منطقة التجارة الحرة تعزز الاستثمارات بين تركيا والخليج

12 ابريل 2024
مدينة إسطنبول التي تساهم في تعزيز مركز تركيا الاقتصادي والسياحي (نايجل هيكس/غيتي)
+ الخط -
اظهر الملخص
- العلاقات الخليجية التركية تدخل مرحلة جديدة بتأسيس منطقة تجارة حرة بقيمة 2.4 تريليون دولار، تهدف لتحرير التجارة وتسهيل الاستثمارات، مما يمكن أن يخلق واحدة من أكبر مناطق التجارة الحرة عالميًا.
- تم اعتماد خطة عمل مشتركة للفترة (2023-2027) بين مجلس التعاون الخليجي وتركيا، مع استئناف الحوار الاستراتيجي وتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري أكثر من 26 مليار دولار.
- يرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن منطقة التجارة الحرة بين تركيا ودول الخليج لها القدرة على التأثير إيجابيًا على الاقتصاد العالمي، معززة التكامل الاقتصادي وتعزيز العلاقات بين دول العالم التركي والخليج.

توشك العلاقات الخليجية التركية على دخول مرحلة جديدة "استراتيجية" مع سعي الطرفين إلى إنشاء منطقة تجارة حرة بقيمة 2.4 تريليون دولار، وذلك بعد توقيع اتفاقية إطلاق المفاوضات في هذا الإطار بين الجانبين.

ومن المتوقع أن تشمل الاتفاقية تحرير تجارة السلع والخدمات، بالإضافة إلى تسهيل الاستثمارات، مما يجعلها واحدة من أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم، وفقا للأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم محمد البديوي.

خطة عمل تركية خليجية مشتركة

في إطار استئناف الحوار الإستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي وتركيا، اعتُمدت خطة العمل المشتركة بين الجانبين للفترة (2023-2027) في مارس/آذار 2023 كجزء من التزام الجانبين بتعميق العلاقات الثنائية وتوسيع نطاق التعاون.

وجاءت اتفاقية المفاوضات التي وقعت في 21 مارس/آذار بشأن إنشاء منطقة للتجارة الحرة الأولى لمجلس التعاون الخليجي في عام 2024 بعد صفقتين وقعتهما دول المجلس مع كل من كوريا الجنوبية وباكستان خلال العام 2023، في إطار تعزيز علاقات الاستثمار والتجارة مع الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين في آسيا.

وحسب الإحصائيات الرسمية، فإن حجم التبادل التجاري بين دول الخليج وتركيا بلغ خلال العام الماضي، أكثر من 26 مليار دولار، تصدرته دولة الإمارات العربية المتحدة بنحو 19 مليار دولار، تليها السعودية بواقع 5.6 مليارات دولار، ثم سلطنة عُمان بنحو 1.4 مليار دولار، وقطر بنحو 1.33 مليار دولار ثم الكويت بنحو 791.6 مليون دولار، بينما جاءت البحرين في المركز السادس بنحو 577.6 مليون دولار.

وإزاء ذلك، تصنف دول الخليج العربي الست على أنها ثالث أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية في السوق التركية بعد كل من بريطانيا وهولندا، بحسب أرقام وزارة الاقتصاد التركية.

مشاريع مشتركة ضخمة

يؤكد الخبير الاقتصادي، حسام عايش، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن منطقة التجارة الحرة بين تركيا ودول الخليج العربية من المشاريع العالمية الضخمة التي لن تكون لها نتائج إيجابية كبيرة على الدول الخليجية وتركيا فقط، بل على الاقتصاد العالمي ككل، لما له من فوائد متبادلة عبر التصدير والاستيراد أو تبادل السلع والمنتجات التي تتميز بها الدول الخليجية وتركيا.

ويوضح عايش أن المشروع يعزز القدرة على التفاوض مع التجمعات الاقتصادية العالمية الكبرى بما يحقق عوائد أكبر للدول الخليجية وتركيا، إضافة إلى خلق نوع من التكامل الاقتصادي الذي سيكون له تأثيراته على أوروبا وأفريقيا وآسيا، وبالتالي فإن هذه السوق التجارية الحرة للدول الخليجية وتركيا ستكون أحد أهم الأسواق العالمية بالنظر إلى نوعية السلع التي سيتم تبادلها، خاصة الطاقة الأحفورية وأشكال الطاقة الأخرى.

ويضيف عايش أن الحجم السكاني الكبير لتركيا ودول الخليج، والذي يتجاوز 140 مليون نسمة، يعني أن منطقة التجارة الحرة بين الجانبين ستشكل إحدى الدعامات الاقتصادية في المستقبل وربما تشكل أحد أكبر التكتلات الاقتصادية العالمية مع نتائجها السياسية والاستثمارية والتجارية وتأثيراتها على معدلات نمو الاقتصاد العالمي وعلى الأسواق العالمية الأخرى.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

من جانب آخر، يلفت عايش إلى أن هذه المنطقة التجارية الحرة من شأنها أن تفتح الآفاق أيضا لتعزيز العلاقات بين دول ما يسمى بالعالم التركي في آسيا الوسطى والدول الخليجية، مشيرا إلى أن هذه العلاقات تشهد تطويرا عبر إقامة شراكات اقتصادية، وستضيف لها المنطقة التجارية الحرة بعدا إضافيا.

المنطقة التجارية الحرة التركية الخليجية

ويتوقع عايش أن يتخطى حجم المنطقة التجارية الحرة مشروع الممر الاقتصادي الجديد الهندي الخليجي عبر الأردن وإسرائيل، الذي استثنى تركيا، وبالتالي تأتي هذه الشراكة في إطار "التفاتة متبادلة" بين تركيا ودول الخليج إلى أن أي شراكات اقتصادية أخرى، مثل التطلعات التركية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أو التطلعات الخليجية للانضمام إلى الممر الاقتصادي الجديد أو إلى تكتل دول بريكس، ستوظف ضمن منظومة العلاقات الاقتصادية والاستثمارية المتصاعدة بين الجانبين.

وفي حال تعثر أي من الشراكات الاقتصادية الأخرى لتركيا ودول الخليج فإن منطقة التجارة الحرة "ستكون بديلا استراتيجيا أكثر أهمية من الشراكات الأخرى" حسبما يرى عايش، مؤكدا أن تحقيق المستهدف الطموح لحجم المشروع يستدعي تنويعا هائلا في القطاعات الاقتصادية حتى يمكن رفع حجم التبادل التجاري ضمن المنطقة التجارية الحرة، التي لن تقتصر على الدول الخليجية والتركية على الأرجح، بل ستجذب إليها المزيد من الدول لتشكل تكتلا اقتصاديا في قلب العالم يمثل إحدى المناطق الضابطة للعملية التجارية والاستثمارية على المستويين الإقليمي والعالمي.

المساهمون