هكذا يؤثر خفض إنتاج "أوبك+" على أسعار النفط والتضخم

06 أكتوبر 2022
قرّر تحالف "أوبك+" خفض إنتاج النفط مليوني برميل يومياً اعتباراً من الشهر المقبل (Getty)
+ الخط -

أثار قرار تحالف "أوبك+" خفض إنتاج النفط مليوني برميل يومياً اعتباراً من الشهر المقبل، عاصفة انتقادات أميركية وغربية، لما لهذه الخطوة من تأثير مرتقب على أسعار النفط، وتالياً على معدلات التضخم.

لكن كيف يؤثر خفض إنتاج النفط على أسعاره، كما على المستوى العام لأسعار السلع الاستهلاكية؟

يشير قانون العرض والطلب إلى أن خفض الإنتاج يعني شيئاً واحداً فقط: ارتفاع أسعار آتٍ للنفط الخام ووقود الديزل والبنزين وزيوت التدفئة التي يتم إنتاجها منه كمشتقات بترولية.

إليك ما يجب معرفته عن قرار "أوبك+" وما قد يعنيه بالنسبة للاقتصاد وسقف أسعار النفط الذي تطمح الدول الغربية إلى اعتماده للحد من جموح الأسعار وانعكاسها على التضخم:

لماذا خفض تحالف "أوبك+" الإنتاج؟

قال وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان إن التحالف يعمل بشكل استباقي في تعديل العرض قبل تراجع محتمل في الطلب، لأن الاقتصاد العالمي المتباطئ يحتاج إلى وقود أقل للسفر والصناعة.

وقال: "نحن نمر بفترة من أوجه عدم اليقين المتنوعة التي يمكن أن تأتي في طريقنا، إنها سحابة تختمر"، ووصف دور التحالف بأنه "قوة الاعتدال لتحقيق الاستقرار".

ويأتي القرار بعدما تراجعت أسعار النفط نسبياً إثر ارتفاع لافت في الصيف، حيث انخفض سعر برميل خام برنت القياسي 24% عما كان عليه في منتصف يونيو/حزيران، فبعدما تجاوز 123 دولاراً يجري تداوله اليوم بسعر 93.5 دولارا تقريبا.

أما أحد الأسباب الرئيسية لتراجع السعر فهو المخاوف من أن مجالات كبيرة من الاقتصاد العالمي تنزلق إلى الركود، لأن أسعار الطاقة المرتفعة للنفط والغاز الطبيعي والكهرباء تدفع التضخم صعوداً وتحرم المستهلكين من قدرتهم الشرائية.

وثمة سبب آخر لتراجع النفط، فقد جاءت ارتفاعات الصيف بسبب المخاوف من خسارة الكثير من إنتاج النفط الروسي في السوق بسبب حرب أوكرانيا.

ولأن التجار الغربيين تجنبوا النفط الروسي حتى بدون عقوبات، اشترى العملاء في الهند والصين تلك البراميل بخصم كبير، لذا لم تكن ضربة الإمدادات بالسوء المتوقع.

ويشعر منتجو النفط بالقلق من حدوث انهيار مفاجئ في الأسعار إذا انحدر الاقتصاد العالمي أسرع من المتوقع. فهذا ما حدث خلال جائحة كورونا عام 2020 وأثناء الأزمة المالية العالمية في 2008-2009.

كيف يستهدف الغرب النفط الروسي؟

وفرضت الولايات المتحدة وبريطانيا حظراً كان غالباً رمزياً، لأن أياً من البلدين لم يستورد الكثير من النفط الروسي. وأوقف البيت الأبيض الضغط على الاتحاد الأوروبي لفرض حظر على الاستيراد، لأن دول الاتحاد حصلت على ربع نفطها من روسيا.

وفي نهاية المطاف، قررت الكتلة المكونة من 27 دولة قطع النفط الروسي الذي يأتي عن طريق السفن في 5 ديسمبر/كانون الأول، مع الاحتفاظ بكمية صغيرة من إمدادات خطوط الأنابيب التي تعتمد عليها بعض دول أوروبا الشرقية.

كما تبحث الولايات المتحدة وغيرها من الدول الكبرى في مجموعة السبع وضع سقف لسعر النفط الروسي، وستستهدف شركات التأمين ومقدمي الخدمات الآخرين الذين يسهّلون شحنات النفط من روسيا إلى دول أخرى. ووافق الاتحاد الأوروبي على إجراء مشابه هذا الأسبوع.

ويوجد العديد من هؤلاء المزودين في أوروبا، وسيتم منعهم من التعامل مع النفط الروسي إذا كان السعر أعلى من الحد الأقصى.

