يبدأ مجلس النواب الأردني، غدا الإثنين، مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2023 بعد أن أقرت اللجنة المالية النيابية مشروع قانون الموازنة كما جاء من الحكومة. ومن المتوقع أن تستمر المناقشات حتى نهاية الأسبوع، في وقت تواجه البلاد صعوبات مالية كبيرة، أدت إلى تراجع مستويات المعيشة وارتفاع الأسعار وزيادة معدلات البطالة.
وقال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني، نمر السليحات، في تصريحات صحافية، إن اللجنة لم تتمكن خلال مناقشتها المشروع تخفيض النفقات، مطالباً الحكومة بزيادة رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين لمواجهة ارتفاع الأسعار المتتالي.
وتبلغ موازنة الأردن للعام الحالي 11.4 مليار دينار (حوالي 16 مليار دولار)، ومن المتوقع أن يبلغ معدل التضخم 3.8%، ومعدل النمو الحقيقي 2.7%، وعجز الموازنة بعد المنح حوالي 1.862 مليار دينار (2.625 مليار دولار).
وارتفع إجمالي الدين العام خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي بنسبة 7.5% مقارنة مع مستواه نهاية عام 2020 من 2.6 مليار دينار إلى 38.44 ملياراً (54.2 مليار دولار).
وأشار السليحات إلى أن اللجنة قامت بإجراء مناقلة بقيمة 25 مليون دينار (35 مليون دولار) لصالح صندوق دعم الطالب، مؤكداً أهمية إعادة النظر في مصادر التمويل الواردة في الموازنة، للاستفادة من القروض الميسرة وطويلة الأجل المتوقع تقديمها إلى الأردن، وضرورة اتخاذ كل الإجراءات التي تسهم في تخفيض كُلف الإنتاج.
وتوقع النائب موسى هنطش، في حديث مع "العربي الجديد"، أن يجرى إقرار الموازنة كما جاءت من اللجنة المالية النيابية، مشيراً إلى أن "هذه الأرقام تكشف القدرات المالية الحكومية، وعلى النواب أن يبادروا بطرح مقترحات لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد".
ولفت هنطش إلى أن "سوء الأوضاع الاقتصادية وتراجع مستويات المعيشة وارتفاع الأسعار والبطالة تحديات، لكن المشكلة الكبرى التي تواجه البلاد هي الفساد الذي وصل إلى أغلب مفاصل الدولة". وقال: "سأركز خلال مناقشة الموازنة على قضية المياه والطاقة ورفض استمرار الاتفاقية مع دولة الاحتلال لما لهذه الاتفاقية من آثار سلبية على مستقبل الأجيال".
واعتبر المتحدث ذاته أن "الفساد في الأردن شعبي وحكومي"، وأن "هناك مؤامرة داخلية وخارجية على الأردن، إذ هناك مسؤولون في الدولة تحوم حولهم شبهات الفساد، لكن لا أحد يحاسبهم، ومستمرون في أماكن عملهم"، وفق قوله.
ورأى المحلل الاقتصادي محمد البشير، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "المجال محدود جداً في إجراء تخفيض للنفقات، فالنفقات الجارية على وجه الخصوص يحملها بندان أساسيان: أولهما بند الرواتب، والتي تصل مخصصاته إلى حوالي 70% من الموازنة، وفي الوقت ذاته يطالب النواب والمواطنون برفع الرواتب. أما البند الثاني فهو خدمة الدين، ويصل إلى حوالي 18%، ليتبقى حوالي 12% فقط من الموازنة لكافة البنود الأخرى، وهو ما يصعب معه إجراء تخفيضات، ويمكن فقط طرح مناقلات بسيطة، لا تؤثر على جوهر الموازنة".
وأضاف البشير أن "الواقع الحالي الذي أوصلتنا إليه الحكومات المتعاقبة صعّب أمور المالية العامة للدولة، التي هي نتاج التحصيل من القطاعات والموارد المختلفة"، موضحاً أنه "في ظل هذا الوضع المالي ستكون نقاشات النواب للموازنة بلا فائدة حقيقية، والتأثير منعدماً، خاصة أن النفقات مثقلة والعبء كبير".
بدوره، أوضح المحلل السياسي والصحافي المختص بالشأن البرلماني جهاد المنسي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الموازنة يتم التعامل معها كأي قانون آخر، وإذا حازت على تأييد (نصف +1) من النواب الحضور تقرّ، وهذا يعني أنه يسهل إقرارها بالشكل الذي جاءت به، خاصة أن هناك تياراً نيابياً عريضاّ يرى أن الوضع الاقتصادي في البلاد صعب، ولا يمكن تجاوزه من خلال الخطابات".
وأضاف المنسي أنه "في ظل العمل الفردي في مجلس النواب منذ عام 1989 وحتى اليوم، فإن أي مناقشات تصبح غير مهمة، وحتى يكون لمجلس النواب تأثير لا بد أن يكون العمل جماعياً، والعمل ضمن كتل برلمانية لها مواقف موحدة"، معبراً عن أمله أن يعمل مجلس النواب المقبل بشكل جماعي في ظل الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها العام الماضي.
وبين الصحافي المختص بالشأن البرلماني أن "أغلب مناقشات النواب في كل عام تركز على القضايا الخدمية لدوائرهم الانتخابية، وكل نائب يرغب في القول لناخبيه إنه أوصل مطالبهم، لكن القليل من هذه المطالب الخدمية تنفذ، والكثير يذهب أدارج الرياح".