هجمات الحوثيين في البحر الأحمر: ناقلات النفط تواصل الإبحار وسفن شحن البضائع تتراجع 28%

09 يناير 2024
هاجم الحوثيون سفن شحن البضائع المتجهة إلى إسرائيل (فرانس برس)
+ الخط -

أظهر تحليل أجرته وكالة "رويترز" لبيانات تتبّع السفن أن حركة ناقلات النفط والوقود في البحر الأحمر كانت مستقرة في ديسمبر/ كانون الأول، رغم أن العديد من سفن الحاويات غيّرت مساراتها بسبب هجمات حركة أنصار الله (الحوثيين) انطلاقاً من المناطق التي يسيطرون عليها في اليمن.

وأدت هجمات الحوثيين، وهم حلفاء إيران، إلى ارتفاع تكاليف الشحن وأقساط التأمين ارتفاعاً حاداً، لكن تأثيرها في تدفقات النفط جاء أقلّ من المخاوف، مع استمرار شركات الشحن في استخدام الممر الرئيسي بين الشرق والغرب.

وهاجم الحوثيون، الذين يستهدفون السفن المتجهة إلى إسرائيل بسبب حرب الأخيرة على قطاع غزة الفلسطيني، شحنات البضائع غير النفطية إلى حد كبير.

ولم تحدث التكاليف الإضافية فرقاً كبيراً بالنسبة إلى معظم شركات الشحن حتى الآن، لأن تكلفة استخدام البحر الأحمر لا تزال في متناول الجميع مقارنة بإرسال البضائع حول أفريقيا.

لكن الوضع يستحق المراقبة مع تحويل بعض شركات النفط مثل "بي بي" و"إكوينور" الشحنات إلى المسار الأطول.

وقال خبراء إن زيادة تكاليف الشحن ستزيد على الأرجح صادرات الخام الأميركي إلى بعض المشترين الأوروبيين.

وقالت ميشيل ويز بوكمان، محللة الشحن في "لويدز ليست": "لم نشهد حقاً عرقلة حركة الناقلات التي كان يتوقعها الجميع".

وكانت هناك 76 ناقلة محملة بالنفط والوقود في المتوسط ​​يومياً في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن في ديسمبر، وهي المنطقة القريبة من اليمن التي شهدت الهجمات.

ويقلّ هذا العدد بمقدار سفينتين فقط عن متوسط ​​شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، بواقع ثلاث سفن فقط عن المتوسط ​​خلال أول 11 شهراً من عام 2023، وفقاً لبيانات من خدمة "ماري تريس" لتتبع السفن.

ورصدت خدمة "كبلر" المنافسة لتتبع السفن عبور 236 سفينة يومياً في المتوسط بمنطقة البحر الأحمر وخليج عدن بأكملها في ديسمبر، وهو ما يزيد قليلاً على المتوسط ​​اليومي البالغ 230 سفينة في نوفمبر.

وذكرت ويز بوكمان أن التكلفة الإضافية للإبحار عبر طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا بدلاً من المرور عبر البحر الأحمر ستجعل رحلات توصيل النفط أقل ربحية، وأضافت: "بالتالي، ستحاول وستمضي قدماً".

وتضاعفت أسعار التأجير تقريباً منذ بداية ديسمبر وفقاً لبيانات من شركة "مارهلم" لتحليل بيانات السفن. وتصل تكلفة شحن النفط على متن ناقلات سويزماكس إلى قرابة 85 ألف دولار يومياً.

ويمكن أن تحمل هذه الناقلات ما يصل إلى مليون برميل. وتبلغ تكلفة شحن النفط على متن سفن "أفراماكس"، التي يمكنها نقل 750 ألف برميل، 75 ألف دولار في اليوم.

وانخفضت حركة الناقلات في منطقة جنوب البحر الأحمر لفترة وجيزة بين 18 و22 ديسمبر عندما كثفت جماعة الحوثي هجماتها على السفن، لمتوسط ​​66 ناقلة، لكن الحركة استؤنفت بعد ذلك، وفقاً لخدمة "ماري تريس".

وتراجعت حركة سفن الحاويات في المنطقة بشكل أكثر حدة بنسبة 28% في ديسمبر، مقارنة بنوفمبر مع انخفاضات حادة في النصف الثاني من الشهر بسبب تصاعد الهجمات، بحسب "ماري تريس". 

