استمع إلى الملخص
- الانقطاع المتكرر للاتصالات تسبب في تحديات كبيرة للطواقم الطبية والدفاع المدني، وقدرت "بالتل" الخسائر بأكثر من 100 مليون دولار، مع تعطل شبكات الهاتف الخلوي بنسبة تصل إلى 90%.
- الاستهداف الإسرائيلي لقطاع الاتصالات هدف لإعاقة التغطية الإعلامية ومنع نقل الصورة الحقيقية للأحداث، مما يعرقل جهود الصحافيين ويؤثر سلبًا على الخدمات الإسعافية، خاصةً للنساء والأطفال والمرضى.
كانت المرة الأولى التي يقطع فيها الاحتلال الاتصالات عن غزة في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2023، فيما توالت عمليات القطع التي تجاوزت 15 مرة في مختلف المناطق خلال العدوان الإسرائيلي المتواصلة للشهر التاسع على التوالي. وانعكس ذلك على عمل مختلف القطاعات، لعل من أبرزها قطاع الصحة والدفاع المدني والجهات الشرطية، فضلاً عن الأضرار التي طاولت مختلف القطاعات المعيشية الأخرى. وإلى جانب ذلك، عمد الاحتلال إلى قصف الأبراج السكنية والعمارات المرتفعة التي كانت تشهد وجوداً لبنية الاتصالات والشركات العاملة في غزة، ما كان يعرقل عمليات الاتصال والتواصل بين السكان لفترات طويلة.
وخلال فترات انقطاع الاتصالات، كانت الطواقم الطبية والدفاع المدني تعمل بشكل بدائي جداً، فضلاً عن فقدان التواصل والاتصال بين الفلسطينيين لأيام، وصعوبة الاطمئنان بين العائلات على نفسها وأفرادها. وبحسب تقديرات شركة الاتصالات الفلسطينية "بالتل"، لا تقلّ الأرقام الأولية للخسائر عن 100 مليون دولار نتيجة القصف الإسرائيلي وعمليات الاستهداف المتواصلة للشهر التاسع على التوالي. ووفق بيانات حصلت عليها "العربي الجديد"، وصلت شبكات الهاتف الخلوي في بعض المراحل إلى شبه شلل بأعطال بلغت نسبتها 90%.
والآن، تعمل شبكة الاتصال الخلوية التابعة للشركة بقدرة 30% فقط، وثمة أجزاء من الشبكة غير معروف أسباب تعطله، إن كان بسبب الدمار أو بسبب الأعطال والحاجة لإصلاحات. وعلى صعيد شبكات الإنترنت، تقدّر شركة الاتصالات أن الدمار طاول ما بين 70% و80%، من أبراج وخطوط وتمديدات، في الوقت الذي فقدت فيه الشركة قرابة 21 شخصاً من طواقهما، منهم اثنان في أثناء دوامهما. وتقدّر الشركة حاجتها لمدة زمنية لن تقل عن 3 سنوات في حال توقف الحرب من أجل إعادتها للعمل بالشكل نفسه الذي كانت عليه قبل الحرب الإسرائيلية على غزة المتواصلة منذ أكتوبر 2023.
ضرب الاتصالات لإعاقة التغطية الإعلامية في غزة
في هذا الصدد، يقول الصحافي ومالك إحدى شركات الإنتاج الإعلامي الفلسطينية في غزة، حسام أبو دان، لـ"العربي الجديد" إن "فقدان خدمات الاتصالات من أكثر التجارب المعقدة خلال عملنا، باعتبارها جزءاً أساسياً منه، ولا سيما في أوقات الحروب وجولات التصعيد، حيث الإعلاميون يحاولون الوصول إلى أماكن الحدث لجمع المعلومات".
ووفق أبو دان، فإن انقطاع الاتصالات تماماً في بعض الأوقات يعتبر أكثر صعوبة من الأيام العادية، نظراً إلى الأضرار الفادحة التي تلحق بالشبكات، مشيراً إلى أن المشكلة الخطيرة بالنسبة إلى الصحافيين كانت تتمثل بانقطاع الاتصالات وصعوبة نقل المواد إلى الخارج وإلى المؤسسات الإعلامية، وهو ما ينعكس سلباً على دقة عملية التغطية.
صعوبة نقل الإصابات بسبب أعطال الاتصالات
من جانبها، تقول المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني نبال فرسخ لـ"العربي الجديد" إن انقطاع خدمات الاتصالات خلال هذا العدوان مختلف عن كل الحروب السابقة التي شهدها القطاع خلال السنوات الماضية. وتوضح أنه بسبب تكرار سيناريو انقطاع الاتصالات في أكثر من منطقة، كانت طواقم الهلال الأحمر تواجه صعوبات كبيرة في تقديم خدمة الإسعاف، وهو ما يؤخر وصول مركبات الإسعاف إلى الجرحى والمصابين، مشيرة إلى أن الطواقم وجدت نفسها مضطرة إلى اجتراح حلول بديلة مؤقتة خلال الحرب على غزة، أبرزها نشر الطواقم والمركبات في المستشفيات في مختلف المدن على أساس استراتيجي.
ووفق فرسخ، فإن هذه التجربة تقوم على التعامل مع الإصابات فور وصول أول إصابة ينقلها المدنيون والتعامل مع الحالات الأخرى للتغلب على انقطاع الاتصالات، إضافة إلى مراقبة أعمدة الدخان وأصوات الانفجارات للوصول إلى الأماكن المستهدفة. وهي تؤكد أن انقطاع هذه الخدمات الحيوية على نحو متقطع له أثر سلبي كبير على النساء والأطفال، ولا سيما المرضى، نتيجة عدم وجود قدرة على التواصل مع طواقم الهلال الأحمر، واقتصار عمليات النقل على مبادرات المدنيين.
خسائر قطاع الاتصالات في غزة بالأرقام
إلى ذلك، يؤكد المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة لـ"العربي الجديد" أن الاحتلال استهدف منذ بداية الحرب الإسرائيلية 15 قطاعاً في إطار حرب الإبادة التي يشنها على القطاع بلا هوادة منذ أكتوبر 2023، مشيراً إلى أن الاحتلال عمد إلى استهداف أكثر من 700 ألف متر من شبكات الإنترنت والكهرباء في القطاع بهدف شلّ الحياة تماماً وتعطيل عمل الطواقم الحكومية والأمنية والصحية والمدنية. ويشدد أيضاً على أن الاحتلال، بهذا الاستهداف، كانت نيته التغطية على ارتكابه المجازر، محاولاً منع نقل صورة أفعاله البشعة إلى العالم، وعرقلة الطواقم كافة في غزة، وتحويل القطاع إلى مكان غير صالح للعيش.