أحالت نيابة الأموال العامة العليا المصرية، مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة "جمال اللبان"، و5 رجال وسيدات أعمال أخرين، إلى المحاكمة الجنائية، وذلك على خلفية اتهامهم بالاستيلاء على أكثر من 73 مليون جنيه من أموال مجلس الدولة في صورة مناقصات وهمية عبر شركات صورية ومناقصات بالأمر المباشر، وذلك في قضية فساد جديدة بالمجلس.
وتلقت محكمة استئناف القاهرة، اليوم السبت، ملف القضية، وذلك تمهيدا لتحديد أولى جلسات محاكمة المتهمين في القضية التي حملت الرقم 5760 لسنة 2023 جنايات الدقي، وقيدت برقم 46 لسنة 2023 جنايات أموال عامة عليا، وتم التحقيق فيها تحت إشراف المستشار طارق الحتيتي المحامي العام الأول لنيابة الأموال العامة العليا.
القضية التي حصل "العربي الجديد" على نسخة منها، تضم "جمال الدين محمد إبراهيم اللبان (49 سنة) مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة، وأحمد حسني محمد الأقفالي (40 سنة) صاحب شركة (تكني سيستم)، ومحمد أحمد شرف الدين أحمد (44 سنة) صاحب شركة (دريم)، وسهير محمد قاصد جامع (53 سنة) صاحبة شركة (أطلنطا للاستيراد والتصدير)، ورباب أحمد عبدالخالق أبو فراج (44 سنة) صاحبة شركة (السيف للتوريدات)، ومدحت عبدالصبور شيبة الحمد (55 سنة) صاحب شركة (الخلود للأثاث المكتبي)".
تفاصيل القضية
تفاصيل القضية، وفقا للأوراق، تبدأ من عند الشاهد الأول "محمد حمدي أبو سعدة (36 سنة) عضو بهيئة الرقابة الإدارية"، والذي أقر بالتحقيقات، أن تحرياته توصلت إلى استغلال المتهم الأول اختصاصه الوظيفي باتخاذ اجراءات مناقصات محدودة صورية لتوريد مستلزمات لمجلس الدولة.
والاتفاق مع المتهمين من الثاني للسادس على تأسيس شركات تعمل في مجال التوريدات بأنفسهم أو عن طريق آخرين يتبعونهم للتقدم لتلك المناقصات والترسية عليهم، وتوريد الأصناف بقيمة أكبر من قيمتها السوقية، وأن الفارق كان يحصل عليه المتهم الأول من باقي بعد صرف الشيكات البنكية الصادرة لشركاتهم سواء المملوكة لهم أو لتابعيهم.
وذلك بأن يقوم المتهم الأول بإعداد مذكرة الاحتياجات ويتبعها بمذكرة طرح يقترح فيها أن تكون طريقة الشراء بطريق المناقصات المحدودة ويعتمدها من المتهم المتوفى المستشار وائل شلبي الأمين العام لمجلس الدولة، بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات، لعدم توافر الشروط لتطبيق هذه الطريقة في الشراء ودون اتباع الاجراءات اللازمة لتحديد الاحتياجات.
وأضاف عضو هيئة الرقابة الإدارية، أنه تبين أن كافة توريدات مجلس الدولة تنحصر في عدد معين من الشركات، وهي التابعة للمتهمين من الثاني للسادس، وأسفرت التحريات أنه تم انشائها بالإتفاق بين المتهم الأول وباقي المتهمين، كما تبين أن بعض توقيعات أعضاء لجان القيمة التقديرية على المحاضر الخاصة بها غير صحيحة ومزورة على أصحابها.
وكذلك أذون الإضافة ومحاضر فحص واستلام الأصناف الموردة بما انتهت معه التحريات إلى صورية تلك الاجراءات، وإصدار شيكات عن عمليات التوريد، دون وجه حق قام المتهمون من الثاني للسادس بصرف قيمتها وتسليم تلك القيم للمتهم الأول.