إصرار على المخاطرة

وأوضح تحليل بيانات لمجموعة بورصات لندن أن العديد من شركات النفط الكبرى والمصافي وشركات خدمات الشحن واصلت استخدام طريق البحر الأحمر.

وقال مؤسس شركة مارهلم لتحليل بيانات السفن، كالفين فرويدج، إن "شركات الشحن وعملاءها يريدون حقاً تجنب تعطل الجدول الزمني. لذا، فهم ما زالوا يتحملون المخاطر". وأشار إلى أن العديد من ناقلات النفط التي تعبر البحر الأحمر كانت تحمل الخام الروسي إلى الهند، وهي التي ليس للحوثيين مصلحة في مهاجمتها.

ووفقاً لبيانات تتبع السفن في مجموعة بورصات لندن، عبرت السفينة "دلتا بوسيدون" التي تشغلها شركة "شيفرون" قناة السويس والبحر الأحمر في نهاية ديسمبر في طريقها إلى سنغافورة.

وأظهرت البيانات أن السفينة "سانمار سارود" التي تشغلها شركة التكرير الهندية "ريلاينس" عبرت البحر الأحمر أيضاً في أواخر ديسمبر، لتسليم مكونات البنزين للولايات المتحدة.

وقال متحدث باسم "شيفرون": "سنواصل بشكل فعال تقييم سلامة الطرق في البحر الأحمر وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط واتخاذ القرارات بناءً على آخر التطورات". ولم ترد "ريلاينس" على طلب للتعليق.

عبرت ناقلات أخرى، تستأجرها وحدة "كليرليك" التابعة لشركة "جانفور" التجارية، وشركة التكرير الهندية "بهارات بتروليوم"، وشركة "أرامكو تريدنغ" السعودية، هذا الطريق في الأسابيع القليلة الماضية. ورفضت الشركات التعليق أو لم ترد على طلبات التعليق.

ويمكن لاستخدام البحر الأحمر أن يختصر حوالى 3700 ميل بحري لرحلة من سنغافورة إلى جبل طارق. 

تحويل المسار

أوقفت بعض الشركات مثل "بي بي" و"إكوينور" جميع عمليات العبور عبر البحر الأحمر مؤقتاً، وأعادت توجيه سفنها في المنطقة.

وتشير بيانات شركة "فورتسكا" لتتبع السفن إلى أن 32 ناقلة على الأقل حولت مسارها أو سلكت طريق رأس الرجاء الصالح بدلاً من استخدام قناة السويس منذ النصف الثاني من ديسمبر.

وأضافت "فورتسكا" أن الناقلات التي حُوِّل مسارها، هي في الغالب تلك التي استأجرتها الشركات التي أعلنت تعليق الإبحار في البحر الأحمر مؤقتاً، أو تلك التي تديرها كيانات أميركية أو مرتبطة بإسرائيل.

وقال تجار زيت الوقود ومصادر تزويد السفن بالوقود في آسيا، إنهم ما زالوا يراقبون التطورات في البحر الأحمر، على الرغم من أن شرق السويس لا يزال فيه إمدادات كافية في الوقت الحالي، لذا فمن غير المرجح أن تؤدي عمليات تحويل المسار الحالية إلى زيادة الأسعار.

وتشير بيانات كبلر إلى أن الاضطرابات من الشرق إلى الغرب أثرت بشكل رئيسي في الواردات الأوروبية من الديزل ووقود الطائرات حتى الآن.

وفي الوقت نفسه، أثرت عمليات التحويل من الغرب إلى الشرق في بعض شحنات زيت الوقود والبنزين الأوروبية إلى الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادي وشرق أفريقيا.

وقال مات سميث، المحلل في شركة كبلر لتتبّع السفن، إن التوتر هناك دفع أيضاً المزيد من مشتري النفط إلى التطلع إلى الولايات المتحدة، ولعب دوراً على الأرجح في الزيادة القياسية لصادرات النفط الخام إلى أوروبا إلى 2.3 مليون برميل يومياً في ديسمبر. وأضاف: "حالة عدم اليقين المستمرة في البحر الأحمر من المرجح أن تحفز بعض الشراء الأوروبي للخام الأميركي". 

(رويترز)

المساهمون