منذ لحظات الصباح الأولى يدخل علي جواد، وهو موظف يسكن في دمشق، في سباق مع الوقت لمراجعة أحد المصارف التي فتحت باب القروض، علّ القرض يساعده في انفراج ضائقته المالية، مقرراً أن يستقل سيارة أجرة لكي يختصر الوقت الذي يستغرقه باص النقل الداخلي.
لكنه ما أن وصل المصرف الذي يقع في مركز المدينة، حتى فوجئ بطلب سائق التكسي ألفي ليرة سورية كأجرة للنقل، وخاصة أن هذا المبلغ ضعف الذي كان يدفعه كأجرة لمثل هذه المسافة قبل بضعة أسابيع.
وأضاف علي جواد في حديثه مع "العربي الجديد": "لا أعتقد أن أصحاب الدخل المحدود في سورية يستقلون تلك السيارات إلا في حالات نادرة كحالة إسعاف أو في حالة كحالتي ليس أمامي متسع من الوقت لأنهي معاملة قد تخفف عني ضيق المعيشة".
وتشهد مناطق سيطرة النظام منذ عدة أسابيع نقصاً حاداً بمادة البنزين، جعل السيارات تصطف لمسافات طويلة بانتظار الوصول إلى محطات الوقود، في حين تم تخصيص 30 لترا من البنزين بالسعر المدعوم للسيارة كل 7 أيام بدلاً من كل 4 أيام. وشهدت محطات الوقود العديد من المشاجرات وصلت إلى إطلاق نار وسقوط جرحى، وسط وعود عن قرب انتهاء الأزمة مع عودة مصفاة بانياس للعمل، وقرب وصول 3 بواخر محملة بالبنزين إلى الشواطئ السورية.
وأفادت مصادر محلية من اللاذقية والسويداء، لـ"العربي الجديد"، أن أجور سيارات الأجرة قد سجلت ارتفاعات كبيرة، فبعد أن كانت 500 ليرة أصبحت تتراوح ما بين ألف ليرة وألف و500 ليرة (سعر صرف الدولار الواحد نحو 2200 ليرة).
في المقابل، متوسط راتب الموظف نحو 60 ألف ليرة، إلا أنه لا يكفي إلا بضعة أيام. ولفتت المصادر إلى أن سعر لتر البنزين في السوق السوداء وصل إلى ألفي ليرة سورية، في حين سعر لتر البنزين في محطات الوقود المدعوم 250 ليرة والحر 450 ليرة.
ورأت سهير جابر (36 عاما)، موظفة في دمشق، أن "كلفة النقل العمومي عبر السيارات غير منطقية، في حين أن هناك نسبة كبيرة من السائقين الذين يستغلون غياب القانون ليرفعوا التعرفة من دون أي معايير".
واعتبر أبو عادل النجاد وهو سائق سيارة أجرة، أن "التعرفة المحددة من قبل الحكومة، غير منصفة أبداً، إذ إنها لم تراع ارتفاع أسعار قطع الغيار ولا الزيوت، والأهم من ذلك لم تلحظ أن كمية البنزين المخصصة لسيارة الأجرة العامة قيدت مساحة عملنا، وبالتالي حددت الدخل الذي يمكن أن نحصل عليه، وهو بالتأكيد غير كاف لتأمين احتياجات الأسرة".