ندرة المياه ترفع منسوب قلق المزارعين في المغرب

29 اغسطس 2024
الجفاف تحدي يواجه الزراعة في المغرب، 7 فبراير/شباط 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تأثير الجفاف على الزراعة والمياه**: رغم الأمطار الغزيرة في الجنوب الشرقي، ما زال مخزون المياه ضعيفاً بنسبة ملء سدود 27.7%، مع تراجع التساقطات المطرية بنسبة 50%. المزارعون يترقبون أمطار أكتوبر لإنقاذ الزراعات الخريفية.

- **تراجع إنتاج الحبوب وزيادة الاستيراد**: انخفضت المساحة المزروعة إلى 2.5 مليون هكتار، مما أدى إلى تراجع الإنتاج بنسبة 43% إلى 3.11 ملايين طن. المغرب زاد استيراد الحبوب لتأمين مخزون استراتيجي.

- **تأثير الجفاف على سوق العمل والاقتصاد**: الجفاف المستمر أثر على القطاع الزراعي، مما أدى إلى فقدان 152 ألف فرصة عمل ورفع معدل البطالة إلى 13.1%. ضعف النمو الاقتصادي المتوقع دون 3% يزيد من التحديات البنيوية.

لم تبدّد الأمطار الغزيرة التي شهدتها مناطق الجنوب الشرقي من المغرب خلال الأيام الماضية من مخاوف المزارعين الذين يرتفع لديهم منسوب القلق من تداعيات الجفاف الذي يعصف بالبلاد منذ سنوات عدة، وتسبب في تراجع حاد في إنتاج الحبوب وأثر سلباً على الكثير من الزراعات.

وتفيد بيانات وزارة التجهيز والمياه، التي اطلعت عليها "العربي الجديد"، بأن التساقطات المطرية التي شهدتها مجموعة من الأقاليم والمناطق بالجنوب الشرقي للمملكة رفعت نسبة ملء السدود بنحو 27.7% مقارنة بنسبة 27.5% في نفس الفترة من العام الماضي، أي ما يعادل 4.46 مليارات متر مكعب.

ويتجلى أن مخزون المياه في السدود ما يزال ضعيفاً في سياق متسم بالجفاف الذي شهدته المملكة في العام الماضي، إذ تراجعت التساقطات المطرية في الموسم الأخير بنسبة 50%.

ويقول الفاطمي بوركيزية، الكاتب العام للجمعية المغربية للتنمية الفلاحية في جهة الدار البيضاء - سطات، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن المزارعين يترقبون سقوط الأمطار حتى غاية أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، إذ يعوّلون عليها كثيراً لإنقاذ الزراعات الخريفية بعد انحباس الغيث في الموسم الأخير.

وأمطار أكتوبر/ تشرين الأول التي يتطلع إليها المزارعون مسعفة للخضر والفواكه والأشجار المثمرة، كما أنها حاسمة لمحصول البنجر السكري. ويتطلع المزارعون إلى طي صفحة الموسم الفلاحي الأخير الذي اتسمت انطلاقته بظروف مناخية صعبة، نتيجة تأخر الأمطار وعدم انتظام توزيعها الجغرافي مصحوبين بمستويات مرتفعة لدرجات الحرارة مقارنة بتلك المعتادة موسمياً.

وقد تجلى تأثير الجفاف أكثر على الحبوب، إذ استقرت المساحة المزروعة منها عند 2.5 مليون هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع) في الموسم الحالي، مقابل 3.7 ملايين هكتار في الموسم الماضي، بانخفاض بلغت نسبته 33%، الأمر الذي انعكس على إنتاج الحبوب الذي تراجع بنسبة 43% في العام الحالي، حيث بلغ 3.11 ملايين طن، مقابل 5.5 ملايين طن في 2023، بعدما وصل إلى 10.3 ملايين طن في 2021.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وكانت قيمة مشتريات المغرب من القمح في العام الماضي قد وصلت إلى نحو ملياري دولار، تمثل 18% من واردات الغذاء، التي وصلت إلى 9 مليارات دولار، حسب مكتب الصرف الحكومي. وزاد اعتماد المغرب على استيراد الحبوب لتأمين مخزون استراتيجي. ويرتقب أن تصل مشتريات المغرب من الحبوب في العام الحالي إلى حوالي 10 ملايين طن، إذ يقدر حجم الاستهلاك المحلي بحوالي 13 مليون طن، وفق البيانات الرسمية.

وتفيد بيانات وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن واردات المياه تراجعت بنسبة 75% لتستقر عند 3 مليارات متر مكعب، مقابل 12 مليار متر مكعب بين 2008 و2020. وأشارت إلى الجفاف في الأعوام الأخيرة تسبب في تراجع مخزون المياه في السدود وانخفاض منسوب المسطحات المائية، ما ساهم في خفض مياه السقي إلى أقل مليار متر مكعب. وبينما ينتظر المزارعون نتائج مشاريع تحلية مياه البحر وتحويل المياه بين الأحواض المائية التي تعرف فوائض وتلك التي تسجل خصاصاً وبناء السدود، ينشغلون بندرة الأمطار وتتعلق أنظارهم بالسماء لإنقاذ أرزاقهم.

وتشكل الزراعة في المغرب العمود الفقري للاقتصاد، لمساهمتها الكبيرة في النمو، وارتباط مختلف القطاعات بها. وأصبح الجفاف الذي يضرب البلاد للعام السادس على التوالي أحد أهم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي، وهو مصدر رئيسي لدخل 40% من عمالة البلاد.

ويؤكد تقرير سوق الشغل (العمل)، الصادر عن المندوبية السامية للتخطيط الحكومية في وقت سابق من أغسطس/ آب الجاري، أن الجفاف ما زال حاسماً في وضعية سوق العمل في الدولة، حيث فقد قطاع الزراعة والغابة والصيد 152 ألف فرصة عمل في الربع الثاني من العام الجاري. وزاد معدل البطالة من 12.4% إلى 13.1%. ويتجلى أن البطالة تصيب الشباب أكثر، حيث انتقلت في صفوف الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 سنة من 19.8% إلى 21.4%.

ويأتي ضعف فرص العمل وتفاقم البطالة منذ العام الماضي في ظل ضعف النمو الاقتصادي الذي يتوقع البنك الدولي وكذلك المندوبية السامية للتخطيط الحكومية في المغرب أن يكون دون 3%. وتؤكد المندوبية السامية للتخطيط أن تدهور الظروف المناخية، يمكن أن تعيق عودة الإنتاج الفلاحي إلى مستواه الطبيعي وتؤدي إلى تفاقم المخاطر المتعلقة بالتحديات البنيوية للاقتصاد المغربي.

المساهمون