دعنا نقل أن منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF)، الذي تم تدشينه بالقاهرة أمس الإثنين، يأتي في إطار سعي مصر للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة في المنطقة، وأن تكون القاهرة منصة لتصدير الغاز لأوروبا، خاصة وأنها تملك حقل ظهر، أكبر حقل لإنتاج الغاز في منطقة شرق البحر المتوسط.
ودعنا ثانياً نتفق، كما هو معلن، على أن المنتدى سيعمل على إنشاء سوق إقليمية للغاز، خاصة مع امتلاك الدول الأعضاء بمنطقة شرق المتوسط احتياطات مؤكدة تصل إلى نحو 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وأن هذا التكتل الجديد مفيد في مفاوضات بيع غاز دول المنطقة في الأسواق العالمية وربما الحصول على أسعار مميزة.
ودعنا ثالثاً نتفق مع الأهداف المعلنة للمنتدى، ومنها تأمين احتياجات الدول الأعضاء من الطاقة لصالح رفاهية شعوبهم، وترشيد تكلفة البنية التحتية وتقديم أسعار تنافسية وبناء بنية جديدة واستخدام البنية التحتية المتاحة.
ودعنا نتفق رابعاً على أن الدول السبع المؤسسة للمنتدى، وهي مصر وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا والأردن وفلسطين، تربطها علاقات مشتركة في مجال الطاقة والغاز تتطلب آلية مشتركة للتعاون، رغم أننا لم نسمع مثلاً عن مشروعات فلسطينية للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل غزة، إذ إن دولة الاحتلال سطت على ثروات الفلسطينيين النفطية في البحر المتوسط كما سطت على الأرض، كما أن الأردن لا يزال مستورداً رئيسياً لغاز مصر وشركة شل الأميركية أو من إسرائيل مستقبلاً.
بل دعنا نصل إلى نقطة، هي بالطبع محل خلاف في الأراء، وهي أن الغرض من تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط ليس بهدف مناكفة تركيا التي تم استبعادها هي ولبنان وسورية من عضويته، رغم أن الدول الثلاث الأخيرة تقع في منطقة شرق البحر المتوسط، ولدى الدول الثلاث حقول غاز بعضها منهوب من قبل دولة الاحتلال، كما هو الحال مع لبنان، كما أن معظم دول أعضاء المنتدى تناصب تركيا العداء لأسباب تاريخية أو سياسية، وفي المقدمة مصر واليونان وقبرص وإسرائيل.
لكن في المقابل أليس واضحاً أن إسرائيل باتت هي رأس الحربة في منتدى غاز شرق المتوسط الجديد، وأنه بتدشين المنتدى أمس الأثنين تدشن دولة الاحتلال دورها كلاعب رئيسي في سوق الطاقة في المنطقة، وأن إطلاق المنتدى حقق عدة أهداف لحكومة تل أبيب، أبرزها زيادة رقعة التطبيع الاقتصادي مع دول عربية منها الأردن ومصر وفلسطين، وربما دول خليجية في المستقبل، وربط المصالح الاقتصادية للدول الأعضاء بسوق الطاقة الإسرائيلي والغاز الذي نهبته دولة الاحتلال في شرق البحر المتوسط.
إسرائيل ربطت العديد من دول المنطقة باقتصادها وغازها وطاقتها وأبرمت معها عقودا طويلة الأجل، مصر مثلاً أبرمت صفقة لاستيراد الغاز الإسرائيلي بقيمة 15 مليار دولار ولمدة 10 سنوات، والأردن أبرم اتفاقية مماثلة من حيث السعر والمدة، وربطهما تلحق البلدين دول عربية أخرى، وهو ما يشكّل تهديداً للأمن الاقتصادي والقومي العربي، خاصة وأن الغاز المستورد من إسرائيل سيصل إلى بيوت ومصانع وشركات الأسر والدول العربية، وفي المقدمة مصر والأردن.
الغاز الإسرائيلي المنهوب اقترب من التدفق لمصر بشهادة وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، أمس الأثنين، وقريبا في الأردن خاصة مع البدء في تنفيذ البنية التحتية لاستقباله، وربما يصل إلى دول عربية أخرى في وقت لاحق، وإسرائيل باتت هي المسيطر على سوق الطاقة في منطقة شرق البحر المتوسط، ولذا لا نستغرب أن يكون منتدى غاز شرق المتوسط الجديد هو منتدى إسرائيل الذي تقوم من خلاله بقيادة سوق الطاقة في المنطقة.