ناثان أندرسون... أميركي هز أركان إمبراطورية الهندي أداني

12 فبراير 2023
ناثان تسبب في خسارة الملياردير الهندي غوتام أداني نحو 120 مليار دولار (Getty)
+ الخط -

في الرابع والعشرين من يناير/ كانون الثاني الماضي ملأ الضجيج أروقة وول ستريت في الولايات المتحدة الأميركية، والسبب اتهامات وجهها ناثان أندرسون، مؤسس شركة هيندنبورغ ريسيرش الاستثمارية الأميركية، لأحد أباطرة المال في العالم بالتلاعب في الحسابات المالية لمجموعته الضخمة، ما تسبب في خسارة هذه المجموعة نحو 120 مليار دولار من قيمتها السوقية.

ليست هذه المرة الأولى التي يخطف فيها أندرسون أنظار المستثمرين بإطلاق مثل هذه التقارير، لكنها هذه المرة تتجاوز حدود الولايات المتحدة وتطاول الملياردير الهندي غوتام أداني مؤسس مجموعة أداني العملاقة متعددة الأنشطة، الذي شغل العالم كثيراً منذ مطلع العام الماضي بتضخم ثروته وإزاحته العديد من أباطرة المال الأميركيين من قائمة أغنى أثرياء العالم.

وفق تقرير شركة هيندنبورغ ريسيرش، الذي جاء في 100 صفحة، نمت ثروة إمبراطورية أداني، بطريقة احتيالية، إذ ذهبت إلى أن أداني عمد إلى النفخ في أسعار أسهم شركات مجموعته بضخ أموال عبر ملاذات جبائية خارج الهند، واصفة ذلك بأكبر عملية غش في تاريخ الشركات.

وكان لذلك الكشف وقع الزلزال على إمبراطورية أداني، الذي خسر أكثر من 120 مليار دولار من ثروته، ما يمثل نصف قيمة مجموعته. وبينما كان مراقبون يتابعون ارتدادات الزلزال الذي أحدثه التقرير على المجموعة الهندية التي ترنحت بقوة، حيث تراجعت قيمة أسهم شركاتها في البورصة واضطرت إلى سداد ديون مستحقة مبكراً وفقدت ثقة مستثمرين، تذكر آخرون مؤسس ورئيس الشركة الأميركية المتسببة في متاعب أداني ناثان أندرسون، الناشط والمضارب، الذي يُشهد له بفضح عمليات غش في السابق.

يبلغ ناثان من العمر 38 عاماً، والده أستاذ جامعي ووالدته ممرضة، شب وترعرع في ولاية كونيتيكت الأميركية. درس التجارة هناك، وقضى فترة قصيرة في إسرائيل، حيث عمل سائق سيارة إسعاف ودرس في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة.

عمل بعد عودته إلى الولايات المتحدة، لفائدة شركة متخصصة في التحليل المالي، ثم في صندوق للمضاربة، قبل أن يؤسس في عام 2017 شركة هيندنبورغ ريسيرش، حيث استوحى ذلك الاسم من منطاد ألماني لنقل الركاب تحطم في عام 1937 عندما كان يهبط في نيوجيرسي قادماً من فرانكفورت بسب اشتعال الهيدروجين، ما أسفر عنه مقتل 36 شخصاً.

لاحظ مراقبون منذ البداية أن الملياردير الهندي غاوتام أداني يواجه شخصاً يتمتع بسمعة جيدة في الأسواق المالية، حيث لا يتردد من تابعوا مساره المهني من الفاعلين في السوق في الإشادة بذكائه وقدرته على حدس العمليات التي تنطوي على احتيال أو غش.

ففي مقال بصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية لم يتردد المحلل المالي الشهير، هاري ماركوبولوس في وصفه بأنه "مُنقب من المستوى العالمي". ويعتبر ماركوبولوس، الأميركي من أصول يونانية، عراب ناثان أندرسون. فقد كان ماركوبولوس وراء فضح العمليات الاحتيالية لرجال الأعمال الأميركي برنارد مادوف، الذي كان يدفع للمستثمرين من أموال العملاء عوض الأرباح الفعلية.

يعشق ناثان أندرسون تعقب العمليات التي يتبدى له أنها تنطوي على ممارسات احتيالية. فقد سبق له أن نشر تقريراً في سبتمبر/ أيلول 2020 ضد شركة "Nikola" المتخصصة في صناعة الشاحنات العاملة بالهدروجين، والتي لقيت صدى كبيراً في بورصة وول ستريت، حيث أكد أندرسون أن الشركة الصاعدة تخدع المراقبين والسوق حول التكنولوجيا التي تستعملها وجودة مركباتها وطبيعة شركائها.

لقد تمكن من إثبات أن إحدى شاحناتها الكهربائية التي كانت تتحرك دون سائق، لم تكن كذلك، بل كانت قد أطلقت في طريق شقت في أحد المنحدرات. أفضى ذلك إلى إدانة الشركة بدفع غرامة في حدود 125 مليون دولار، وفقد سهمها في البورصة 75% من قيمته في ظرف عام.

وثارت تساؤلات كثيراً حول ما تجنيه شركة ناثان من مثل هذه التقارير، لتبدو فعلياً مستفيدة إلى حد كبير، فهي تحقق أرباحاً مهمة على اعتبار أنها تكون قد راهنت على تراجع حاد في قيمة الشركة المستهدفة من قبلها، علماً أنه سبق لها أن اتهمت في ديسمبر/ كانون الأول 2018 الشركة الكندية "Aphria" المتخصصة في القنب الهندي الموجه لأغراض علاجية، بالمساهمة في عملية احتيالية مدبرة بهدف اختلاس أموال مساهمين. وخسر سهم الشركة 25% من قيمته بعد نشر تقرير هندنبورغ روسورتش.

في الفترة الأخيرة، بعد التقرير الذي تسبب في خسائر كبيرة لمجموعة أداني، تداولت وسائل إعلام أنباء تتحدث عن حظر نشاط هيندنبورغ ريسيرش من قبل الهيئة التنظيمية للسوق المالية، وذهبت أخرى إلى حجز حساباتها المصرفية، وزعمت ثالثة منعها من النشر حول شركات مسجلة في بورصة نيويورك، وأكدت أخرى أن الشركة توجد قيد التحقيق.. تلك أنباء نفاها ناثان أندرسون في تدوينة، قبل يومين على حسابه على تويتر.

المساهمون