تحدّت روسيا العقوبات الغربية، وحققت تفوقاً جزئياً في أسواق النفط العالمية عندما جرى تداول خام الأورال، الخام الرئيسي للنفط الروسي بسعر أعلى من السقف السعري المفروض بـ 60 دولاراً، لحرمان موسكو من تمويل الحرب في أوكرانيا.
وهذه هي المرة الأولى التي يخترق فيها سعر خام الأورال حاجز 60 دولاراً للبرميل، منذ أن طبقت الولايات المتحدة وحلفاؤها سياسة العقوبات الجديدة على الطاقة الروسية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وفقاً لما أوردته نشرة بيانات السلع الأميركية "أرغوس ميديا"، اليوم الأحد.
وقالت النشرة إنّ ارتفاع سعر خام الأورال فوق 60 دولاراً، علامة على أنّ الكرملين قد نجح جزئياً على الأقل في التكيّف مع العقوبات الغربية.
والحد الأقصى للسقف السعري، هو جزء من حملة الضغط الاقتصادي الغربي على موسكو، ويستهدف محاصرة موسكو مالياً عبر تقليص دخلها النفطي، إذ يعد النفط أهم مصدر دخل للخزينة الروسية.
ويقصد من السقف السعري تقليص دخل الخزينة الروسية، دون حرمان المنتجين الروس من ضخ البترول في السوق العالمي، والإضرار بالاقتصادات العالمية، عبر رفع معدل التضخم العالمي.
ووفقاً لما أفادت به صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، اليوم الأحد، فيمكن أن تعزز الأسعار المرتفعة عائدات تصدير النفط الروسي، التي هبطت، الشهر الماضي، إلى ما يزيد قليلاً عن نصف مستواها قبل عام، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
وأدى الحظر المفروض على النفط الروسي في أوروبا، والانخفاض الأخير في الصادرات، إلى خفض الضرائب المفروضة على روسيا من الطاقة هذا العام، مما أضرّ بالميزانية الروسية.
وأحد الأدلة على أنّ الضغط المالي على موسكو قد يتراجع، هو تقلص الخصم لسعر خام الأورال، مقارنةً بسعر برنت القياسي إلى 20 دولاراً للبرميل. ورغم أنّ الفجوة بين سعر الخامين لا تزال أوسع بكثير مما كانت عليه قبل الحرب الروسية على أوكرانيا، في 24 فبراير/ شباط 2022، فإنها تقلّصت إلى النصف منذ يناير/ كانون الثاني الماضي.
وساعدت تخفيضات الإنتاج من قبل تحالف "أوبك+"، التي وقعت عليها موسكو في دفع أسعار الخام الروسي فوق الحد الأقصى. كما ساهم ارتفاع الطلب في آسيا في الارتفاع. وجاءت تخفيضات خام برنت على حساب النفط السعودي.
وتسعى العقوبات الغربية، إضافة إلى السقف السعري، إلى استخدام عقوبات الشحن والتأمين الأوروبيين، لاحتواء الدخل الذي تحصل عليه موسكو من النفط الخام.
في هذا الصدد، قال المحلل في مركز كارنيغي الأميركي للسلام، سيرغي فاكولينكو، لـ"وول ستريت جورنال"، إنّ ارتفاع أسعار خام الأورال يشير إلى أنّ روسيا تستخدم شبكة بديلة من الناقلات التي لا تنطبق عليها العقوبات، وهذا يقوّض النفوذ الغربي على صادراتها من الخامات.
وأضاف فاكولينكو: "شركات النفط الروسية بذلت الكثير من الجهد للبقاء في في السوق وكسب المال رغم العقوبات... لقد أثبتوا أنهم مشغلون قادرون".
وفي الشأن ذاته، قال تجار إنّ المنتجين الروس أبدوا في الآونة الأخيرة رغبة قليلة في التفاوض بشأن الأسعار، وهذا تحول كبير منذ أن اقترب سعر خام الأورال آخر مرة من 60 دولاراً في إبريل/ نيسان.
ويشير محللون إلى أنه من المؤكد أنّ الشركات الروسية ستحتاج على الأرجح إلى سفن غربية، وتأمين لبعض الوقت لتصدير جزء من مبيعاتها النفطية المقدرة بأكثر من سبعة ملايين برميل يومياً.
ويقول بعض المحللين إنّ هذا قد يسمح للولايات المتحدة وأوروبا بتصعيد الضغط المالي على موسكو، من خلال خفض السقف السعري أقل من 60 دولاراً.
من جانبه، قال الزميل بجامعة هارفارد، كريج كينيدي، والذي يبحث في دراسة الشحن الروسي، لـ"وول ستريت جورنال": "إذا نظرت إلى جميع الطرق التي تحتاج روسيا للمضي قدماً فيها، وقمت بإحصاء عدد الناقلات التي تحتاجها لأسطول مستقل، فهي بعيدة جداً عن الوصول لذلك".