معهد كارنيغي: أموال صندوق قناة السويس ستذهب إلى الجيش دون رقابة

05 فبراير 2023
الجيش يتقاضى عمولة غير رسمية على جميع السفن التي تعبر القناة (الأناضول)
+ الخط -

نشر معهد كارنيغي للشرق الأوسط تحليلاً يشرح فيه تداعيات موافقة مجلس النواب (البرلمان) المصري على قانون إنشاء صندوق هيئة قناة السويس، بهدف استثمار فائض الإيرادات التي يحققها تشغيل القناة، والسماح بتأجير الأصول وبيعها، وإنشاء الشركات، والاستثمار في الأدوات المالية.

وأوضح المعهد أن القانون يسمح لهيئة قناة السويس بتكوين احتياطياتها النقدية الخاصة بتمويل المشاريع الإنمائية في القناة من دون العودة إلى وزارة المالية للحصول على الأموال اللازمة، إلا أنه لم يأت على ذكر أي إشراف تشريعي على عمليات الصندوق.

وأضاف في تحليله أن إنشاء الصندوق هو مؤشر على غياب الإرادة السياسية لإصلاح الصيغة العسكرية لرأسمالية الدولة، وتمسك النظام المصري أكثر بسياساته، مستطرداً بأن هيئة قناة السويس خاضعة لسلطة المؤسسة العسكرية، حيث يتسلم ضباط سابقون في القوات البحرية رئاستها من دون انقطاع منذ عام 1964.

وتابع المعهد أن الجيش يتقاضى عمولة غير رسمية على جميع السفن التي تعبر القناة؛ وحفاظاً على هذا التقليد، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أن الصندوق سيخضع لإشراف "كيان سيادي"، وهو مصطلح مخفف يُقصد به أحد أجهزة المخابرات أو المؤسسة العسكرية.

واستدرك بأن السيسي أدلى بهذا الحديث رغم أن القانون اختص مجلس الوزراء -نظرياً- بسلطة التعيينات في مجلس إدارة الصندوق؛ ما يتيح للجيش بصورة أساسية الوصول إلى الصندوق غير الخاضع للإشراف، وسحبه أي مبالغ طائلة من عائدات قناة السويس من دون رقابة مدنية.

وبيّن المعهد أن تعديل القانون جاء في خضم أزمة اقتصادية متفاقمة بسبب النقص الحاد في العملة الصعبة، وتدهور قيمة الجنيه المصري إلى أدنى مستوياته التاريخية مقابل الدولار، على أثر خفض قيمة العملة المحلية ثلاث مرات متتالية في أقل من عام.

وأكمل في التحليل أنه سيُعاد توجيه جزء من عائدات قناة السويس على الأقل إلى الصندوق المقترح، ما يعني حرمان موازنة الدولة من مصدر مهم للعملة الصعبة؛ بينما تزداد الأوضاع تأزماً بسبب نقص السلع الأساسية، وبلوغ التضخم أعلى مستوياته منذ خمس سنوات مع تسجيله نسبة 18 في المائة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.

وأكد المعهد أن لإنشاء الصندوق هدفين أساسيين، أولهما تعزيز الدعم للنظام داخل المؤسسة العسكرية في مواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الحادة، والثاني هو التوصل إلى حل وسط بالسماح للمستثمرين الخاصين بالمشاركة في عمليات القناة من دون فقدان السيطرة العسكرية.

وختم بالقول إن خطة النظام تتمثل في تهيئة الساحة لخصخصة قناة السويس، من دون تغييرات في قواعد حوكمتها، أو تعزيز الشفافية في ما يتعلق باستخدام عائداتها، محذراً من انهيار مدو لنموذج التنمية الاقتصادية للنظام، الذي يصر على المضي قدماً في مساره المشوب بالخلل، وما يترتب عن ذلك من تبعات كارثية على المصريين.

وكانت مصادر برلمانية مصرية قد كشفت، لـ"العربي الجديد"، أن هيئة قناة السويس أنشأت صندوقاً خاصاً بها قبل أكثر من عامين بتوجيهات مباشرة من السيسي، أي قبل مناقشة مجلس النواب مشروع القانون المقدم من الحكومة بإنشاء الصندوق وموافقته على مجموع مواده في ديسمبر/كانون الأول الفائت.

وأفادت المصادر بأن صندوق هيئة قناة السويس مُنشأ بالفعل منذ يوليو/تموز 2020، وبلغت حصيلة الأموال الموجهة إليه من موارد الهيئة نحو 80 مليار جنيه (2.6 مليار دولار). علماً أن القانون نص على تأسيس الصندوق الشركات بمفرده، أو مع الغير، والاستثمار في الأوراق المالية، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها.

المساهمون