"وكالة الطاقة الدولية" وكثيراً من المراقبين يتوقعون أن يزيد الطلب عن العرض في النصف الثاني من العام.

ورأى جورج ليون من "ريستاد إنرجي" أن التخفيضات السعودية ستزيد عجز السوق إلى أكثر من 3 ملايين برميل يومياً اعتباراً من يوليو، وهو ما سيزيد من الضغوط الصعودية في الأسابيع المقبلة.

وفي حال ارتفاع الأسعار بسبب تخفيض "أوبك+" لإنتاجها من النفط، فسوف يستفيد منتجون منافسون آخرون من خارج التحالف أيضاً وأكبر منافس هو الولايات المتحدة.

وزادت الولايات المتحدة إنتاجها من النفط والغاز بأكثر من المثل على مدار الأعوام الخمسة عشر الماضية ويرجع ذلك في الغالب إلى تطوير حقول النفط الصخري.

وانخفض إنتاج النفط الصخري خلال الجائحة ووضعت البنوك قيوداً على التمويل لكن البلاد تعافت منذ ذلك الحين وسجلت صادرات وإنتاج الخام الأميركي مستويات قياسية.

ومن المرجح أن يمنح قرار "أوبك+" بتمديد التخفيضات الحالية لعام آخر المنتجين الأميركيين ثقة في الأسعار على المدى الطويل ويعزز قدرتهم على الاقتراض.

وتضمنت بعض التخفيضات التي تم التعهد بها أمس الأحد، تعديلات تعكس حجم الإنتاج الفعلي من بعض أعضاء المجموعة الذين لم يتمكنوا من إنتاج كامل حصصهم الحالية.

وافقت روسيا على تمديد تخفيضاتها الحالية من النفط بواقع 0.5 مليون برميل يومياً حتى عام 2024، ووافقت أنغولا ونيجيريا على التنازل عن حصص تخصهما لكنها غير مستخدمة. وسُمح للإمارات بزيادة حصتها الإنتاجية بمقدار 0.2 مليون برميل يومياً إلى 3.2 ملايين برميل يومياً اعتباراً من 2024.

في السياق، تعتقد كانيفا من "جي بي مورغان" أن المحصلة النهائية هي أن قرار "أوبك+" سيخفض الإمدادات في 2024 بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً مقارنة مع التوقعات السابقة وقد تمتد التخفيضات حتى 2025.

كما تتوقع كانيفا أن تكون الولايات المتحدة قادرة على التعامل مع هذا الوضع، معتبرة أن "الأهم من ذلك أنه مع انخفاض أسعار النفط انخفاضا حادا عن مستويات العام الماضي وإنتاج النفط السائل الأميركي عند أعلى مستوى له على الإطلاق، فإنه من غير المتوقع أن يصبح قرار "أوبك" قضية سياسية للإدارة الأميركية".

(رويترز)

المساهمون