غداة تعبئة كثيفة في الأول من مايو/أيار في فرنسا، دعت النقابات الثلاثاء إلى اليوم الرابع عشر من التعبئة في السادس من حزيران/يونيو، "لإسماع الصوت" للنواب الذين تتعيّن عليهم دراسة مشروع قانون يهدف إلى إلغاء إصلاح التقاعد.
وقالت النقابات في بيان "ندعو بشكل موحّد منظّماتنا إلى لقاء النواب في كلّ مكان، لدعوتهم للتصويت لصالح مشروع القانون هذا.
وفي هذا الإطار، يدعو الاتحاد النقابي إلى مضاعفة المبادرات، عبر يوم جديد للتحرّك المشترك خصوصاً، وإضرابات وتظاهرات في السادس من حزيران/يونيو".
وأضافت النقابات أنّ مشروع القانون المقدّم من مجموعة صغيرة من الوسط "سيسمح لأول مرة للتمثيل الوطني باتخاذ قرار بالتصويت على إصلاح نظام التقاعد".
وأدّى قرار الحكومة باللجوء في منتصف مارس/آذار إلى المادة 49-3 من الدستور، التي تسمح باعتماد نصّ بدون تصويت في البرلمان لتمرير هذا الإصلاح، إلى تشدّد واضح لحركة الاحتجاج.
وقبل الأول من مايو/أيار، صادق المجلس الدستوري على القسم الأساسي من الإصلاح وقد صدر.
ويتركّز الغضب خصوصاً على رفع سنّ التقاعد من 62 الى 64، وهو إجراء تعتبره النقابات والمتظاهرون "ظالماً" خصوصاً للنساء اللواتي يعملن في مهن صعبة.
وسيكون التصويت المحتمل على مشروع القانون في الثامن من حزيران/يونيو، مجرّد بداية لرحلة برلمانية، لكنّه سيشكّل صفعة للسلطة التنفيذية الفرنسية.
وقال وزير العمل أوليفييه دوسوبت الإثنين: "هناك خطر فعلي لأنّنا نشكّل غالبية نسبية".
ونزل حوالى 800 ألف شخص للمشاركة في مسيرات الأول من مايو في كلّ أنحاء فرنسا وفقاً للشرطة، بينما أشار الاتحاد العمّالي العام (سي جي تي) إلى 2.3 مليون.
واذا كان هذا الرقم بعيداً عن المستويات القياسية التي سجلت في نهاية كانون الثاني/يناير حين نزل 1.3 مليون شخص بحسب وزارة الداخلية، فإن التعبئة خلال أول يوم عيد عمّال تتوحّد فيه النقابات منذ العام 2009، بقيَت قوية بعد 12 يوماً من التظاهرات وأبعد من 1 مايو/ كلاسيكي.
لا عودة إلى الوضع الطبيعي
وشهدت المسيرات صدامات عنيفة أحياناً في مدن عدة، بينها باريس ونانت (غرب) وليون (شرق).
وتم توقيف 540 شخصاً بينهم 305 في باريس خلال تظاهرات، فيما أصيب 406 من عناصر الشرطة والدرك بجروح بحسب وزير الداخلية جيرالد دارمانان.
وقالت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن الثلاثاء إنّ "الصور التي رأيناها، ولا سيما تلك الخاصّة بشرطي أحرقته زجاجة مولوتوف (في باريس)، لا تطاق وتوضح أنّ العنف قد وصل إلى مستوى جديد".
من جهته، أكد الاتحاد العمّالي العام أنّ "عدم الثقة عميق، ولا يمكن استئناف الحوار إلّا إذا أثبتت الحكومة استعدادها لأخذ مقترحات النقابات العمالية في الاعتبار"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ "الحكومة أعلنت عن فتح دورة من المشاورات من دون أن يتمّ تحديد الهدف أو الإطار بدقّة".
كذلك، قالت زعيمة نواب اليسار الراديكالي ماتيلد بانو إنّه "لن تكون هناك عودة إلى الوضع الطبيعي" في هذا البلد طالما استمرّ إصلاح نظام التقاعد.
وقالت لوسي آكر (42 عاماً) في ستراسبورغ (شرق) لوكالة "فرانس برس": "أشعر بالغضب والاستياء إزاء ازدراء هذه الحكومة".
وأضافت: "أشعر بالاشمئزاز من دخول إصلاح نظام التقاعد حيّز التنفيذ. حتى أنني شعرت بنوع من الإهانة لأنّه تمّ تجاهلنا إلى هذا الحد".
وفي حين أنّ فرنسا هي من الدول الأوروبية التي يعتبر فيها سنّ التقاعد بين الأدنى، لكن مع أنظمة مختلفة جداً، برّرت الحكومة مشروعها بضرورة الاستجابة لتراجع مالية صناديق التقاعد ولشيخوخة السكان.
(فرانس برس)