معدلات التضخم المرتفعة تلتهم الإيرادات الضريبية في مصر

06 مايو 2024
التضخم ينعكس سلبا على الإيرادات الضريبية في مصر / القاهرة في 6 مارس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مصر تشهد ارتفاعاً في التضخم مع تراجع القيمة الحقيقية للضرائب، رغم نمو الإيرادات الضريبية، وتلاعب الحكومة بالأرقام عبر دمج إيرادات سيادية ضمن الإيرادات الضريبية.
- الحكومة تواجه تحديات في تحصيل الضرائب من الأنشطة غير المسجلة وتعتمد بشكل كبير على ضريبة القيمة المضافة والدخل، مع انتقادات لتراجع مساهمة الشركات الكبرى.
- وزارة المالية تخطط لزيادة الإيرادات الضريبية بـ 30.5٪ في موازنة 2024-2025، مع توسيع القاعدة الضريبية وتعميم نظام الفواتير الإلكترونية، في مواجهة التحديات الاقتصادية والضغوط المالية.

تسببت معدلات التضخم المرتفعة في مصر في تراجع القيمة الحقيقية للضرائب العامة خلال الفترة من 2017، حتى نهاية العام المالي الجاري 2023-2024، والذي ينتهي في 30 يونيو/حزيران المقبل. وأكد خبراء مركز حلول للسياسات البديلة، بالجامعة الأميركية في دراسة حديثة، حول انخفاض الإيرادات الضريبية في مصر، أن معدلات التضخم التي بلغت 39.5٪ خلال العام المالي الجاري، قابلها نمو بالإيرادات بنسبة 38٪، منذ بداية العام المالي، بما يطيح بهدف الحكومة من رفع الضرائب التي تنخفض قيمتها في ظل التضخم المرتفع. 

وأوضح خبراء الاقتصاد بالمركز أن نسبة الضرائب للإنتاج المحلي بلغت 13٪ قبل عام 2017، في حين أصبحت 12.6٪ عام 2021-2022، منوهين إلى تلاعب الحكومة بوضع الأرباح التي تتحصل عليها عبر إتاوات سيادية من قطاع البترول وقناة السويس، بدمج قيمتها ضمن الإيرادات الضريبية في مصر للتغطية على عدم قدرة الحكومة على تحقيق زيادة حقيقة بالحصيلة.

وأشار الخبراء إلى أنه في حين زادت القيمة الاسمية للإنتاج المحلي منذ عام 2015- 2016 بنسبة 289٪، فإن القيمة الاسمية للإيرادات الضريبية في مصر زادت بنسبة 281٪ فقط. ويرجع خبراء الاقتصاد الانخفاض في الضرائب إلى حصول الحكومة على جزء كبير من الضرائب المستحقة حاليا بناء على أرباح ما قبل 2017، عن أنشطة لم تكن قد تأثرت بموجات التضخم المتتالية، والمستمرة منذ تلك الفترة، مؤكدين أن الانخفاض الحقيقي جاء نتيجة ما تبع التضخم من رفع لأسعار الفائدة الذي يدفع الأفراد على الادخار بدلا من الاستهلاك، والاستثمار الذي تخضع أرباحه للضرائب قبل 2017. 

وكشف خبراء المركز عن وجود مشكلات هيكلية تواجه الحكومة تحد من قدرتها على تحصيل الضرائب، خاصة من الأنشطة الاقتصادية غير المسجلة وعدم وجود البيانات اللازمة لجمع الضرائب، مشددين على ضرورة التزام الحكومة بتنفيذ سياسات فعالة لمحاربة التضخم، والتعامل مع البيانات المالية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، أو بالقيمة الحقيقية، بعد خصم معدلات التضخم، ووضع إجراءات حقيقية تسد فجوات التحصيل الضريبي. 

ويحمّل الخبراء الحكومة مسؤولية اعتماد الحكومة على تحصيل 70٪ من الضرائب العامة، من ضريبة القيمة المضافة والدخل، التي يشارك في تمويل إيراداتها عامة الشعب وصغار الموظفين والعمال، بينما تتراجع معدلات التمويل من الشركات الكبرى، جراء انخفاض معدلات التشغيل وبقاء الشركات في منطقة الركود للشهر 39 على التوالي، ووضع سقف ضريبي لأصحاب الدخل المرتفع، مؤكدين أن الظاهرة تكرس اعتماد الحكومة على الاقتصاد الريعي، من عوائد قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج والضرائب. 

في المقابل خططت وزارة المالية زيادة الإيرادات الضريبية بنحو 30.5٪ بموازنة 2024-2025، لتصل إلى أكثر من 2 تريليون جنيه (نحو 41 مليار دولار)، مستهدفة توسيع القاعدة الضريبية ورفع كفاءة الإدارة الضريبية عبر تعميم نظام الفواتير الإلكترونية، بالإضافة إلى تحصيل إيرادات غير ضريبية من مصادر مختلفة تبلغ نحو 599.6 مليار جنيه، لتبلغ الإيرادات العامة بالموازنة 2.6 مليار جنيه بزيادة 8.5٪ عن عام 2023-2024. وفقا لبيان مجلس الوزراء المقدم للبرلمان، حول الموازنة العامة.

بينما يبلع العجز الكلي بالموازنة العامة 1.2 تريليون جنيه، بنسبة 7.3٪ من الناتج المحلي مقابل تقديرات متوقعة للعجز الكلي بنهاية الميزانية الحالية عند 555 مليار جنيه، بنسبة 4٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

وتسير مخططات الحكومة على نهجها التقليدي في مواجهة تراجع قيمة الإيرادات العامة، حيث حدد مجلس الوزراء سقف دين أجهزة الموازنة العامة للدولة، بمبلغ 15.1 تريليون جنيه وبنسبة 88.2 % من الناتج المحلي مقارنة بنسبة 96٪، مقارنة بـ 90٪ المتوقعة في يونيو المقبل، بنهاية العام المالي الجاري. 

وتستهدف الحكومة تحقيق إيرادات عامة بقيمة 5.3 تريليونات دولار، بينما تصل المصروفات إلى 6.6 تريليونات جنيه، على أن تشكل الإيرادات الضريبية 38.2٪ من إجمالي إيرادات الحكومة العامة و11.8% من الناتج المحلي الإجمالي، والإيرادات غير الضريبية 61.8٪ من إجمالي إيرادات الحكومة العامة و19.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي. 

تضمنت الموازنة الجديدة، مصرفات بقيمة 3 تريليونات و870 مليار جنيه، بزيادة 29٪ عن العام الحالي، تشمل مخصصات الأجور بقيمة 575 مليار جنيه، و 635.9 مليار جنيه للدعم والمزايا الاجتماعية، 154 مليار جنيه منها لدعم المواد البترولية و134 مليار للسلع التموينية و40 مليار لمعاشات التضامن الاجتماعي وبرنامج تكافل وكرامة، و11.9 مليار جنيه للإسكان الاجتماعي ودعم توصيل الغاز للمنازل، و18.4 مليار جنيه للتأمين الصحي وعلاج غير القادرين، على نفقة الدولة. 

(الدولار= 48.5 جنيها تقريبا)

المساهمون