ملاحقة سيناتور أميركي بتقديم مساعدات "غير مشروعة" للنظام المصري

24 سبتمبر 2023
هذه هي المرة الثالثة التي يحقق فيها مدعون اتحاديون مع مينينديز (Getty)
+ الخط -

بدأ مكتب المدعي العام في مانهاتن، جنوبي نيويورك، التحقيق مع السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز وزوجته في تلقي رشى من أجل حماية وإثراء ثلاثة من رجال الأعمال من ولاية نيوجيرسي، أحدهم من أصل مصري، واستخدام مقعده النيابي في تقديم "خدمات غير مشروعة للسلطات المصرية" تتعلق بالمساعدة في الإفراج عن أموال مساعدات وأسلحة محتجزة لسوء ملف النظام المصري في مجال حقوق الإنسان، بينما وصف السيناتور ما قام به بأنه "عمل روتيني من أعمال التشريع".

ويواجه مينينديز (69 عاماً) وزوجته نادين أرسلانيان (56 عاماً) ثلاث تهم جنائية لكلّ منهما، تشمل التآمر لارتكاب جرائم الرشوة والاحتيال والابتزاز، عبر استخدام سلطة ونفوذ السيناتور الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.

وتضمنت لائحة الاتهام صورة لسبائك ذهبية استولى عليها المحققون من منزل مينينديز بالإضافة إلى مظاريف مليئة بالنقود عثر عليها داخل سترات معلقة في خزانة ملابسه. وقال ممثلو الادعاء إنهم عثروا على أكثر من 480 ألف دولار نقداً في منزله. وأضافوا أن الرشى شملت إلى جانب الأموال النقدية والذهب سداد دفعات قرض عقاري وسيارة فاخرة.

وإضافة إلى مينينديز، وجّه الادعاء الأميركي اتهامات إلى 3 رجال أعمال أبرزهم وائل حنا وهو من أصل مصري، وخوسيه أوريبي وفريد ديبيس. ومن المتوقع أن يمثل السيناتور والمتهمون الأربعة الآخرون أمام محكمة مانهاتن الاتحادية، يوم الأربعاء المقبل.

وقال ممثلو الادعاء إن حنا، أحد أقباط المهجر، الذي استقر في ولاية نيوجيرسي منذ عقود، ويعمل مطوراً عقارياً، رتب لتنظيم حفلات عشاء واجتماعات بين مينينديز ومسؤولين مصريين في عام 2018، ضغط خلالها المسؤولون على السيناتور الأميركي بشأن وضع المساعدات العسكرية الأميركية. وقال ممثلو الادعاء إن حنا أدرج زوجة مينينديز في المقابل على جدول رواتب شركته.

وكانت مصر في ذلك الوقت واحدة من أكبر الدول المستفيدة من المساعدات العسكرية الأميركية، لكن وزارة الخارجية حجبت 195 مليون دولار في عام 2017 وألغت مساعدات إضافية قدرها 65.7 مليون دولار، حتى يطرأ تحسن في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية في مصر.

وقال ممثلو الادعاء إنّ مينينديز أخبر حنا في اجتماع عام 2018 بمعلومات سرية حول وضع المساعدات. وذكرت لائحة الاتهام أن حنا أرسل رسالة نصية إلى مسؤول مصري مفادها أنه "رُفع الحظر على الأسلحة الصغيرة والذخائر إلى مصر".

وأضاف ممثلو الادعاء أن الحكومة المصرية منحت في عام 2019 إحدى شركات حنا ترخيصاً حصرياً لتصدير اللحوم الحلال من الولايات المتحدة إلى مصر، على الرغم من افتقارها إلى الخبرة في شهادات الأغذية الحلال. واستخدم حنا عوائد تلك الصادرات لدفع الرشى، بحسب لائحة الاتهام.

وأوضح ممثلو الادعاء أنه بعدما أثارت وزارة الزراعة الأميركية مخاوف مع المسؤولين المصريين بشأن احتكار شركة حنا النشاط، انطلاقا من شعور بالخوف من ارتفاع التكاليف على منتجي اللحوم الأميركيين، طلب مينينديز من مسؤول بوزارة الزراعة الأميركية السماح للشركة بالاحتفاظ بوضعها. ولم يمتثل المسؤول لمطالب مينينديز، لكن لائحة الاتهام تشير إلى استمرار احتكار الشركة.

وتمهيداً لمنح الحكومة المصرية شركة حنا ترخيصاً حصرياً لتوريد اللحوم، ألغت القاهرة التعامل مع 7 شركات متخصصة في استيراد اللحوم الحلال، ومنحتها لشركة " آي إس إي جي حلال" المملوكة رسمياً لحنا.

أشار المدعي العام الأميركي إلى أن السيناتور مينينديز كان يعمل خلف الستار لتقديم خدمات للأشخاص الذين يقدمون إليه وإلى زوجته رشى، لافتاً إلى استمرار التحقيقات والسعي إلى مصادرة أصول مينينديز التي تتضمن منزلاً فاخراً في ولاية نيوجيرسي، وسيارة مرسيدس بنز موديل 2019، و566 ألف دولار في صور أموال نقدية وسبائك ذهبية وأموال في حسابات بنكية للزوجين.

