استمع إلى الملخص
- الاقتصاد المصري يواجه تحديات كبيرة بما في ذلك تضخم سنوي بلغ 32.5% وانخفاض قيمة الجنيه، مما يجعل تمويل دعم الخبز صعبًا للحكومة التي خصصت نحو 125 مليار جنيه لدعم الخبز في موازنة 2024-2025.
- زيادة سعر الخبز تثير مخاوف بشأن تأثيرها السلبي على الأسر الفقيرة وتعكس التحديات الاقتصادية الواسعة بما في ذلك الديون الضخمة، مع دعوات لإعادة تقييم الأولويات الاقتصادية وتحسين الأمان الاجتماعي.
حوّل ارتفاع سعر رغيف الخبز المدعوم بأربعة أمثال في مصر الحياة بالنسبة إلى جمال أحمد إلى معاناة أصعب من أي وقت مضى مثله مثل الملايين من المصريين. ويكافح جمال، المتقاعد البالغ من العمر 64 عاماً، أصلاً لتلبية احتياجاته حتى قبل إصدار الحكومة المصرية القرار الجديد. وتواجه الحكومة في مصر ارتفاعاً حاداً في تكلفة استيراد القمح وأصدرت قراراً دخل حيز التنفيذ في الأول من يونيو/حزيران الجاري، بزيادة سعر رغيف الخبز المدعوم للمرة الأولى منذ عقود.
وهذه الأرغفة الصغيرة متاحة لأكثر من 70 مليون مصري ولا غنى عنها للفقراء. وعلى الرغم من أن سعرها بعد الزيادة لا يزال مخفضاً بشكل كبير، إذ يبلغ بعد القرار 20 قرشا (0.0042 دولار) للرغيف ارتفاعا من خمسة قروش، فهذا السعر فوق طاقة تحمل الكثير من الأسر. وقال جمال عن ارتفاع سعر الخبز وعدم قدرة الأسر على تحمل المزيد من الغلاء "العملية مش مستحملة" كما عبر عن قلقه من زيادة محتملة أعلنت عنها الحكومة في تكلفة المرافق أيضاً. وأضاف: "فواتير الغاز والكهربا والمية.. والأسعار عموماً غالية بصراحة الله يكون في عون صاحب العيال أو الراجل اللي أجره محدود في الظروف دي الله يكون في عونه". (الدولار= 47.12 جنيهاً).
وسيشعر الملايين بتأثير زيادة السعر لأن رغيف الخبز المدعوم سلعة أساسية لا غنى عنها لأغلب سكان البلاد البالغ عددهم 106 ملايين نسمة تقريبا. ويقول متقاعد آخر هو محمد عبد العزيز وهو يشتري الخبز المدعوم في وسط العاصمة المصرية القاهرة: "طبعاً حيأثر عليّ ماديا لإن أنا راجل على المعاش.. هيأثر عليّ وهيأثر على غيرى. أنا لاقي شغل وبشتغل لكن غيري ممكن مش لاقى شغل وعايش على المعاش بتاعه". ووصف الظروف المعيشية بأنها "ماشية بالعافية" أي بالكاد يتحملون النفقات. وشرح كيف اضطر إلى مواصلة العمل لزيادة الدخل عن معاشه الشهري والإنفاق على ثلاثة أبناء لم يتزوجوا بعد وقال: "شغلانة تانية جنب المعاش هي دي اللي تمشيني المعاش لوحده مش هيكفي.. معاشي حوالي ألفي جنيه" أو ما يعادل 42.46 دولاراً.
وكانت زيادة سعر رغيف الخبز المدعوم مسألة ذات حساسية سياسية مما أجل القرار لسنوات في بلد يشكل فيه الخبز الرخيص عنصراً رئيسياً على موائد الطعام بسبب انتشار الفقر. ورغم جولات متكررة من الإصلاحات التقشفية، أبقت الحكومة أسعار الخبز دون تغيير منذ الثمانينيات لقلقها من رد فعل الشارع. وأثارت محاولة لتغيير نظام الدعم في 1977 أعمال شغب. وبدلاً من زيادة السعر، لجأت الحكومة من قبل للحد من المستفيدين وتقليل وزن الرغيف نفسه. ونحو ثلثي السكان يستفيدون من دعم الخبز وأحقيتهم في ذلك تتحدد على أساس الدخل وهذا يمنحهم خمسة أرغفة يومياً. وبذلك قد ترتفع فاتورة الخبز الشهرية لأسرة مكونة من أربعة أفراد إلى 120 جنيها من 30 جنيها فقط في بلد يبلغ الحد الأدنى للأجور فيه ستة آلاف جنيه بعد زيادته 50% في مارس/آذار.
الخبز والقمح.. وجموح التضخم في مصر
اتخذت الحكومة القرار فيما بلغ معدل التضخم السنوي 32.5% في إبريل/نيسان، بعدما وصل إلى 38% في سبتمبر/أيلول الماضي. كما أن لدى مصر فاتورة ضخمة لخدمة الدين وسمحت بانخفاض حاد في قيمة الجنيه في مارس/آذار، عندما تحولت إلى نظام سعر صرف مرن. ومصر غالبا أكبر مستورد للقمح في العالم. ويقول تجار إن من غير المتوقع أن يغير رفع السعر من كميات مشتريات الحكومة في الأمد القصير. وتسبب انهيار الجنيه والتضخم الجامح في زيادة حادة في فاتورة استيراد القمح الحكومية.
ويقول وزير التموين علي المصيلحي إن السعر الجديد يشكل 16% فقط من تكلفة الرغيف التي زادت بسبب ضعف العملة المحلية وزيادة أسعار القمح عالميا. وذكر المصيلحي أن الحكومة تخصص نحو 125 مليار جنيه (2.65 مليار دولار) لدعم الخبز في موازنة 2024-2025 ارتفاعاً من 91 ملياراً العام الماضي. وأضاف أن الوزارة لم تتلق أي شكاوى من المواطنين بعد زيادة السعر. وتقول الحكومة إنها توسع نطاق شبكة الأمان الاجتماعي لكن بعض المنتقدين يتساءلون عن سبب خفض دعم الخبز في وقت تنفق الحكومة بسخاء على مشروعات كبرى مما زاد من حجم الديون.
ويقول تيموثي كالداس نائب مدير معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط إن الدولة يجب بدلاً من ذلك أن تعطي الأولوية لخفض إعفاءات الشركات التي يملكها الجيش التي تمتع منذ فترة طويلة بامتيازات مالية. وتابع قائلاً إن رفع سعر رغيف الخبز المدعوم سيكون "ضربة قوية للأسر الفقيرة". وأضاف أن الخطوة قد تؤجج الإحباط والاستياء العام من الظروف الاقتصادية حتى وإن لم تدفع الناس للتظاهر بعد التضييق على المعارضة وحظر أغلب الاحتجاجات العامة. ويوم السبت، سألت الإعلامية المصرية لميس الحديدي في برنامجها الذي يذاع على إحدى القنوات المحلية وزير التموين عن أن أقساط الديون تشكل نسبة 62% من إنفاق الميزانية بينما يمثل الدعم 11.5% فقط. وردّ المصليحي بالقول إن مصر عليها أن تسدد الديون. وأضاف: "إحنا بنتكلم في واقع النهاردة وهنعمل إيه بكرة".
(رويترز)