هل يصب نمو دول الخليج في صالح القطاعات الشعبية؟

13 ديسمبر 2024
طفرة عقارية في دول الخليج (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يتوقع البنك الدولي نمو اقتصادي قوي لدول الخليج بنسبة 4.2% في 2025 و2026، مما يؤثر إيجابياً على قطاعات متعددة مثل الإسكان، ويتطلب توازن بين النمو وحل مشكلات الفئات الشعبية عبر جهود مشتركة بين القطاعين العام والخاص.
- يؤكد الخبير مصطفى يوسف على أهمية الإرادة السياسية وضخ الأموال في الإسكان لتحسين المعيشة، ويشدد على الاستثمار في التكنولوجيا والصناعات كثيفة العمالة لتقليل الاعتماد على الواردات وخلق فرص عمل.
- يوضح الخبير علي أحمد درويش أن النمو يعكس استقرار المنطقة وارتفاع أسعار النفط، مع تركيز رؤية 2030 على دعم الفئات الشعبية وتطوير الإسكان لتحقيق تنمية مستدامة.

تشير التوقعات الأخيرة للبنك الدولي إلى نمو قوي لاقتصاد دول الخليج بنسبة 4.2% في عامي 2025 و2026، ما قد يؤثر بشكل إيجابي على العديد من القطاعات، بما في ذلك الإسكان، وهو القطاع الذي يعاني من أزمة في بعض دول الخليج، خاصة السعودية، إذ لا يملك كثير من السعوديين منازلهم، فضلا عن ارتفاع الإيجارات خلال السنوات الماضية.

ويبقى التحدي الأكبر هو كيفية تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي العام في دول الخليج وحل مشكلات الفئات الشعبية بشكل فعّال، فقد يسهم النمو المتوقع للاقتصاد الخليجي في تحسين الوضع الاقتصادي العام للمملكة، إلا أن معالجة مشكلات الفئات الشعبية تتطلب جهودًا إضافية وتعاونًا بين القطاعين العام والخاص لضمان توفير مساكن ميسورة للجميع على سبيل المثال، بحسب إفادة خبيرين لـ"العربي الجديد".

إرادة جادة في الخليج

يؤكد الخبير الاقتصادي مصطفى يوسف، أن مردود تحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة في دول الخليج، يعتمد بشكل أساسي على توفر الإرادة لدى صناع القرار، موضحا لـ"العربي الجديد" أن ضخ الأموال لتوفير مساكن لمواطني هذه الدول، سواء عبر التملك أو الإيجار بأسعار مدعومة، يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحسين الظروف المعيشية وتعزيز التنمية الاقتصادية.

ويلفت يوسف إلى أهمية تخفيض تكلفة إنشاء الوحدات السكنية، سواء كانت منازل تقليدية أو مباني مرتفعة، لتكون التكلفة مناسبة، مما يتيح عوائد مجدية للمستثمرين في حال تأجير هذه الوحدات، أو يجعل التملك خياراً أكثر سهولة للمواطنين. ويشدد على ضرورة إعطاء الأولوية للاستثمار في قطاعات استراتيجية، مثل التكنولوجيا والصناعات كثيفة العمالة، لتحقيق أقصى استفادة من الفوائض المالية.
فالاستثمار في قطاع التكنولوجيا داخل دول الخليج يمثل فرصة واعدة لتعزيز النمو الاقتصادي، بحسب يوسف، مضيفا أن التركيز على هذا القطاع سيتيح تقليل الاعتماد على الواردات التكنولوجية من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، عبر بناء قدرات تعليمية محلية وإعداد كفاءات قادرة على تولي هذه المهام.
ومن شأن تعزيز الصناعات كثيفة العمالة أن يسهم في خلق فرص عمل جديدة، مما يؤدي إلى زيادة معدل دوران الأموال بين الأفراد، وتحفيز النشاط الاقتصادي المحلي، ما يساعد أيضا في تقليل الواردات وزيادة الصادرات، حسب يوسف.
وينوه يوسف إلى الارتباط بين تحقيق معدلات نمو مستدامة بحسن إدارة الفوائض المالية، ويؤكد في الوقت ذاته على ضرورة وجود درجة عالية من الشفافية في إدارة هذه الأموال، مشيرا إلى أن "الإرادة السياسية" هي العامل الحاسم في تحديد الأولويات، سواء فيما يتعلق بتطوير قطاع الإسكان أو الاستثمار في قطاعات التكنولوجيا والصناعة والزراعة.
ويخلص يوسف إلى ضرورة استغلال دول الخليج للموارد المتاحة وتوجيهها نحو تحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة، بحيث تكون الفوائد الاقتصادية ملموسة على مستوى الأفراد والمجتمع ككل، وليس على مستوى الاقتصاد الكلي فقط.

القطاعات الشعبية في الخليج

يوضح الخبير الاقتصادي والمستشار المالي، علي أحمد درويش، لـ"العربي الجديد"، أن النمو الاقتصادي المتوقع في دول الخليج خلال عامي 2025 و2026 يعكس ركائز أساسية تتمثل في استقرار المنطقة وارتفاع أسعار النفط المتوقع رغم التحديات العالمية، معتبرا أن هذا النمو يسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية للفئات الشعبية بشكل مباشر نتيجة السياسات الاقتصادية التي تعتمدها دول الخليج، لا سيما المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030.

فرؤية 2030 على سبيل المثال تركز على دعم القطاعات الشعبية من خلال زيادة المنح والمساعدات الاجتماعية، بالإضافة إلى سياسات توظيف تهدف إلى استيعاب أعداد كبيرة من العمالة، وهو ما يعد أولوية في هذه المرحلة، حسب درويش، لافتا إلى تحديات تواجه قطاع الإسكان في المملكة، مثل ارتفاع أسعار الأراضي، وتأثير ذلك على قدرة الفئات الشعبية على امتلاك مساكن.
ومع ذلك، يؤكد درويش أن الجهود الحكومية لاستحداث أراضٍ جديدة وتطويرها لبناء وحدات سكنية بأسعار تنافسية، إلى جانب توفير قروض مصرفية طويلة الأجل تتناسب مع دخول الأفراد، تمثل حلولا عملية للتخفيف من هذه التحديات. ويرى أن هذه الخطوات تساعد في تمكين المواطنين من امتلاك مساكن بعد دخولهم سوق العمل، مما يعزز من استقرارهم الاقتصادي والاجتماعي.
ويخلص درويش إلى أن تنوع مصادر الدخل في دول الخليج، إلى جانب العوائد المتوقعة من ارتفاع أسعار النفط رغم التباطؤ الاقتصادي العالمي، سيؤدي إلى مداخيل إضافية تنعكس إيجاباً على الفئات الشعبية والاقتصاد ككل. وعلى الرغم من وجود تحديات فإن السياسات الاقتصادية المتبعة توفر فرصا لتعزيز التنمية المستدامة وتحقيق مزيد من التوازن الاقتصادي والاجتماعي.

المساهمون