نكسة لأغصان الزيتون في غزة... العدوان الإسرائيلي يمنع الحصاد والخسائر تفوق المليار دولار
استمع إلى الملخص
- الخسائر الاقتصادية في القطاع الزراعي: بلغت خسائر القطاع الزراعي والحيواني حوالي 1.05 مليار دولار، مع تدمير مساحات واسعة من الأراضي والبنى التحتية، مما سيؤدي إلى اعتماد القطاع على الاستيراد.
- التحديات المستقبلية للقطاع الزراعي: الإنتاج الزراعي لن يتجاوز 10% من مستواه السابق، مما يتطلب جهوداً كبيرة لاستصلاح الأراضي وإعادة بناء البنى التحتية للوصول إلى الاكتفاء الذاتي.
للعام الثاني على التوالي، تحول موسم الزيتون في قطاع غزة، ليصبح الأسوأ بسبب العدوان الإسرائيلي، بعد أن كان الإنتاج يقترب خلال السنوات الأخيرة من الاكتفاء الذاتي، فقد وصل حجم الإنتاج إلى أكثر من 90% من احتياج السكان من الزيت المعصور والزيتون.
ومع استمرار العدوان الإسرائيلي وتصاعد عمليات التجريف والقصف التي طاولت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية فإن الموسم الحالي يعتبر الأكثر سوءاً منذ النكسة الفلسطينية عام 1967، إذ لم يتمكن مئات الفلسطينيين من أصحاب الأراضي الزراعية من الوصول إليها، خاصة تلك التي في المناطق الشرقية للقطاع ويصنفها الاحتلال على أنها مناطق عمليات أمنية يمنع الوصول إليها، ويتعامل معها على أنها منطقة عازلة منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبحسب بيانات وزارة الزراعة في غزة فإن خسائر هذا القطاع وصلت إلى 1.05 مليار دولار بما في ذلك الشق الزراعي والحيواني، وهي تقديرات أولية، إذ لم تنته الطواقم الفنية من إحصاء كل الخسائر نظراً لاستمرار الحرب الإسرائيلية للشهر الرابع عشر على التوالي.
وخلال السنوات الأخيرة وصل القطاع إلى حالة من الاكتفاء في سلع زراعية وحيوانية، وبدأت بعض المحاصيل تُصدّر للخارج نحو الأسواق العربية وأسواق الضفة والداخل المحتل، مثل الطماطم والخيار والبطاطس. وفي ما يتعلق بالزيتون فإن القطاع كان يكتفي بشكل كبير بالمنتج المحلي نظراً لارتفاع حجم المساحات الزراعية في الفترة من 2005 وحتى 2023، وحجم النهضة في القطاع الزراعي خلال السنوات الأخيرة، فيما كان يتم تدعيم الأسواق بنسبة تتراوح ما بين 5% و15% من أجل تعزيز حالة الاكتفاء وتعزيز الأسواق بمنتج الزيتون سواء من الثمر أو الزيت.
وخلال الحرب الإسرائيلية اتجه الاحتلال نحو تدمير غالبية المساحات الزراعية ضمن ما يعرف بحرب التجويع الرامية للضغط على نحو 2.4 مليون نسمة، ما تسبب بشح المحاصيل الزراعية من الأسواق والاعتماد على ما يتم إدخاله من مصر قبل السيطرة على معبر رفح أو ما يدخل عبر كرم أبو سالم مع الأراضي المحتلة عام 1948.
وقفزت أسعار الكثير من المحاصيل الزراعية لتتراوح ما بين 20 إلى 30 ضعفاً على أسعارها التي كانت عليها قبل الحرب الإسرائيلية على القطاع، فيما عمد الاحتلال إلى استهداف أصحاب الأراضي الزراعية ومنع وصولهم إليها. وخلال الفترات الأولى لموسم جني الزيتون لم تعمل أعداد كبيرة من المعاصر في المنطقة الوسطى وتحديداً في دير البلح، وأطراف خان يونس جنوبي القطاع، بينما يبحث السكان عن سلع أساسية يتناولونها.
ويقول الناطق باسم وزارة الزراعة في غزة محمد أبو عودة، إن القطاع الزراعي يعتبر من القطاعات الاقتصادية الأساسية فقد كانت المساحات الموجودة تصل إلى 190 ألف دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع) مقسم ما بين 90 ألف دونم من البستنة الشجرية ونحو 85 ألف دونم من الخضروات و15 ألف دونم محاصيل حقلية دُمّر غالبيتها بشكل كبير.
ويضيف أبو عودة لـ"العربي الجديد" أن قطاع الخضار تضرر بنسبة 85% وقطاع البستنة الشجرية بنسبة نحو 80% وقطاع المحاصيل الحقلية تضرر بنسبة تفوق الـ95%، فيما تضرر قطاع الثروة الحيوانية كثيراً وبنسبة تتجاوز 95%.
ويوضح أن محصول الزيتون يعتبر المحصول الاستراتيجي فيما كان الأكثر تضرراً، فقد كانت المساحات الموجودة بغزة نحو 50 ألف دونم وكان الإنتاج المتوقع نحو 40 ألف طن. ويضيف أنه بعد عملية التدمير الكبيرة فإن المساحة المتوقعة أن تبقى نحو 9500 دونم والمنتج قرابة 7500 طن وهي نسب تجعل حجم العجز كبير في هذا القطاع الاستراتيجي المهم على المستوى الفلسطيني في غزة.
ويؤكد الناطق باسم وزارة الزراعة أن خسارة القطاع الزراعي كبيرة بسبب تدمير البنى التحتية وتدمير جميع المباني الخاصة بالقطاع الزراعي سواء معاصر أو مصانع أعلاف أو حتى في القطاعات الزراعية الأخرى، وهو أمر يحتاج إلى عدة سنوات حتى يتمكن القطاع الزراعي من استعادة ما كان عليه الواقع قبل الحرب.
من جانبه يقول الخبير الزراعي والمختص نزار الوحيدي إن إجمالي الإنتاج في الموسم الحالي للزيتون لا يصل إلى 10% بعدما كان يصل في السنوات الماضية لقرابة 95% بطريقة تجعل هناك حالة من الاكتفاء الذاتي.
ويضيف الوحيدي لـ "العربي الجديد" أن المحاصيل الزراعية الأخرى المتبقية لا يزيد إنتاجها عما يتراوح بين 20% إلى 25% وهي منحصرة في الورقيات مثل "السبانخ" والفلفل والبندورة والخيار فقط وفي دفيئات لم يتمكن أصحابها من الوصول إليها.
ويشير الخبير الزراعي، إلى أن حجم الأراضي الزراعية المحصولية كان يقدر بنحو 200 ألف دونم، فيما تتراوح حالياً بين 30 ألف إلى 50 ألف دونم فقط وهي نسبة ستعزز من العجز في القطاع الزراعي خلال السنوات المقبلة. ويقدر حجم الانخفاض المتوقع بناء على انخفاض نسبة الأراضي الزراعية إلى 15% فقط، وهو ما سيجعل القطاع خلال السنوات القليلة المقبلة إلى مستورد في محصول الزيتون وغيره من المحاصيل حتى الوصول إلى من جديد لمرحلة استصلاح الأراضي الزراعية.