هكذا ساعدت العملات المشفّرة أوكرانيا خلال الغزو الروسي

19 مارس 2022
تساعد العملات المشفرة الأوكرانيين على الصمود (Getty)
+ الخط -

تؤدي العملات المشفرة في أوكرانيا دوراً غير مسبوق يتيح للحكومة جمع ملايين الدولارات لتمويل تصديها للغزو الروسي. لماذا تحوّلت أوكرانيا نحو العملات المشفّرة؟ وما هي التحوّلات التي ستطرأ على هذا القطاع الذي لا يزال فتياً؟

منذ أولى ساعات النزاع، فتحت الحكومة الأوكرانية العناوين والمحفظات الخاصة بالعملات المشفّرة، ما أتاح لها تلقي هذه العملات اللامركزية بشكل مباشر.

وبإمكان أي شخص يمتلك عمليات مشفّرة أن يرسلها إلى هذه العناوين. وباتت تتدفق على الحكومة العملات المشفرّة من شتى الأنواع من "بيتكوين" و"إيثريوم" وأيضاً تيثر المقوّم بالدولار.

وجمعت الحكومة الأوكرانية و"صندوق العملات المشفّرة في أوكرانيا" الذي أنشأته منصة "كونا" الأوكرانية الرئيسية للقطاع، والذي أدمج مع الصندوق الحكومي، أكثر من مئة مليون دولار.

وأوضح مؤسس منصة "كونا" ورئيسها مايكل شوبانيان (37 عاماً) لوكالة "فرانس برس": "لا زلنا نجمع عملات مشفّرة ونصرفها لشراء حصص غذائية" للجنود و"سترات مضادة للرصاص وخوذ".

وبات شوبانيان يهتم بشكل حصري بجمع التبرعات بالعملات المشفّرة لصالح حكومته.

تعد المبالغ التي يتم جمعها من العملات المشفّرة ضئيلة مقارنة بمساعدات بمليارات الدولارات أقرّتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمات دولية كبرى، لكنّها تسمح للأفراد بالمساهمة في التمويل.

واعتبرت المنظمة الأميركية غير الحكومية "ذا غيفينغ بلوك"، التي تعنى بجمع العملات المشفّرة حول العالم بغية إرسالها إلى أوكرانيا، "إنه خيار يلجأ إليه الأفراد الأصغر سنّاً بشكل متزايد لدعم قضايا مختلفة".

من جهة أخرى، تحوّل الأوكرانيون نحو هذه العملات اللامركزية لحماية أنفسهم من تراجع قيمة عملتهم.

إلى الآن، نجح المصرف المركزي الأوكراني في وقف انهيار العملة الوطنية، لكن تداعيات الغزو قد تُفقد الهريفنيا الأوكرانية قيمتها.

وباستخدام العملات المشفّرة المقوّمة بالدولار، يتجنّب المانحون قدر المستطاع تقلّبات أسواق الصرف.

ومن مزايا التبرّع بالعملات المشفّرة سرعة التحويلات. ففي حين يمكن أن يستغرق تحويل مصرفي بين بلدين ما يصل إلى 24 ساعة لتنفيذه، عادة ما يستغرق تحويل العملات المشفّرة أقل من ساعة.

في قطاع لا يزال قيد البناء، لا يجرى التبرّع بالعملات المشفّرة من دون عقبات. وأراد وزير الصناعة الرقمية الأوكراني مكافأة المانحين بعملة مشفّرة رمزية أنشئت للمناسبة، لكنّه عاد وتخلى عن مسعاه.

والأسوأ، أنّ مجهولين عمدوا إلى وضع نسخة مزيّفة من هذه العملة الأوكرانية المشفّرة، في مسعى منهم لجمع قسم من المبالغ المخصصة للأغراض العسكرية.

وقال شوبانيان الذي بات ينسّق بشكل وثيق مع الوزارة "حصل سوء تواصل" داخل الحكومة، مذكّراً بأنه "كان اليوم الأول للحرب".

من جهة أخرى، من شأن التشجيع على استخدام العملات المشفّرة أن ينقلب في المدى الطويل ضد الحكومة، من خلال حض الأوكرانيين على استخدام نظام مالي مواز.

وبحسب مركز "تشايناليسس"، التحويلات في أوروبا الشرقية توجّه خصوصاً نحو عناوين خارج المنطقة، "ما يمكن أن يؤشر إلى خروج غير قانوني للأموال"، لغايات قد يكون من بينها التهرّب الضريبي.

على الرغم من النزاع، يبدو شوبانيان واثقاً ويقول "بعد انتصارنا في الحرب، سنعيد بناء أوكرانيا عبر تقنية بلوكتشاين" لتبادل العملات المشفّرة، في إشارة إلى آلية لجمع البيانات تمتاز بقدرتها على توسيعها باستمرار.

ووقّع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء، قانوناً لتشريع العملات المشفّرة، يضع إطاراً تشريعياً للمنصات والمستخدمين في بلاد كان فيها هذا القطاع إلى حينه يشكّل اقتصاداً موازياً.

وأبعد من الحدود الأوكرانية، يجبر النزاع الحكومات على تطوير مفاهيمها للعملات المشفّرة ووضع إطار لها.

وقالت الخبيرة في مركز "تشايناليسس" كارولاين مالكوم، لـ"فرانس برس": "نأمل أن يؤدي ذلك إلى سياسات تنظيمية متناسبة وفاعلة".

في الولايات المتحدة، أطلق الرئيس الأميركي جو بايدن مشروعاً لإصدار "دولار رقمي"، وطلب من وكالات فدرالية عدة إعداد تقارير حول المخاطر المرتبطة بالعملات المشفّرة وكيفية التصدي لها.

(فرانس برس)

المساهمون