سادت حالة من التخبط في الأسواق اللبنانية، الأربعاء، بعدما تم تداول معلومات تشير إلى أن مصرف لبنان طلب من المصارف التجارية خفض سقف سحوبات العملاء بالليرة اللبنانية إلى مليوني ليرة شهرياً (ما يوازي 250 دولاراً وفق سعر السوق)، على أن يبدأ تطبيق القرار مطلع الأسبوع المقبل.
وأوضح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بيان، أن "بعض المصادر المصرفية وبعض وسائل الإعلام ذكرت خبرا مفاده أن مصرف لبنان قام بتحديد سقوف المبالغ الممكن سحبها من قبل المصارف بالليرة اللبنانية. إن هذا الخبر عار من الصحة، إنما الآلية التي اعتمدها مصرف لبنان هي وضع سقوف للمصارف لما يمكن أن تسحب من حسابها الجاري لدى مصرف لبنان، وعند تخطي هذه السقوف تحتسب المبالغ المطلوبة من حسابات المصارف المجمدة لدى مصرف لبنان. ما يعني أنه ممكن أن يتم السحب من الحساب الجاري لحد سقف معين، وما يفوق هذا السقف يؤخذ من شهادات إيداع أو من الودائع لأجل".
هذا البيان اعتبره مصرفيون "مراوغاً"، ويحاول الالتفاف على حقيقة أن مصرف لبنان يجبر المصارف عبر تحديد سقف سحوباتها بنقل تحديد السقوف هذا إلى العملاء.
وقال مصدر في جميعة المصارف لـ"العربي الجديد"، إن ما يزيد عن السقف المحدد للسحب من حسابات المصارف لدى مصرف لبنان سيكلف الأخيرة مبالغ إضافية وفوائد، وبالتالي ستحاول المصارف الالتزام بالسقوف.
ولفت إلى أن مصرف لبنان يريد تقليص حجم السيولة بالليرة في السوق، بحيث يقلص حدود السحب للمصارف فتقوم بدورها بخفض السقوف على المودعين وأصحاب الحسابات الموطّنة. وشرح أن هذا الإجراء سينتهي بأزمة اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق، إذ إن خفض السيولة بالليرة في مقابل ندرة الدولار سيؤدي إلى عدم قدرة التجار على الاستيراد، وسيخفض القدرة الشرائية للمواطنين إلى مستويات غير مسبوقة، وبالتالي ستتأثر دورة الاستهلاك والإنتاج، مع ما لذلك من انعكاسات كبيرة وسلبية على المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية كافة.
وشرح المصدر أن مصرف لبنان يريد رفع سعر الليرة مقابل الدولار ولكن بطريقة مصطنعة، وقد تكون لذلك أسبابه السياسية بموازاة بدء الحديث عن توافق على تشكيل حكومة جديدة.
كما سيدفع هذا القرار إلى اعتماد المودعين وأصحاب الرواتب الموطّنة بطاقاتهم المصرفية للدفع بسبب شح السيولة النقدية، فيما عدد كبير من المحال والشركات لا يعتمد البطاقات، ما سيؤثر على أعمالها وعلى العمالة لديها. إضافة إلى أن من يكتنزون الدولار سيكونون مجبرين على صرفها إلى الليرة لسداد مستحقاتهم ومدفوعاتهم الشهرية.
وتبين لـ"العربي الجديد"، أن المصارف بغالبيتها لم تقم، الأربعاء، بتحديد سقف السحوبات عند مليوني ليرة، فيما تم تداول لوائح للبنك اللبناني السويسري عبر مواقع التواصل الاجتماعي تشير إلى أنه حدد سقف السحب الشهري عند مليوني ليرة شهرياً.
وتم تناقل تسجيلات لمسؤولين مصرفيين في فرنسبنك، تشير أيضاً إلى الاتجاه نحو خفض سقف السحب بالليرة. في المقابل، أكد فرست ناشيونال بنك تحديد سقف السحب الأسبوعي بخمسة ملايين ليرة.