انتهج نظام بشار الأسد سياسة جديدة لمعاقبة السوريين في منطقة شمال شرق سورية الخاضعة لسيطرة "الإدارة الذاتية الكردية"، متقصّدا قطع إمدادات الطحين التي يزود بها الأفران في المناطق الخارجة عن سيطرته، في حرب تجويع هدفها رفع الأسعار وإرهاق المواطنين هناك، في توجه مشابه للنهج الذي كان يتبعه في حصار المدن والبلدات، المتمثل بـ"الجوع أو الركوع" إثر الخلافات التي وقعت بينه وبين الإدارة الذاتية أخيرا.
رئيس هيئة الاقتصاد والزراعة لشمال وشرق سورية في الإدارة الذاتية سلمان بارودو، أكد في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن النظام السوري قطع إمدادات الطحين عن الأفران، ليكشف أن الأفران التي تعمل تحت سيطرة الإدارة الذاتية يتم تمويلها من قبل الإدارة في الوقت الحالي ريثما يتم التوصل لحل لهذه المشكلة.
الحصول على الخبز ليس بالأمر السهل في مدينة القامشلي، حتى على الأفران الخاصة التي تنتج الخبز السياحي، كما يبين المواطن أحمد العيسى لـ"العربي الجديد". يقول: "نقف في الطابور أمام فرن الخبز السياحي ساعات طويلة حتى يصلنا الدور، إذ يبلغ سعر ربطة الخبز السياحي 600 ليرة سورية (0.2 دولار)، أما عند الفرن الآلي التابع للنظام في المربع الأمني المعروف بفرن "البعث"، فانتظرت من الصباح حتى العصر وأنهكني التعب، ومع ذلك لم أحصل على الخبز، وعدت إلى المنزل بدون خبز، والطامة الكبرى أن عطلة الأفران تصادف يوم الجمعة".
وأردف: "ومن المفترض أن يكون لكل فرن يوم عطلة خاص به. ومن المفترض أن يتم توزيع الطحين حسب الحاجة على مختلف المناطق والأحياء بغض النظر عما إذا كانت تابعة لمناطق النظام أو مناطق الإدارة الذاتية. لا علاقة للمواطن وخبزه بالخلافات السياسية والعسكرية، فالمواطن يعاني كثيرا، ولا يجد خبز يومه، ولا وسيلة للتدفئة له ولعائلته. تعقدنا نفسيا في هذا الوطن.
أشتري يوميا بألفي ليرة سورية أو بثلاثة آلاف ولا تكفي عائلتي، وفي كثير من الأحيان ننتظر أمام الفرن ولا يبيعون سوى رغيفين أو أربعة أرغفة بحجة قلة مخصصاتهم من الطحين، وهناك أفران تعتمد نظام البطاقات ولا تمنح الخبز إلا للمشتركين لديها".
ويبلغ وزن ربطة الخبز السياحي نحو 450 غراما، وسعرها يبدأ بـ600 ليرة سورية (0.2 دولار)، وهذا يرتفع أكثر في أوقات الأزمات كفقدان الطحين الذي يتسبب بنقص في إنتاج الخبز بشكل كبير في المنطقة. أما الخبز المنتج في الأفران التابعة للنظام السوري، فيبلغ سعر الربطة منه 200 ليرة سورية، لكنه غير متوفر على الدوام ويتم توزيعه لقوات النظام بالدرجة الأولى، ومن الصعب على المواطنين الحصول عليه.
تخبر المواطنة نورا الخليل "العربي الجديد"، عن معاناتها للحصول على الخبز، قائلة: "لشراء الخبز الغالي الثمن أضطر للذهاب إلى الفرن الساعة الخامسة فجرا وأنا مريضة. أضطر للوقوف على مدار ساعتين أو أكثر، وغالبا لا يصلنا الدور وأعود دون خبز، ولا أملك القدرة على شراء الخبز السياحي".
تضيف متسائلة: "الخبز الذي هو أبسط حقوقنا ومن بديهيات المعيشة لا نستطيع الحصول عليه، هل هذه حياة؟ وحتى الخبز السياحي ننتظر ساعات للحصول عليه، أليس هذا هو الغلاء بعينه؟ تعب الناس وذلّوا، هناك مرضى، هناك أمهات، هناك كبار السن، كيف نبرر عدم حصولهم على الخبز؟".
ويبلغ سعر كيس الطحين المخصص لإنتاج الخبز نحو 40 ألف ليرة سورية (13.3 دولاراً)، في السوق، أما الطحين المدعم من قبل هيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية فيبلغ سعره 30 ألف ليرة سورية (10 دولارات). وتشير توقعات الأهالي إلى أن أسعار الخبز سترتفع بسبب أزمة الطحين، حيث يعد نظام الأسد هو المزود الرئيسي لطحين الأفران في المنطقة.