استمع إلى الملخص
- التوترات الجيوسياسية، مثل الحرب في أوكرانيا والمخاطر في الشرق الأوسط، لم تؤدِ إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط، مما يزيد الغموض حول اتجاهات السوق وسط مخاوف من زيادة الإنتاج السعودي.
- نفت "أوبك" تصريحات الوزير السعودي ووصفتها بغير الدقيقة، مما يعكس التوترات داخل التحالف، مع احتمالية ضغوط أمريكية على دول الخليج لزيادة الإنتاج.
جاءت التصريحات المنسوبة لوزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، قبل يومين، لتربك أسواق النفط، وتعيد للذاكرة تكهنات عن بدء السعودية "حرب أسعار" على النفط أدت في سنوات سابقة إلى انهيار الأسعار إلى نحو 10 دولارات للبرميل، كما جرى قبل 38 عاماً، وربما أقل من ذلك كما جرى في العام 2020 وخلال أزمة كورونا.
كما تسكب تلك التصريحات المزيد من الغموض حول اتجاهات أسعار الخام في الفترة المقبلة، وتزيد التكهنات حول أسباب عدم حدوث قفزات في سعر النفط، أسوة بما حدث عقب غزو أوكرانيا، رغم الحرب المشتعلة والمخاطر الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وضرب إيران إسرائيل بأكثر من 400 صاروخ باليستي، وشن روسيا هجوماً كبيراً بطائرات مسيرة على أوكرانيا، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية للطاقة بها، وتجدد التكهنات حول نية الصين غزو تايوان، وهو ما قد يثير حرباً عالمية ثالثة، أو على الأقل صداماً عسكرياً بين الصين والولايات المتحدة.
أمس الأربعاء ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية واسعة الانتشار، أن الوزير السعودي قال إن أسعار النفط قد تنخفض إلى 50 دولاراً للبرميل إذا لم يلتزم أعضاء تحالف "أوبك+" بقيود خفض الإنتاج النفطي المتفق عليها، وأن الوزير حذر من تراجع الأسعار، وتحدث عن الإنتاج الزائد من العراق وكازاخستان تحديداً.
سوق النفط فوق صفيح ساخن ويعيش لحظات حرجة، خاصة إذا ما انفرط عقد تحالف "أوبك+"، وأوقفت الرياض تنسيقها مع موسكو بشأن الإنتاج وضبط الأسعار
ونقلت الصحيفة عن وفود داخل منظمة "أوبك" قولهم إنهم سمعوا الوزير وهو يصدر التحذير بشأن تهاوي أسعار النفط في مكالمة جماعية جرت الأسبوع الماضي.
ووفق ما جاء في الصحيفة الأميركية، فإن منتجين للنفط داخل تحالف "أوبك+" فسروا التصريحات بأنها تهديد من السعودية، أكبر منتج للنفط داخل المنظمة النفطية، بأنها مستعدة لشن حرب أسعار، للحفاظ على حصتها في السوق العالمي، إذا لم تلتزم دول أخرى بما أقره التحالف في سنوات سابقة وخفّضت الإنتاج.
تصريحات الوزير السعودي شكّلت صدمة لأسواق الطاقة العالمية وكبار المنتجين للنفط، إذ إن تهاوي السعر إلى هذا الحد قد يترتب عليه إفلاس بعض الدول النفطية، أو على الأقل تعرّضها لعجز حاد في الموازنة العامة وتهاوٍ في إيراداتها النفطية.
كما تعني أن السعودية قد تخوض مجدداً "حرب أسعار" على النفط، مكررة سيناريو مارس 2020، وضخ إنتاج نفطي في الأسواق بكميات قياسية، كما جرى خلال جائحة كورونا، وذلك بهدف المحافظة على حصتها السوقية وزبائنها وإيراداتها النفطية التي تشكل الجزء الأكبر من الموازنة العامة للمملكة.
وهنا تدخل الأسواق في فوضى سعرية وإنتاجية وسقوط حر لأسعار النفط كما جرى في سنوات ماضية، حيث ساهمت حرب الأسعار التي قادتها المملكة قبل ما يقرب من خمس سنوات، في تراجع الأسعار بنسبة 65% في الربع الأول من عام 2020 لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ 17 عاماً، ويصل السعر لأقل من 17 دولارا في إبريل 2020، بل وصلت بعض أسعار النفط في الولايات المتحدة إلى مستويات سلبية، وبلغ سعر البرميل لنحو دولار واحد لأول مرة على الإطلاق.
أدت حروب سعرية قادتها السعودية لتعزيز الإنتاج، ومعاقبة المنتجين الآخرين مثل روسيا، إلى انهيار أسعار النفط إلى أقل من 10 دولارات للبرميل في 1986
ومع زيادة حدة المضاربات السعرية انهار سعر العقود الآجلة للنفط الخام الأميركي، يوم 20 إبريل 2020، ليصل سعر البرميل إلى أقل من سالب 37 دولار، لأول مرة في التاريخ.
كما أدت حروب سعرية سابقة قادتها السعودية لتعزيز الإنتاج، ومحاولة معاقبة المنتجين الآخرين، وفي المقدمة روسيا، إلى انهيار أسعار النفط إلى أقل من 10 دولارات للبرميل في عام 1986.
وبسبب ردات الفعل الخطيرة للتصريحات المنسوبة للوزير السعودي، سارعت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) اليوم الخميس لتكذّب التقرير الصادر عن "وول ستريت جورنال"، وتصفه بأنه "زائف وغير دقيق ومضلل تماماً". واللافت أن التكذيب لم يصدر عن الوزير السعودي، لكنه صدر عن "أوبك+" التي أجبرتها الأسعار الضعيفة على تأجيل زيادة الإنتاج لمدة شهرين وحتى ديسمبر المقبل.
سوق النفط فوق صفيح ساخن ويعيش لحظات حرجة، خاصة إذا ما انفرط عقد تحالف "أوبك+" التي تقوده السعودية وروسيا، وأوقفت الرياض تنسيقها مع موسكو بشأن الإنتاج وضبط الأسعار، وعادت الولايات المتحدة لممارسة الضغوط على دول الخليج لزيادة الإنتاج، بهدف كبح أي زيادات متوقعة في سعر النفط، خاصة في حال توقف إنتاج إيران النفطي، وتعرّض قطاع الطاقة بها لعقوبات غربية أو استهداف من قبل جيش الاحتلال.