كيف سيتصادم خفض إنتاج النفط مع سقف الأسعار والعقوبات؟

والفكرة وراء وضع سقف السعر الحفاظ على تدفق النفط الروسي إلى السوق العالمية، لكن فقط بأسعار منخفضة. ومع ذلك، هددت روسيا ببساطة بوقف عمليات التسليم إلى أيه دولة أو شركات تلتزم بالحد الأقصى هذا. وقد يؤدي ذلك إلى إخراج المزيد من النفط الروسي من السوق ودفع الأسعار إلى الأعلى.

وكانت أسعار البنزين في الولايات المتحدة، التي ارتفعت إلى مستويات قياسية عند 5.02 دولارات للغالون في منتصف يونيو/حزيران، تنخفض في الآونة الأخيرة، لكنها عادت للارتفاع مجدداً، مما تسبب في مشكلات سياسية للرئيس جو بايدن قبل شهر من انتخابات التجديد النصفي.

وكان بايدن، الذي يواجه تضخماً عند أعلى مستوياته في 40 عاماً، قد روّج لهبوط أسعار البنزين. وخلال الأسبوع الماضي، ارتفع متوسط السعر الوطني للغالون 9 سنتات، إلى 3.87 دولارات، وهذا يزيد بمقدار 65 سنتاً عما كان يدفعه الأميركيون قبل عام.

وقال للصحافيين بشأن قرار "أوبك+" إنه "مخيب للآمال، ونحن نبحث عن البدائل التي قد تكون لدينا".

هل سيؤدي خفض إنتاج "أوبك+" إلى تفاقم التضخم؟

نعم على الأرجح. يجب أن يصل سعر برميل خام برنت إلى 100 دولار بحلول ديسمبر/كانون الأول، كما يقول خورخي ليون، نائب الرئيس الأول في "ريستاد إنيرجي"، وهذا أعلى من توقع سابق قدره 89 دولاراً.

وجزء من الخفض البالغ مليوني برميل هو على الورق فقط، لأن بعض دول "أوبك+" غير قادرة على إنتاج حصتها. ولذلك يمكن للمجموعة تنفيذ خفض فعلي يناهز 1.2 مليون برميل يومياً فقط.

وقال ليون إن ذلك سيظل له تأثير "كبير" على الأسعار. وكتب في مذكرة: "ستضيف أسعار النفط المرتفعة حتماً إلى أزمة التضخم التي تكابدها البنوك المركزية العالمية، وسيعمل ارتفاع أسعار النفط في حساب التفاضل والتكامل بشأن زيادة أسعار الفائدة لتهدئة الاقتصاد".

كما سيفاقم ذلك أزمة الطاقة في أوروبا المرتبطة إلى حد كبير بالتخفيضات الروسية لإمدادات الغاز الطبيعي المستخدمة للتدفئة والكهرباء وفي المصانع، وسيؤدي إلى ارتفاع أسعار البنزين في جميع أنحاء العالم. وبما أن هذا يغذي التضخم، فإن الناس لديها أموال أقل لإنفاقها على أشياء أخرى، مثل الطعام والإيجار.

ويمكن أن تؤثر عوامل أُخرى أيضا على أسعار النفط، بما في ذلك عمق أي ركود محتمل في الولايات المتحدة أو أوروبا، ومدة قيود كورونا في الصين، والتي قلصت الطلب على الوقود.

ماذا يعني خفض إنتاج النفط بالنسبة لروسيا؟

ويقول محللون إن روسيا، أكبر منتج من بين الأعضاء من خارج "أوبك" في تحالف المنتجين، ستستفيد من ارتفاع أسعار النفط قبل تحديد سقف للأسعار. وإذا كان لروسيا أن تبيع النفط بسعر مخفض، فعلى الأقل يبدأ التخفيض عند مستوى سعر أعلى.

وقد عوّض ارتفاع أسعار النفط سابقاً هذا العام الكثير من مبيعات روسيا المفقودة من المشترين الغربيين الذين تجنبوا إمداداتها. وتمكنت الدولة أيضاً من إعادة توجيه نحو ثلثي مبيعاتها الغربية النموذجية إلى العملاء في أماكن مثل الهند.

ويأتي ثلث ميزانية الدولة الروسية من عائدات النفط والغاز، وبالتالي فإن تحديد سقف الأسعار سيزيد من تأكل مصدر رئيسي للإيرادات. وفي غضون ذلك، يتقلص بقية الاقتصاد الروسي بسبب العقوبات وانسحاب الشركات الأجنبية والمستثمرين الأجانب.

(أسوشييتد برس، العربي الجديد)

المساهمون