موديز تتوقع فائضاً بالموازنة العُمانية عكس التشاؤم الحكومي

24 يناير 2023
توقعات بزيادة كبيرة في الإيرادات المالية وانعكاسات إيجابية على مختلف القطاعات (فرانس برس)
+ الخط -

رغم اعتماد سلطنة عُمان الميزانية المالية لعام 2023، في الأول من يناير/كانون الثاني الجاري، بعجز متوقع قدره 1.3 مليار ريال عُماني (3.38 مليارات دولار)، إلا أن وكالة موديز للتصنيف الائتماني توقعت أن تحقق الموازنة فائضاً مالياً للعام الثاني على التوالي.

ويعود تفاؤل الوكالة إلى غلاء النفط والغاز، حيث تتوقع أسعارا بين 90-95 دولاراً لبرميل النفط خلال العام الجاري، في حين تحوطت الحكومة بالموازنة لأكثر تقديرات السعر تشاؤما عند حدود 55 دولارا للبرميل.

ويمثل هذا التباين سيناريو مكرراً لموازنة العام الماضي، إذ أوردت توقعات موديز آنذاك ترجيحا بتحقيق فائض يبلغ 1.146 مليار ريال (2.98 مليار دولار)، حسبما أوردت وكالة رويترز، وبناء على هذه التقديرات حققت عُمان عام 2022 أول فائض مالي في نحو 10 سنوات بواقع 2.98 مليار دولار.

وحسب تقرير "موديز" آنذاك فإن الزيادة المفاجئة في أسعار النفط، بدعم من الإصلاحات المالية التي نفذت خلال العامين الماضيين، مكنت الحكومة العُمانية من خفض عبء الدين المباشر، إلى ما دون مستوى حقبة ما قبل فيروس كورونا.

وبالإضافة إلى الاستفادة من التأثير الإيجابي القوي على نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة الدين إلى الإيرادات، استخدمت الحكومة العُمانية جزءاً من فائضها لعام 2022 لسحب بعض ديونها المستحقة في وقت مبكر.

وإزاء ذلك، انخفض عبء الدين الحكومي إلى نحو 44% من الناتج المحلي الإجمالي في 2022، مدعوماً بارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الأسمى، وزيادة الإيرادات بسبب ارتفاع أسعار النفط.
ولا يرجح تقرير موديز بشأن توقعات عام 2023 أي انعكاس في هذا المسار، خاصة مع توسع الحكومة في تنويع مصادر الطاقة، والاتجاه نحو إنتاج الوقود النظيف تدريجيا، ضمن خطة لضبط المالية العامة للبلاد، ومواجهة تقلبات أسعار النفط، عبر مسارات عدة، على رأسها توسيع نطاق اتفاقيات تصدير الغاز المسال.

وأبرمت الحكومة العُمانية آخر هذه الاتفاقيات، الأربعاء، مع شركتي "بي بي تي" التايلاندية و"توتال" الفرنسية لتزويدهما بكمية تصل إلى 1.6 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً بدءاً من 2025.

كما أعلنت شركة "شل عُمان" لحلول الغاز المتكاملة، التابعة لشركة شل العالمية، عن بدء إنتاج الغاز من حقل مبروك، شمال شرق منطقة الامتياز 10، والذي يُتوقع وصول حجم الإنتاج فيه إلى 500 مليون قدم مكعبة يوميًّا من الغاز الطبيعي بحلول منتصف عام 2024.

ولذا أكد وزير الطاقة والمعادن العُماني، سالم بن ناصر العوفي، الأربعاء الماضي، على أهمية هذا الإنجاز، موضحًا أن إنتاج الغاز من حقل مبروك من شأنه أن يُعزز احتياطي السلطنة من الغاز الطبيعي وأن يُضيف قيمة في رحلة تحول الطاقة وتحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2050، وجذب الاستثمار الخارجي في هذا القطاع الحيوي، حسبما أوردت وكالة الأنباء العُمانية.

يرى الخبير الاقتصادي العُماني أدهم بن تركي آل سعيد أن التقدير الوارد لأسعار النفط في موازنة عُمان لعام 2023 ينسجم مع مرحلة تتسم بـ"الضبابية" في التوجهات الاقتصادية والجيوسياسية حول العالم


لكن الرئيس التنفيذي لأوبار كابيتال عبد العزيز بن خليفة السعدي، حذر، من مخاوف محتملة من انخفاض أسعار النفط وسط الركود الاقتصادي العالمي، في ظل استمرار الاضطرابات الجيوسياسية، وعلى رأسها الحرب الروسية في أوكرانيا، حسب صحف محلية.

وفي السياق ذاته، يرى الخبير الاقتصادي العُماني أدهم بن تركي آل سعيد أن التقدير الوارد لأسعار النفط في موازنة عُمان لعام 2023 ينسجم مع مرحلة تتسم بـ"الضبابية" في التوجهات الاقتصادية والجيوسياسية حول العالم، وتوقعات تشير لركود اقتصادي محتمل، و"الذي إن تحقق سيمثل خطرًا على أسعار النفط، ويؤثر على اقتصاد السلطنة"، حسبما أوردت صحيفة الرؤية العُمانية.

ينسجم تحذير آل سعيد والسعدي مع تحوط الحكومة العُمانية لانخفاض أسعار النفط عن مستوياتها الحالية، وفق المعتمد بموازنة عام 2023، وهو التحوط الذي اطلعت "موديز" على أسبابه، لكن تقديرها جاء متفائلا بشأن أسعار النفط هذا العام، باعتبار أن الظروف الجيوسياسية الحالية لم تسفر عن انخفاض حاد في أسعار النفط كما تحسبت التقديرات المتشائمة.

ويتسق تفاؤل الوكالة بشأن أسعار النفط مع تقديرات صندوق النقد الدولي الذي توقع، في تقريره الأخير، أن تعزز انتعاشة النفط من اقتصاديات المنطقة العربية، وخاصة دول الخليج، بمكاسب تراكمية تصل إلى تريليون دولار حتى عام 2026، مع توقعات مقابلة بركود عالمي ستعاني منه اقتصادات دول كبرى، على رأسها الولايات المتحدة الأميركية.

 

المساهمون