أكدت التحقيقات أن النائب الديمقراطي البارز، الذي جاء إلى مصر واستقبِل في القصر الرئاسي الجديد في مدينة العلمين على ساحل البحر المتوسط (شمال) يوم 30 أغسطس/آب الماضي، بحفاوة رئاسية، مع وفد برلماني مرافق له، ارتكب جرائم واضحة، تخالف دوره التشريعي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وحرصت مستندات التحقيقات، التي وزعت على أجهزة الإعلام، على إخفاء وجوه المسؤولين المصريين المذكورين في القضية، واستبعدتهم من التحقيقات الدائرة حالياً في مكتب المدعي العام، مع ظهور تحول مفاجئ في محاولة وائل حنا أن يصبح شاهداً في القضية للخروج من دائرة الاتهام.

بينت التحقيقات، التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، مقابلة أجريت بين مينينديز في مكتبه بالعاصمة واشنطن، في 21 مايو/أيار 2019، مع أحد المسؤولين المصريين، المشار إليه في التحقيقات برقم 3، حضرها وائل حنا، ودارت حول تأثير انتهاكات حقوق الانسان على المساعدات الأميركية المقدمة لمصر.

وأشارت التحقيقات إلى أن حنا وظف كذلك شركة التمويل العقاري، التي يملكها مع المتهم الثاني خوسيه أوريبي، في مساعدة زوجة مينينديز، في يوليو/تموز 2019، على سداد أقساط قرض، كانت متأخرة عن سداده، من قيمة منزل فاخر اشترته حديثاً، حيث سدد جميع المتأخرات المتراكمة عليها، مع ترتيب رحلة خاصة لزيارة مصر.

ورصدت التحقيقات شغف نادين بالحصول على الأموال لسداد أقساط المنزل الفاخر بقيمة 10 آلاف دولار شهرياً، والمصدر لصالح شركتها الاستشارية الدولية، حيث اشتكت مراراً عبر رسائل على البريد الإلكتروني والهاتف من عدم التزام وائل حنا وشريكه ديبس بسداد ما تطلبه في توقيته، ولم تستمع إلى نصائح زوجها بعدم إرسال أي مطالب عبر الهواتف والبريد، وهي التي مكنت السلطات من استرجاعها ورصد كل تصرفاتها المالية والرشى التي حصلت عليها وزوجها من المتهمين.

وحصلت نادين على 3 شيكات أخرى قيمة كل منها 10 آلاف دولار باسم شركتها Strategic international business consultant، مصدرة في 28 سبتمبر/أيلول و30 أغسطس/آب و5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.

وأشار تقرير المدعى العام إلى وجود صداقة قوية بين وائل حنا ونادين مينينديز لأعوام عديدة. وبينت دور حنا في العمل على تعريف مينينديز بمسؤولين مصريين. ولفتت التقارير إلى حرص مينينديز على توظيف زوجته في مارس/آذار 2020، بالتواصل مع مسؤولين مصريين، حول تحركات الكونغرس لقطع المعونات عن مصر بقيمة مليار دولار، وأخرى حول مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان بخصوص سد النهضة، أعقبها قيام مينينديز بكتابة خطاب لوزيري الخارجية والخزانة الأميركية، حول اهتمامه بالمفاوضات المتوقفة بين مصر وإثيوبيا والسودان حول سد النهضة، داعيا إلى زيادة انخراط الخارجية الأميركية في المفاوضات المتعلقة بالسد.

وحصل السيناتور بعد اللقاء على هدايا من مسؤول مصري عبارة عن جهاز لتنقية الهواء ومعدات منزلية بلغت تكلفتها عدة آلاف من الدولارات، عثر عليها داخل منزل السيناتور أثناء التفتيش. ويقول المدعون العامون إن مينينديز أخذ النقود والذهب من المصريين عبر طرق فساد مقابل توظيف نفوذه.

لكن مينينديز أصدر بيانا في وقت متأخر من مساء الجمعة، قال فيه: "أساء المدعون وصف عمل روتيني من أعمال التشريع.. تجاوزات هؤلاء المدعين واضحة.. الحقائق ليست كما عرضت". وهذه هي المرة الثالثة التي يحقق فيها مدعون اتحاديون مع مينينديز، لكن لم يسبق أن أُدين قبل ذلك.

وقال محامي زوجة مينينديز إنها تنفي ارتكاب أي مخالفات "وستدافع بقوة" عن نفسها ضد هذه الاتهامات في المحكمة، مشيراً إلى أنها متزوجة من السيناتور الديمقراطي منذ عام 2020. وقد تصل عقوبتهما إلى 45 سنة في السجن، إلا أنه من المرجح أن تكون مدة العقوبة أقصر بكثير، وفق تقارير أميركية.

المساهمون