مليشيات مسلحة تعرقل تطوير ثاني أكبر مدينة عراقية

27 مارس 2024
بنية تحتية متهالكة لمدينة الموصل (زيد العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الموصل تواجه تحديات تنموية بسبب عدم تحديث تصميمها لأكثر من عقدين، مما أدى إلى مشاكل في السكن والخدمات. محافظ نينوى يعلن عن مشروع بالتعاون مع شركة إيطالية لتحديث التصميم الأساس للمدينة بتكلفة 6 مليارات دينار.
- المشروع يهدف لتوسعة الموصل بإضافة 160 ألف دونم لاستعمالات متعددة مثل السكنية والصناعية والسياحية، مع التأكيد على أن الهدف ليس تغيير الديموغرافية بل تنمية المدينة وحل مشكلة الأراضي.
- يواجه المشروع تحديات بما في ذلك معارضة من مليشيات محلية، لكن يبقى حلمًا لأهالي الموصل. الحكومة المحلية والمجتمع المدني يسعيان لتحقيق التوافقات لضمان تنفيذه وتحسين الخدمات والبنية التحتية.

لم تشهد مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق أي تحديث على تصميمها منذ 24 عاماً، ما سبّب تفاقم العديد من الأزمات، وأبرزها مشكلة السكن وغياب الخدمات وعدم وجود تخطيط في المناطق المحيطة بالمدينة.

محافظ نينوى عبد القادر الدخيل أعلن، الأسبوع الماضي، إحالة مشروع تحديث التصميم الأساس للموصل إلى شركة (SGI) الإيطالية، بكلفة 6 مليارات دينار (نحو 4 ملايين دولار) وبمدة عمل 48 شهراً.

ويأتي ذلك في إطار خطط لتطوير المدينة وتوسعتها خلال الفترة المقبلة. 

أهمية المشروع 

وقال الدخيل في تصريح لـ "العربي الجديد" إن "مشروع التوسعة متوقف منذ العام 2000، إذ نفذ آخر توسيع لحدود الموصل"، مبيناً أن مشروع التوسعة يعدّ الأول والأهم الذي تسعى إدارة نينوى لإنجازه كونه سيضيف 160 ألف دونم من الأراضي إلى الموصل، وسيحدد استعمالات الأراضي السكنية والصناعية والسياحية، كما سيحدد العديد من الفرص الاستثمارية في المناطق التي تشملها التوسعة.

وأضاف أن "التوسعة ستحمل تنمية حقيقية لمدينة الموصل وعموم محافظة نينوى، إضافة إلى أنها ستنهي مشكلة الأراضي السكنية للجمعيات التي أقيمت على الأراضي الزراعية خلال الفترات الماضية".

وشدد الدخيل على أن المشروع لا يهدف إلى تغيير ديمغرافية أي منطقة، خاصة مناطق سهل نينوى التي تتخوف القوى السياسية فيها من أي توسعة باتجاه مناطق السهل.

وأشار المحافظ إلى أن التوسعة من المفترض أن تكون على مساحة 7 كم من جميع اتجاهات الموصل، ولكن المشروع يمكن أن يذهب في بعض المناطق لمسافة كيلومتر واحد وفي مناطق أخرى 7 كم، في إشارة إلى عدم إمكانية التوسع باتجاه سهل نينوى.

وأكد الدخيل أن مجلس المحافظة صوت على البرنامج الحكومي المحلي الذي تقدمت به إدارة المحافظة، ويتضمن فقرة توسيع التصميم الأساس للموصل، لافتاً إلى أن تصويت المجلس الذي يضم أعضاء عن سهل نينوى على المشروع جعل من التوسعة أمراً قائماً بموجب القانون. 

مراحل التنفيذ 

من جهتها، أكدت مديرة المشروع في شركة (SGI) الإيطالية إليرا فزالو التي أحيل إليها مشروع التصميم الأساس أن المشروع يتضمن دراسة تحديث التصميم القديم للمدينة، ومن ثم وضع التصميم الجديد للتوسعة من جميع الاتجاهات.

وبينت في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المشروع يتضمن تطوير جميع القطاعات في مناطق التوسعة ومنها الإسكانية والخدمية، لافتة إلى أن مدة وضع التصاميم القديمة والحديثة هي 15 شهراً، ولكن الشركة ستعمل على اختصار تلك المدة، لافتة إلى أن الشروع بوضع التصاميم سيبدأ خلال أيام.

