تفادى تجار العملات في أسواق الصرف العالمية تنفيذ صفقات كبيرة أو طويلة الأجل على العملة التركية في سعر الصرف قبل إعلان نتائج الانتخابات التركية لاحقاً مساء اليوم الأحد.
وواصلت الليرة التأرجح الطفيف جداً صعوداً وهبوطاً في تعاملات حذرة صباح الأحد في تركيا. ويرى محللون أن نتائج الانتخابات ستحدد مسار الليرة خلال الشهور المقبلة.
في هذا الصدد، قال محلل العملات بمجموعة ديفيري الاستشارية الدولية، نايجل غرين: "كانت الليرة التركية من أسوأ العملات أداءً في العالم منذ فترة طويلة... وفي حالة فوز أردوغان يوم الأحد، نتوقع أن يزداد الاتجاه الهبوطي للعملة... يجب أن يفوز المرشح الرئاسي بأكثر من 50% من الأصوات مساء الأحد حتى يتأكد فوزه. ويعني الفشل في تأمين أكثر من نصف الأصوات أن تركيا ستتجه إلى جولة لإعادة الانتخابات في 28 مايو/أيار".
وتحبذ بنوك استثمار غربية فوز مرشح أحزاب المعارضة كمال كلجدار أوغلو، ولكن يبدو وحسب تداولات الليرة أن الأسواق صوتت مبكراً لصالح الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يرى أن فوزه بفترة رئاسية ثالثة ستعني استمرار السياسة النقدية للبنك المركزي التركي التي تتعارض مع رغبات كبار التجار المضاربين على الليرة التركية، الذين يرون أن هذا التعامل الحذر في الليرة وعدم المضاربة على ارتفاعها يعني أنهم يرجحون فوز أردوغان وليس مرشح المعارضة، وإلا لكانت المضاربة على ارتفاع الليرة على أشدها وفق محللين، لأن مرشح أحزاب المعارضة التركية كمال كلجدار يحبذ سياسة رفع الفائدة على الليرة، وهو النهج الذي تحبذه البنوك الغربية التي لديها قروض قصيرة الأجل على تركيا وتريد جني أكبر فوائد عليها.
وتعارض بعض البنوك الغربية بشدة سياسة أردوغان التي سارت عكس تيار مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي، الذي واصل رفع الفائدة بينما واصل البنك المركزي التركي سياسة الخفض.
في هذا الشأن، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة جونز هوبكنز الأميركية، ستيف إتش هانكي: "لعدد من السنوات وتحت قيادة أفكار أردوغان النقدية الغريبة، كانت الليرة التركية متقلبة للغاية وفي حالة أزمة".
وأضاف أن السياسة النقدية التركية تعطي الأولوية للسعي لتحقيق النمو والمنافسة التصديرية بدلاً من تهدئة التضخم. ويتابع هانكي: "يؤيد أردوغان وجهة النظر غير التقليدية القائلة بأن رفع أسعار الفائدة يزيد التضخم بدلاً من خفضه".
وتعهد منافس أردوغان، كمال كلجدار أوغلو، في المقابل، بإعادة السياسات الاقتصادية التقليدية وتهدئة معدل التضخم المرتفع في تركيا، وهي السياسة التي تحبذها بنوك الاستثمار الغربية.
في هذا الصدد، قال خبير العملات بشركة "أوماندا"، باريش أوبددايا، إنه إذا خرجت المعارضة منتصرة، فإن قيمة الليرة التركية ستشهد ارتفاعاً بعد إعلان النتائج مباشرة، لأن فوزها سيعني أن يستعيد البنك المركزي التركي استقلاله، وأنه سيُسمح له بالتفويض الكامل لمتابعة السياسات الاقتصادية التقليدية.
لكن أوبددايا يشير إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة على الليرة من شأنه أن يساعد في خفض معدل التضخم في البلاد، ويؤدي إلى "ركود خطير للغاية" ويساعد في تعزيز احتياطيات العملات الأجنبية التي تم استنفادها في محاولة للدفاع عن الليرة. وكانت الليرة التركية من أسوأ العملات أداءً في العالم منذ فترة طويلة.
ويقول نايجل جرين، "في حالة فوز أردوغان مساء اليوم، نتوقع أن يكتسب هذا الاتجاه الهبوطي للعملة زخمًا، وقد تواجه الليرة الانهيار خلال هذا الربع الجاري. ويرجع ذلك إلى أن الثقة في الليرة المنكوبة بالأزمة ستزداد تآكلًا، حيث سيواصل الرئيس الحالي أجندة السياسة النقدية غير التقليدية للغاية".
ويبلغ معدل التضخم الرسمي حالياً أعلى بقليل من 50%، لكن بعض المحليين يعتقد أنه في الواقع أعلى من 100%."
وشهد العامان الماضيان انخفاضًا حادًا في العملة التركية وارتفعت الأسعار بشكل كبير، مما أدى إلى أزمة تكلفة المعيشة التي ساعدت على تآكل قاعدة أردوغان المحافظة والطبقة العاملة. وفي أحدث تحركاته خفض البنك المركزي التركي (CBT) سعر الفائدة بمقدار 150 نقطة أساس إلى 10.5% في اجتماعه في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، متجاوزًا التوقعات بخفض 100 نقطة أساس، وأشار إلى أنه سيتخذ نفس الخطوة في الاجتماع المقبل، لإنهاء دورة خفض الأسعار.
من جهته، يقول محلل أسواق العملات والأسواق الناشئة في مصرف كوميرتس بنك الألماني، تاثا غوس: "لقد زرعت بذور أزمة الليرة المستمرة عندما أطلق محافظ البنك المركزي تجربة سياسة نقدية غير تقليدية، في محاولة لعلاج التضخم المرتفع عن طريق خفض أسعار الفائدة"، وأن هذه السياسة أدت إلى تحرك الأسر التركية نحو الودائع الأجنبية بدلاً من الليرة.
في ذات الصدد، يرى محللون في شركة "كابيتال.كوم" أن "خفض أسعار الفائدة هو وجهة نظر الرئيس رجب طيب أردوغان المألوفة حول كيفية التعامل مع السياسة النقدية.