هدوء الدولار في مصر: استقرار يترافق مع جولات بعثة صندوق النقد

29 يونيو 2024
شركة صرافة في القاهرة، 3 نوفمبر 2016 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

أنهى الدولار جولته الأسبوعية بخسارة ما حققه من ارتفاعات أمام الجنيه المصري، حيث تراجع بمعدل 50 قرشا بشاشات البنك المركزي والبنوك. تراجع الدولار من مستوى 48.50 إلى 47.99 جنيهاً بسعر الشراء و48.13 للبيع بالبنك المركزي، أعقبه تراجع بكافة البنوك العامة والخاصة، وشركات الصرافة، حيث بلغ الحد الأقصى لشراء الدولار 48 جنيها، و48.10 جنيهاً للبيع، بينما سجل 48.44 جنيهاً في سوق الذهب، وتراجع إلى 47.81 جنيهاً للشراء و48.66 للبيع في السوق الموازية.

وشاركت بنوك الأهلي ومصر وسي آي بي، في زيادة المعروض من الدولار بالأسواق، حيث خفضت عملة التحويل من 10 إلى 5%، مع زيادة حدود استخدام بطاقات الائتمان بالعملات الأجنبية بنسبة 50%، اعتبارا من الثلاثاء الماضي.

ساهم القرار في خفض الطلب على الدولار من البنوك، واتجاهه نحو الهبوط، منذ ظهر الأربعاء، حيث انخفض بمعدل 20 قرشا بالبنوك وشركات الصرافة، بعد زيادة شهدها، عقب عودة العمل من إجازة طويلة استمرت 10 أيام، بمناسبة عيد الأضحى، صحبتها شائعات عن اتجاه الدولار إلى مستوى 60 جنيها بالسوق السوداء.

أسباب تراجع الدولار في مصر

قال خبير التمويل والاستثمار وائل النحاس لــ" العربي الجديد" إن التراجع الذي يشهده الدولار، تحقق بعد قفزة استمرت لفترة قصيرة واكبت سحب كميات كبيرة من الأسواق، مرتبطة بسداد الحكومة قيمة شحنات الغاز الجديدة، ومستحقات 25% من مستحقات شركات النفط المتأخرة، منذ عامين، وأقساط وفوائد الدين الأجنبي، بالتوازي مع حاجتها لتدبير موارد مالية كافية للإفراج عن الواردات بالموانئ.

يشير النحاس إلى ارتباط زيادة الدولار تدريجيا منذ مطلع شهر يونيو/ حزيران، بوجود بعثة صندوق النقد الدولي بالقاهرة، لإتمام إجراءات المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، ليعكس رسالة بأن الحكومة لا تتدخل في إدارة سعر الصرف.

يؤكد خبير التمويل والاستثمار أن البنوك المحلية وشركات الصرافة تعاني من تخمة توافر الدولار الذي تدفق عليها خلال الفترة الماضية من فائض تحويلات المصريين العائدين في إجازات من العمل بالخارج، مع اكتفاء كبار المستوردين والموزعين للسلع المعمرة والاستهلاكية، من الطلب على الدولار، في ظل معاناتهم الشديدة من حالة الركود في المبيعات، وعدم قدرتهم على تحريك الطلب بالأسواق، التي تواجه تراجعا شديدا في الطلب، مقابل زيادة العرض، وعدم وجود تخفيضات جاذبة لجمهور المستهلكين الذين يعانون من تراجع حاد في مستويات الدخل والمعيشة.

وقال لـ" العربي الجديد" إن البنوك وشركات الصرافة أصبحت تواجه أزمة بعدم قدرتها على تصريف ما لديها من دولار، في ظل محافظة البنك المركزي على القيود المستندية عند الشراء وثباث عمولة بيع الدولار للمستثمرين والجمهور. يتوقع النحاس أن يظل سعر الدولار عند حدود 48 جنيها، مع تذبذب بمعدل جنيهين نحو الصعود والهبوط في السعر، حتى نهاية نوفمبر المقبل، منوها إلى رغبة الحكومة في الحفاظ على قيمة الدولار عند حدود هذه المستويات، لتظل جاذبة للاستثمار المباشر، المضارب على شراء أدوات الدين المحلي، حيث تضمن للمستثمرين عائد مرتفع على الجنيه، عند الحدود الحالية التي يحددها البنك المركزي، بنحو 27.25%، بما يحقق له هامش ربح جيد، يفوق معدل الفائدة على الدولار التي يحافظ عليها الفيدرالي الأميركي عند حدود 5.5%.

