هجمات أميركا وبريطانيا على اليمن تستنزف قناة السويس

17 يناير 2024
انخفاض حاد في عدد السفن المارة عبر قناة السويس (Getty)
+ الخط -

حذر خبراء عسكريون ودبلوماسيون مصريون من مخاطر إشعال أجواء الحرب جنوب البحر الأحمر، وضرب أميركا وبريطانيا المدن اليمنية بما يهدد مسار المرور بقناة السويس.

وصف الخبراء الهجمات التي قامت بها القوات الأميركية والبريطانية، على تجمعات يمنية خلال الأيام الماضية، بأنها خطة ممنهجة لحصار مصر اقتصاديا ودفعها للاستسلام للمخططات الإسرائيلية التي تعمل على تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء.
ودفع الهجوم الأميركي البريطاني على المدن اليمنية، وتفجير صراع عسكري جنوب البحر الأحمر، مع الحوثيين، إلى تصاعد المخاوف المصرية التي بدأت منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، من توسيع الصراع بالمنطقة وإطلاق تحذيرات من اشتعال حرب دولية.
قال خبير النقل البحري، أحمد الشامي، إن الضربات العشوائية التي قامت بها القوات الأميركية البريطانية ضد المدن اليمنية، تمت بطرق عشوائية، لا تعكس الهدف منها سوى في تأجيج حالة الحرب في المنطقة، مشيرا إلى أن الاعتداءات التي وقعت على عدة سفن من بين 1800 سفينة عبرت باب المندب في اتجاه قناة السويس، لا يمكن الرد عليها بهذا العنف العسكري العشوائي، الذي بررته الولايات المتحدة بمحاربة الحوثيين وحماية ممرات التجارة.

أضاف خبير النقل المصري، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الضربات التي وقعت على صنعاء وغيرها من المدن، أدت إلى خسارة 40٪ من عائدات قناة السويس، مع تراجع معدلات البضائع، ويأتي ذلك مواكبة مع قرار مؤسسة جي بي مورغان الأميركية، استبعاد مصر من سوق السندات الدولية، لحجب قدرتها عن اللجوء إلى تمويل الموازنة من أسواق الدين، وضغوط صندوق النقد، لتحرير سعر الصرف، وإجبار الدولة على اتخاذ قرارات صعبة تؤثر في قدرة المصريين على تحمل أعباء زيادة الأسعار وغلاء المعيشة".
أكد الشامي أن استمرار حالة الحرب، في اليمن والعدوان على غزة، يمثلان ضغطا مباشرا على مصر، يدعمه اللوبي اليهودي ورجال الأعمال المرتبطون بهما، مستغلين الأزمة الاقتصادية، في توجيه الدولة نحو مسار قبول التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، داعيا الدولة إلى سرعة التحرك بحلول داخلية، نابعة من إرادة شعبية جامعة، تدفعها إلى عدم التنازل عن الأرض أو المشاركة في حرب غير مستعدة لها حاليا.
غيرت ناقلات نفط عملاقة مسار عبورها من البحر الأحمر، اليومين الماضيين للإبحار جنوبا عبر رأس الرجاء الصالح، مع استمرار أكبر 9 شركات شحن للحاويات في الابتعاد عن المنطقة، منذ أن بدأ هجوم الحوثيين على السفن المتجه إلى إسرائيل أو التابعة لإحدى الشركات أو الأفراد الداعمين للعدوان الإسرائيلي على غزة.
وقال رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع، مؤخرا، إن عائد القناة بالدولار انخفض 40% منذ بداية العام مقارنة بعام 2023، بعد أن أدت هجمات الحوثيين في اليمن على السفن المتوجهة لإسرائيل إلى تحويل مسار إبحارها بعيدا عن هذا الممر. وذكر ربيع أن حركة عبور السفن تراجعت 30% في الفترة من الأول من يناير/كانون الثاني الحالي إلى 11 من الشهر نفسه على أساس سنوي.
يأتي تراجع عائدات قناة السويس وسط رياح معاكسة، حيث يعاني الاقتصاد من شح خطير في العملة الصعبة، وفقدان البلاد جزءا كبيرا من موارد الموازنة العامة، في ظل تراجع عوائد تحويلات المصريين بالخارج، وإقصاء مؤشر جي بي مورغان للأسواق الصاعدة امتيازات أدوات الدين أمام المستثمرين الراغبين في شراء السندات المصرية المقومة بالجنيه، بنهاية يناير الجاري، مما يحرم الدولة من قدرتها على توفير السيولة المالية، لتمويل خططها الاستثمارية والوفاء بسداد 42 مليار دولار، المستحقة من قيمة فوائد وأقساط الدين للجهات الدائنة عام 2024.

