مصر: وثيقة ملكية الدولة لبيع الأصول تواجه تحدي الدور الاقتصادي للجيش

02 أكتوبر 2023
حذر وزير المالية الأسبق الحكومة من الالتفاف حول تنفيذ "وثيقة ملكية الدولة" (العربي الجديد)
+ الخط -

سرعت الحكومة المصرية منذ يوليو/تموز الماضي عمليات بيع الأصول، في مسعى منها لمواجهة أزمة النقد الأجنبي وتنفيذ أحد شروط برنامج الإصلاح الاقتصادي للحصول على قرض صندوق النقد الدولي، في وقت حذر خبراء من تحديات أبرزها الدور الاقتصادي المتزايد للجيش في مصر.

وقالت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أخيراً إنَّ بيع أصول الدولة يواجه تحديات. وجمعت الحكومة 1.6 مليار دولار بنهاية يوليو الماضي، فيما يتعين عليها جمع 4.6 مليارات دولار أخرى بنهاية 2024.

ونهاية العام 2022 كشف مجلس الوزراء المصري، السبت، عن النص الكامل لوثيقة سياسة ملكية الدولة، المعروفة إعلامياً بـ"وثيقة بيع أصول الدولة"، إثر مصادقة الرئيس عبد الفتاح السيسي عليها.

وحددت مصر مجموعة واسعة من الأصول الحكومية التي ستطرحها لمستثمري القطاع الخاص، في وقت تسعى إلى جذب استثمارات بقيمة 40 مليار دولار على مدى 4 سنوات، من خلال بيع أصول مهمة مملوكة للدولة لمستثمري الخليج.

تضارب حكومي

من جانبه، حذر وزير المالية الأسبق أحمد جلال الحكومة من الالتفاف حول تنفيذ "وثيقة ملكية الدولة" بالتوجه نحو إنشاء شركات جديدة، تمثل ضعف الشركات التي طرحتها للبيع، خلال الفترة الماضية، مبينا ضرورة تعريف دور الدولة في إدارة الاقتصاد. 

وقال جلال، وهو المسؤول الأول عن الملف الاقتصادي بالحوار الوطني في ندوة عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية أخيراً، إن الوثيقة تحتاج إلى رؤية سياسية، تزيل التناقضات والسياقات المضحكة والمربكة غير المفهومة في إدارة اقتصاد يرفع شعار حيادية الدولة، بينما تنشئ كيانات تنافس بعضها، تلغي مبدأ الحيادية. 

وأضاف: "لا أرى النور في نهاية النفق، لأن هناك سياسات تصدر لا تطبق على أرض الواقع".

بدوره، ذكر وزير المالية الأسبق أن الدولة تظهر كمالكة عندما تسكت الأصوات، عن دورها في الملكية، في ظل وجود نظام بيروقراطي يريد الاحتفاظ بملكية مكلفة ودور غير مقنع للدولة في أنشطة يجب أن تبتعد عنها، كما ابتعدت عنها أغلب الدول. وشدد على ضرورة أن يتسم الإصلاح بالمصداقية، ويسير وفق رؤية سياسية واضحة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

دولة عميقة بمواجهة الإصلاح الاقتصادي

من جانبه، اتهم هاني توفيق الخبير الاقتصادي، الدولة العميقة بتدمير أي محاولة للإصلاح الاقتصادي، قائلاً: "لقد خلقت الدولة العميقة المتحكمة في إدارة الأجهزة الرقابية العديدة، مجموعات فساد، تدفع المستثمرين إلى توجيه 75٪ من أموالهم للإنفاق على طلبات الأجهزة الرقابية، وإهدار أموال طائلة تدفع لمنظومة الفساد المنتشرة بها، وتهدر أية محاولات حقيقية للإصلاح". 

ووصف توفيق الدولة العميقة بأنها "الفيل الرابع" في غرفة الاقتصاد، مؤكداً أن أي محاولات إصلاح حقيقية لن تنجح، دون الدخول في مواجهة حاسمة وقادرة على اجتثاث الفساد الذي تديره الدولة العميقة. 

أما مدير المركز المصري للدراسات الاقتصادية عبلة عبد اللطيف، فقد دعت إلى منح قطاع الأعمال الحرية الكافية، للقيام بالمبادرات وإحداث تغيير حقيقي بالاقتصاد.

وأشارت إلى إيقاف الحكومة لهذا الدور مرارا، بعد سنوات من عدم القدرة على تطبيق برنامج الخصخصة، لأنها كانت تفقد الرؤية والرغبة في تنفيذ هذا البرنامج منذ عام 2005، وعندما أدركت أهميته، أصبح أمر عدم تحقيقه مقرونا بضعف قوة القيادة السياسية.

دور المؤسسة العسكرية

من جانبه، أكد أستاذ الاقتصاد وسياسات الأعمال بالمعهد الدولي للتنمية الإدارية "IMD" رالف بوشيك على التشابه بين مصر وباكستان في تدخل الجيش في الشؤون الاقتصادية، بما يستدعي دراسة حسابات الخسائر والمكاسب من تخارج الدولة من الأنشطة التي تستهدفها، ووجود سياسات يمكن الوثوق بها والتحكم في كفاءة الأعمال. 

وأشار إلى أهمية وضع معايير واحدة تطبق في المنافسة والرقابة على الشركات بغض النظر عن طبيعة ملكيتها، وأنشطتها وأن تحدد القواعد واللوائح الخاصة بالمحاسبة، لافتا إلى أن غياب المعايير يحول النظام الرقابي إلى كابوس. 

وأبدى رالف تفاؤلاً بـ"وثيقة ملكية الدولة" التي أعلنتها الحكومة في ديسمبر 2022، ودعمه دور العاصمة الجديدة، في إحراز تقدم اقتصادي جيد، متحفظا في الوقت ذاته على تنامي دور الجيش في الاقتصاد. 

وقال إن المعلومات قليلة عن مدى تأثير الجيش في الاقتصاد، مشيرا إلى وجود بيانات تعتبر أن الشركات العسكرية تمثل ما بين 5٪ و10٪ من الناتج الإجمالي بينما يؤكد أن هذه النسبة تصل إلى 50٪ من قيمة المشروعات الجديدة التي تشهدها البلاد.

وأبدى الخبير الألماني تعجبه من إصرار الجيش على التدخل في إنتاج لبن الأطفال، وأنشطة غير مهمة من الناحية الاقتصادية.
 

المساهمون