ويترقب أهالي الموصل توسيع التصميم الأساس للمدينة التي باتت مختنقة من الداخل بسبب عدم توسعها طيلة السنوات السابقة، وعدم تخصيص أراضٍ سكنية جديدة من الدولة ضمن حدود المدينة ما سبّب ارتفاع أسعار الأراضي السكنية ووصول سعر المتر الواحد إلى نحو 1000 دولار في المناطق المتوسطة.

ومنذ سنوات تحاول الحكومات المحلية المتعاقبة في نينوى تمرير مشروع توسيع التصميم الأساس لمدينة الموصل، غير أن جهات سياسية متنفذة تمتلك فصائل مسلحة ترفض المشروع، ما حال دون تنفيذه.

وأبرز الرافضين لمشروع التوسعة، هي مليشيا "حشد الشبك"، بزعامة وعد القدو، ومليشيا "بابليون"، بزعامة ريان الكلداني.

النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني شيروان الدوبرداني أكد أن الحزب يؤكد دعمه لمشروع التوسعة مع مراعاة الخصوصية والتركيبة السكانية لمنطقة سهل نينوى. 

وقال النائب في بيان إن "مكونات محافظة نينوى تتطلع إلى تطوير المحافظة وتنميتها، ونحن أبناء محافظة نينوى بكل طوائفها ومكوناتها خاصة أبناء سهل نينوى، نعبر عن تطلعاتنا في تنمية محافظتنا وتطويرها من خلال العقد المبرم بين الحكومة المحلية والشركة الإيطالية لوضع التصاميم الأساسية لمدينة الموصل"، مشيراً إلى ضرورة مراعاة خصوصية منطقة سهل نينوى وتركيبتها الاجتماعية والثقافية، وضمان حقوق جميع الأطراف".

لكن يبدو أن العائق الأكبر أمام المشروع يتمثل في رفضه من مليشيا "حشد الشبك"، إحدى فصائل "الحشد الشعبي"، بقيادة وعد القدو، الذي أعلن تمسكه بموقفه السابق الرافض لشمول مناطق سهل نينوى بمشروع توسعة التصميم الأساس لمدينة الموصل.

ولوح القدو في بيان إلى خيارات الشارع التصعيدية في حال لم يتخذ مجلس نينوى قراراً بمنع التوسعة.

لكنه عاد في بيان لاحق، وأعلن أن الموقف النهائي سيتم اتخاذه قريباً من مكونات سهل نينوى (الأقليات الدينية)، وسيكون إما بالرفض وإما بالقبول وإما بالقبول الجزئي المشروط للمشروع. 

نفي التغيير الديمغرافي 

في المقابل، ينفي عضو مجلس محافظة نينوى سعدون الشمري أن يكون المشروع له أهداف للتغيير الديمغرافي، واستغرب من المخاوف التي تطلق من القوى الشبكية بهذا الخصوص.

وقال الشمري لـ"العربي الجديد" إن "مجلس نينوى داعم بقوة للمشروع على اعتبار أنه سيساهم في خلق نهضة حقيقية في قطاع الاستثمار والسكن والخدمات في أطراف مدينة الموصل، خاصة أنه سيشمل 7 كم بجميع الاتجاهات".

وأوضح أن الموصل ليست المستفيد الوحيد من المشروع، بل ستستفيد مناطق سهل نينوى وسكانها، من خلال دخول العديد من الاستثمارات والخدمات في مناطقهم.

ولفت الشمري إلى أن مجلس المحافظة والحكومة المحلية في نينوى في انتظار الموقف النهائي الذي سيصدر عن القوى الشبكية ومكونات سهل نينوى، وسيعمل على تحقيق التفاهمات من أجل تمرير المشروع، مرجحاً تمرير التوسعة عبر التوافقات التي سيتم العمل عليها خلال المرحلة المقبلة. 

المشروع "واقع حال" 

أما الصحافي الموصلي زياد السنجري فيرى أن المشروع أصبح واقع حال بعد توقيع العقد مع الشركة الإيطالية، مؤكداً أن التوسعة حلم ينتظره أبناء الموصل لمعالجة الكثير من المشكلات، إذ من المفترض أن تعالج التوسعة مشكلة 85 ألف أرض يملكها المواطنون في أطراف الموصل لأغراض السكن وهي في الأصل أراضٍ زراعية.

ويوضح السنجري أن العراقيل بدأت توضع أمام تنفيذ هذا المشروع الحيوي والاستراتيجي من بعض الجهات في سهل نينوى، لكنه توقع تمرير المشروع بسبب وجود إرادة لتنفيذه من الحكومة المحلية ورئيس الوزراء الذي أعلن دعمه الكامل للمشروع.

المساهمون