يضع المؤشر مصر من بين أكثر الدول عرضة لمخاطر الوقوع في أزمة اقتصادية حادة، مع ارتفاع قياسي بمعدلات التضخم، وتراكم الديون الحكومية الثقيلة، وتراجع قيمة الجنيه، حيث بلغ الدولار نحو 55 جنيها بالسوق الموازية ومستقر عند مشارف 31 جنيها بالبنوك منذ مارس/ آذار 2023.
وارتفعت قيمة التأمين على السفن العابرة للبحر الأحمر وقناة السويس، من 0.07٪ إلى 0.2٪ من قيمة الشحنة، منذ نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ما أدى إلى تضاعفت أسعار تكلفة شحن النفط، وزيادة أسعار السلع واضطراب حركة الشحن، بسبب تأخير مواعيد التوريد.
تبدي هيئة قناة السويس حذرها من امتناع سفن شركات الشحن من دخول البحر الأحمر، واستبدال مسار قناة السويس بالمرور حول رأس الرجاء الصالح، مع مخاوف من استمرار التهديدات الأمنية، بدون أفق زمني تفرض على الشركات أن تتجه بسفنها خارج المنطقة، رغم زيادة مسافة العبور عبر رأس الرجاء الصالح، بين أوروبا وآسيا بنسبة 35٪، وزيادة بمتوسط إبحار 10 أيام و50٪ من تكلفة الشحن واستهلاك الوقود.
يظهر محللون مخاوفهم من تحمل الميزانية زيادة جديدة في تكلفة الوقود، في ظل احتياج مصر المستمر إلى استيراد الغاز ومنتجات النفط، ما بين 300 مليون إلى 400 مليون دولار شهريا، لسد العجز في احتياجاتهما من المواد البترولية التي شهدت ارتفاعا بنسبة 4٪، عقب الضربات التي شنتها القوات الأميركية والبريطانية ضد مواقع الحوثيين في اليمن.
من جانبه، يحذر خبير النقل البحري والعضو السابق لهيئة قناة السويس، وائل قدورة، من مخاطر امتداد أثر الحرب على مداخل البحر الأحمر، وتأثر حركة ناقلات النفط في الخليج العربي، والتي تشكل 40٪ من نقل إنتاج دول الخليج، المتجهة للأسواق الدولية، عبر مضيق هرمز، وزيادة أسعار الشحن وتأجير السفن والرحلات البحرية بكافة أنواعها، مع اضطراب حركة النقل البحري في أنحاء العالم، لا سيما أن ممر القناة ينقل نحو 12٪ من حركة التجارة الدولية و30٪ من الحاويات بين الشرق الأقصى، وشمال وغرب أوروبا.
أكد خبراء مصريون مسؤولية الولايات المتحدة عن تفاقم الأوضاع الأمنية في المنطقة، باعتبارها الداعم الأكبر للعدوان الإسرائيلي على غزة، الذي أجج حالة التوتر العسكري في البحر الأحمر، موضحين أن ضرب مواقع الحوثيين في اليمن، لن يأتي إلا بمزيد من الدمار وإطالة أمد الحرب.

ارتفعت قيمة التأمين على السفن العابرة للبحر الأحمر وقناة السويس، من 0.07٪ إلى 0.2٪

يشير الخبراء أن شركات النفط الأميركية ستكون الفائز الأكبر إلى جانب شركات تصنيع الأسلحة، بعد أن أصبحت الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم، وسعيها لتصدير الفائض الضخم لديها من الغاز والبترول إلى أوروبا، لتصبح بديلا أرخص للنفط القادم من الشرق الأوسط وروسيا.
أعلن مساعد وزير الخارجية الأسبق، جمال بيومي، أن أمن ممر قناة السويس المائي مرتبط بوقف نزيف الحرب في قطاع غزة، وليس بإشعال حرب على اليمن، مشيرا في تصريحات لوكالة الشرق الأوسط الحكومية إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على أهل غزة، ستؤدي إلى توسيع نطاق الحرب الدائرة، وستمتد لتجلب أطرافا أخرى لحلبة الصراع، في باب المندب وجنوب لبنان فضلا عن الهجمات في سورية والعراق.
وقال رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية (مستقل)، ووزير الخارجية الأسبق، محمد العرابي، إن إنهاء الحرب الإسرائيلية الوحشية ضد قطاع غزة، يجلب الأمن للبحر الأحمر ولحركة الملاحة والتجارة الدولية، وليس تصعيد العمليات العسكرية وتنفيذ غارات جوية داخل جمهورية اليمن. وحذر العرابي في بيان صحافي من أن تدفع الحكومة الإسرائيلية المتطرفة المنطقة بأكملها من حرب إقليمية، مع استمرارها في تبني العنف وانتهاء القانون الدولي وإبادة الشعب الفلسطيني وحصاره في ظل عدم وجود رادع ومساندة الولايات المتحدة، الأميركية لها بكل الوسائل الممكنة.

المساهمون