هل سيجبرنا الذكاء الاصطناعي على البقاء بالمنزل بلا عمل؟

08 مايو 2023
مخاوف من تسبب الذكاء الاصطناعي في فقدان الملايين وظائفهم (Getty)
+ الخط -

بدأ حديث المجتمع العلمي عن الذكاء الاصطناعي منذ فجر صناعة الحاسب الآلي (الكمبيوتر)، حيث كانت فكرة صناعة آلة قادرة على استنتاج معلومة وإحداث تراكم معرفي محل جدل المجتمع العلمي، حتى توصلت شركة أوبن أيه أي، التي يؤازرها عملاق التكنولوجيا مايكروسوفت، لبرنامج الدردشة التوليدية تشات جي بي تي ChatGPT، ومنذ ذلك الحين بدأ السؤال الأخطر وهو هل ستكون تلك الآلة خطرًا على البشر، لتحل محلهم في أسواق العمل المعطوبة؟

ولم تصبح تلك الأسئلة حكرا على بعض الأعمال المكتبية، بل إن الأمر شمل كافة القطاعات في الإدارة والاقتصاد والأعمال، فتضاربت الآراء تجاه هذا الأمر، ما بين أشخاص متربصين لهذا المشروع ككل، وبين متفائلين به لدرجة رفض أي نقد موجه إليه. وزاد الأمر غموضًا ما بدا للعلن من عدم قدرة الشركة المصنعة على توضيح حدود إمكانات مشروعها التجريبي.

والأسبوع الماضي، ذكرت وسائل إعلام أميركية أنّ عالم كمبيوتر يلقب بـ"عرّاب الذكاء الاصطناعي" ترك وظيفته في "غوغل" للتنديد علناً بمخاطر التطورات المتوقعة لهذه التكنولوجيا.

وقال جيفري هينتون، الذي ابتكر تقنية أساسية لأنظمة الذكاء الاصطناعي، لصحيفة نيويورك تايمز، إنّ التقدم المحرز في هذا المجال يحمل في طياته "مخاطر عميقة على المجتمع والإنسانية".

وقال ستيفن ميلر، الأستاذ الفخري لنظم المعلومات في جامعة سنغافورة للإدارة، لمحطة سي إن بي سي الاقتصادية، يوم الجمعة، إن التطورات في الذكاء الاصطناعي تعني أن التكنولوجيا يمكن أن تحقق المزيد والمزيد، ما يؤثر بالضرورة على الوظائف.

وأكد ميلر أن الأدوار الأكثر عرضة للاستبدال بنظم الذكاء الاصطناعي هي تلك المهن التي يغلب عليها العمل وفق تعليمات و قواعد محددة للغاية، فتصبح بذلك سهلة التعلم. وعلى الجانب الآخر، فالمهن التي تحتاج إلى التكيف والمرونة، وتتسم بالإبداعية، يصعب على الذكاء الاصطناعي أن يحل محلها، وفقاً لميلر.

واتفق معه ديميتريس بابانيكلواو، أستاذ المالية في كلية كيلوغ للإدارة في جامعة نورث وسترن، على استبعاد أن يحل الذكاء الاصطناعي محل مهنٍ بعينها، مثل العمل كمعالج أو طبيب، كونها مهناً تحتاج إلى العنصر البشري ومهاراته الشخصية، وفقاً لما نقلته قناة "فوكس بيزنس".

ويقول ستيف تشيس، الاستشاري في  كي بي أم جي - أميركا للاستشارات الدولية، إن المخاوف من تلك التكنولوجيا ليست مفاجئة، فقد تكررت مع معظم التطورات التكنولوجية، ومخاوف العمال والموظفين من التسريح أمر طبيعي، كما جاء في مذكرة بعثها لعملائه ونقلت "سي إن بي سي" محتوياتها.

وضرب تشيس مثلًا بما حدث مع ظهور الكومبيوتر، قائلاً "فبالرغم من الاستغناء عن بعض الوظائف إلا أنه من الضروري الإشارة إلى أنه مع دخول التكنولوجيا تتغير بيئة العمل ذاتها، من حيث نوع العمال وطريقة عملهم، وتتوفر فرص عمل أخرى، وهو أمر يحدث منذ قرون وليس الآن فحسب.

ويؤكد تشيس أننا جميعًا بحاجة إلى التكيف مع هذه التكنولوجيا وثقل العمالة ومساعدتهم على تطوير مهاراتهم للعمل وفق النظم الجديدة، مضيفاً "وتلك مسؤولية شركاتهم، وأعرف أن بعض الشركات شرعت في ذلك بالفعل".

واختتم الاستشاري الكبير رؤيته تجاه هذا الأمر باعثًا برسالة طمأنة إلى مجتمع المال والعمال، أكد فيها أن الذكاء الاصطناعي سيخلق فرص عمل جديدة أيضًا، ربما تتجاوز تلك التي تم استبعادها.

وما زال ما طرحه الرئيس الأميركي الأسبق جون كيندي، في مطلع ستينيات القرن الماضي، يتردد صداه مع كل تطور في سوق التكنولوجيا، حين قال إن "التحدي الرئيسي لنا هو الحفاظ على التوظيف الكامل في وقت تحل فيه الأتمتة محل الرجال".

المساهمون