تراجع الاستثمار المباشر

يشير النحاس إلى أن الدولار سيظل عند الحدود الحالية، بعد انتهاء فورة الطلب لشرائه خلال إجازة العيد، وتشبع شراء السلع والذهب مع استمرار حالة الركود بالمصانع والشركات. في سياق متصل وصف النحاس تراجع الاستثمار المباشر، إلى خروج بعض المستثمرين المغامرين في سوق أدوات الدين الحكومية، قصيرة الأجل، لمدة 70 يوما، متمنياً ألا تسبب هذه الموجة أية مخاطر على قيمة الجنيه، الذي يظل سعره مقبولا عند حدود 24- 44 جنيهاً مقابل الدولار.

يفسر خبير التمويل والاستثمار تراجع الاستثمار المباشر، بخروج بعض أموال الأجانب، التي حصلت على مستحقاتها بالجنيه من الحكومة خلال الفترة من يناير إلى يونيو الجاري، والتي تقدرها وزارة المالية بنحو تريليون جنيه، وتطلب حاليا تحويل بعض تلك المبالغ إلى الدولار، لتحويلها للخارج، دون أن تكون ساهمت واقعيا في جذب أية أموال بالدولار أو العملة الصعبة خلال نفس الفترة.

يؤكد النحاس أن مراجعة الدين الخارجي وقيمة الودائع بالدولار، تبين عدم وجود ارتفاعات موازية لحجم التدفقات بالدولار التي تشير إليها الحكومة والتي تقدر بنحو 64 مليار دولار على مدار نصف العام الجاري، منوها إلى صفقة تبادل وديعة بالبنك المركزي، بقيمة 11.2 مليار دولار، بما يقابلها بالجنيه المصري، في إطار صفقة بيع مدينة رأس الحكمة للصندوق السيادي، بينما تضعها الحكومة في قوائم الاستثمار الأجنبي المباشر.

يلفت النحاس إلى خطورة ترويج الحكومة لدخول الأموال الساخنة، مؤكدا أن الأسواق الدولية تلفظ مشاركة هذه النوعية من الاستثمارات التي تظل مرتبطة بالأموال القذرة وغسل الأموال وتجارة السلاح والعمليات غير المشروعة، والتي تأتي من أجل تبيضها والخروج بسرعة من السوق، مشددا على ضرورة الاعتماد على جذب الأموال الذكية التي تأتي وفقا خطط مدروسة من قبل المستثمرين وتهدف للمكوث بالأسواق لفترة زمنية محددة والخروج بأرباح متوقعة.

إمدادات الغاز

يشير النحاس أن محافظ الأموال الذكية يمكنها المساهمة في حل الأزمات الاقتصادية التي تواجهها الحكومة، التي لا ترغب في خفض سعر الفائدة، وفقا لتعليمات صندوق النقد باعتبارها إحدى الأدوات المحفزة لخفض معدلات التضخم. على جانب آخر، أعلنت الحكومة عن توصلها إلى اتفاق مع إسرائيل على زيادة معدلات تدفق الغاز من حقول، والتزامها بسداد مستحقات شحنات غاز جديدة بقيمة 1.182 مليار دولار.

وفي تطور مفاجئ عاودت شركات الأسمدة والبتروكيماويات تشغيل مصانعها بعد توقف استمر ثلاثة أيام، جراء انقطاع إمداد الغاز، من الشبكة القومية للغاز التابعة لوزارة البترول. وأبلغت شركة سيدي كرير للبتروكيماويات بورصة الأوراق المالية عن بدء تشغيل المصانع مرة أخرى صباح أمس.

أفصحت شركة أبو قير للأسمدة، في بيان للبورصة أنها تستهدف تحقيق أرباح بقيمة 7.1 مليارات جنيه خلال العام المالي 2024-2025، بزيادة مجمل الإيرادات إلى 21.3 مليار جنيه وايرادات بمبلغ 18.65 مليار جنيه.

المساهمون