مكتب الموازنة التابع للكونغرس الأميركي يحذر من أزمة في سوق السندات

27 مارس 2024
الكونغرس الأميركي يواجه صعوبات في كبح جماح الدين العام (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مكتب الموازنة التابع للكونغرس الأميركي حذر من أزمة محتملة في سوق السندات الأميركية، مشابهة للأزمة في المملكة المتحدة، بسبب ارتفاع ديون الحكومة الأميركية التي تجاوزت المستويات القياسية.
- فيليب سواجل، مدير المكتب، أشار إلى أن الديون الأميركية التي تقدر بنحو 35 تريليون دولار تسير في مسار غير مسبوق، محذرًا من مخاطر عدم اتخاذ إجراءات لتجنب مصير مشابه للمملكة المتحدة.
- الديون الأميركية ارتفعت بشكل ملحوظ تحت إدارتي الجمهوريين والديمقراطيين، مع تضخم بسبب التخفيضات الضريبية والدعم المالي خلال جائحة كوفيد-19، مما أدى إلى تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة وزيادة القلق حول الضغوطات المالية المستقبلية.

حذر مكتب الموازنة، التابع للكونغرس الأميركي، من حدوث أزمة في سوق السندات الأميركية، على غرار الأزمة التي حدثت في المملكة المتحدة قبل عامٍ ونصف تقريباً، وتسببت في ارتفاع العوائد وتراجع الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته في أكثر من نصف قرن.

وجاء التحذير الصارم من مكتب الموازنة في الوقت الذي تواصل فيه ديون الحكومة الأميركية تحطيم المستويات القياسية، الأمر الذي زاد من المخاوف بشأن العبء الذي تفرضه على الاقتصاد، وبصفة خاصة بعد تخفيض التصنيف الائتماني للاقتصاد الأكبر في العالم، على خلفية الارتفاع المبالغ فيه في ديونه.

وفي مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز، قال مدير مكتب الموازنة، فيليب سواجل، إن ديون الحكومة الأميركية، التي تقدّرها وزارة الخزانة بنحو 35 تريليون دولار، تسير في مسار "غير مسبوق".

وقال للصحيفة: "الخطر بالطبع هو ما واجهته المملكة المتحدة مع رئيسة الوزراء السابقة ليز تروس، حيث حاول صناع السياسة اتخاذ بعض الإجراءات، وهو ما ترتب عليه صدور ردود أفعال قوية من المستثمرين".

ورفضت الأوساط الاقتصادية والمستثمرون في أكتوبر/ تشرين الأول 2022 خطط تروس للتخفيضات الضريبية غير الممولة، ما أجبرها على الاستقالة بعد 45 يوماً فقط من توليها المنصب.

وقال سواجل إن الولايات المتحدة "لم تصل إلى هذه النقطة بعد"، ولكنه أشار إلى أنه مع ارتفاع عوائد السندات ترتفع تكلفة السداد، التي تبدو في طريقها للوصول إلى تريليون دولار سنويًا في عام 2026، فإن أسواق السندات يمكن أن "تعود إلى سابق عهدها". 

وقدم تراجع أسعار السندات البريطانية في سبتمبر/ أيلول 2022 مثالاً حياً لما يمكن أن تؤول إليه الأمور عندما يرفض المستثمرون خطة الحكومة لاقتراض المزيد من الأموال، إذ سارع المستثمرون إلى بيع السندات الحكومية البريطانية، والجنيه الإسترليني، بشكل حاد، الأمر الذي تسبب في وصول الجنيه الإسترليني لأدنى مستوى له منذ عام 1971، الذي شهد انتهاء العمل باتفاقية "بريتون وودز"، واعتماد نظام عالمي لتعويم سعر صرف العملات الرئيسية مقابل الدولار الأميركي.

وارتفعت وقتها أيضاً معدلات الفائدة المطبقة على قروض الرهن العقاري وتكاليف الاقتراض الأخرى، مع مطالبة المستثمرين بمعدلات عائد أعلى كثيراً لشراء أدوات الدين التي تصدرها المملكة المتحدة.

واضطر بنك إنكلترا (المركزي) في نهاية المطاف إلى التدخل متعهداً بشراء السندات الحكومية "بأي حجم ضروري".

وقال ديف رامسدن، وهو مسؤول كبير في البنك المركزي، في ذلك الوقت: "إذا استمر الخلل في هذه السوق أو تفاقم، فسيكون هناك خطر مادي على الاستقرار المالي في المملكة المتحدة، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تراجع تدفق التمويلات إلى الاقتصاد الحقيقي".

وارتفعت ديون الحكومة الأميركية في عهد كل من الجمهوريين والديمقراطيين في السنوات الأخيرة، لكنها تضخمت بصورة ملحوظة بسبب التخفيضات الضريبية للرئيس السابق دونالد ترامب في عام 2017، ثم بسبب ما قدمته إدارة الرئيس جو بايدن من دعم مالي للأسر والشركات خلال فترة الجائحة.

وحذر الاقتصاديون من تراكم الديون الأميركية خلال السنوات الأخيرة. وفي أغسطس/ آب جردت وكالة فيتش الولايات المتحدة من تصنيفها الائتماني الممتاز AAA، مشيرة إلى "عبء الديون الحكومية العامة المرتفع والمتزايد".

وتمثل عودة ترامب للبيت الأبيض تهديداً آخر بزيادة اقتراض الحكومة الأميركية، حيث وعد رجل الأعمال، المطالَب بدفع ما يقرب من نصف مليار دولار في إحدى القضايا المرفوعة ضده، بتمديد تخفيضاته الضريبية التي أدخلها في عام 2017، وتحدث أيضاً عن خفض معدل الضريبة على الشركات من 21% حالياً إلى 15%.

وقال الشهر الماضي في حفل التكريم الذي أقامه اتحاد المحافظين السود في ولاية كارولينا الجنوبية: "سأجعل تخفيضات ترامب الضريبية أكبر تخفيض ضريبي في التاريخ".

وفي المملكة المتحدة، كانت التخفيضات الضريبية التي خططت لها تروس أكبر التخفيضات منذ 50 عامًا، وتضمنت خفض المعدل الأعلى لضريبة الدخل إلى 40% من 45%.

وارتفعت كلفة الديون الأميركية إلى 659 مليار دولار في السنة المالية 2023، التي انتهت في 30 سبتمبر، وفقًا لوزارة الخزانة، وهو ما يزيد بنسبة 39% عن العام السابق، ويمثل أيضاً ضعف ما كان عليه في السنة المالية 2020.

وفي السنة المالية 2023، أنفقت الحكومة على خدمة ديونها أكثر مما أنفقته على الإسكان والنقل والتعليم العالي، وفقًا للجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، وهي منظمة غير ربحية.

ووفقاً لمكتب الموازنة التابع للكونغرس، فمن المتوقع أن يستمر الدين الحكومي الأميركي في الارتفاع. وقال المكتب في تقرير أصدره الأسبوع الماضي: "مثل هذا الدين الكبير والمتزايد من شأنه أن يبطئ النمو الاقتصادي، ويرفع مدفوعات الفائدة لحاملي الديون الأميركية الأجانب، ويشكل مخاطر كبيرة على التوقعات المالية والاقتصادية، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى شعور المشرعين بأنهم مقيدون بشكل أكبر في خياراتهم السياسية".

المساهمون