كما أقر المتهم الأول "مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة"، بالتحقيقات، أنه تم إسناد بنود المناقصة إلى مؤسسة الخلود للأثاث المكتبي (الشركة الرئيسية التي من خلالها تمت جميع الجرائم في القضية) والمملوكة للمتهمة الخامسة وزوجها المتهم السادس.
وأضاف، أنه باشرت عملية الإسناد بناء على جزء من اختصاصاته، وحرر شيكات بالمستحقات المالية لصالح الشركة، إلا أن كل شيء خاص بإسناد المناقصات لهذه الشركة كان بتعليمات من المتهم المتوفي الأمين العام لمجلس الدولة المستشار وائل شلبي – زعمت التحقيقات انتحاره عقب القبض عليه – وأنه كان فقط ينفذ تعليماته بحكم أنه رئيسه في العمل.
واعترف المتهم بأنه قبل رشوة من المتهمين إلا أنه كان وسيطا في إرسالها للأمين العام لمجلس الدولة، ولم يتحصل لنفسه على هذه الأموال، مشيرا إلى وجود علاقة غير شرعية جمعت بين الأمين العام لمجلس الدولة والمتهمة الخامسة، وأنه هو من أدخلها المناقصات الوهمية للاستيلاء على أموال مجلس الدولة.
كما اعترافات المتهمة الخامسة، في التحقيقات، بأن الأمين العام لمجلس الدولة، أصدر تعليماته لمساعدتها لتجهيز أوراقها وترسية مناقصات مجلس الدولة على شركتها، وبناء على ذلك أسست شركات "صورية" ودخلت في مناقصات مجلس الدولة بناء على مخطط بينهم، وهو ما اعتراف به بقية المتهمين في القضية.
توجيه التهم
ووجهت نيابة الأموال العامة إلى المتهم الأول في قرار إحالته إلى المحاكمة الجنائية، تهم أنه بصفته موظفا عاما "مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة"، استولي بغير حق على مال مملوك لإحدى الجهة العامة، بأن استولى على مبلغ 73 مليون و293 ألف و243 جنيه والمملوك لجهة عمله.
وكان ذلك حيلة بأن اتفق مع المتهمين من الثاني حتى السادس على استخدام شركات مملوكة لهم تعمل في مجال التوريدات، وتأسيس شركات أخرى تعمل في ذات المجال بأنفسهم أو عن طريق آخرين يتبعونهم، وتولى وفقا لاختصاصه الوظيفي إعداد مذكرات باحتياجات مجلس الدولة المختلفة ومذكرات طرح اقترح فيها أن يكون الشراء بطريق المناقصات المحدودة في غير الأحوال المنصوص عليها في قانون المناقصات والمزايدات.
كما وجهت نيابة الأموال العامة إلى المتهمين من الثاني وحتى السادس، تهم أنهم اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة، بأن اتفقوا معه على ارتكابها، وساعدوه بأن وافقوا على قيامه باستخدام شركاتهم التي تعمل في مجال التوريدات، أو تأسيس شركات أخرى لذلك الغرض، والاتفاق مع أخرين على تأسيس شركات تعمل في ذات المجال.
وقام المتهم الأول بترسية المناقصات المحدودة على تلك الشركات بقيم مالية تزيد عن القيمة السوقية للأصناف الموردة، وتوريد بعض الأصناف المطلوبة دون بعضها الآخر، وصرف قيمة تلك الأصناف كاملة، بشيكات بنكية استحصل عليها المتهم الأول من الإدارة الحسابية المختصة.
وسلمها لهؤلاء المتهمين كل فيما يخصه، وقاموا بصرفها إما بأشخاصهم، أو عن طريق تظهيرها لأنفسهم، أو باستخدام توكيلات بنكية أو خاصة عن ملاك تلك الشركات، أو بتحويل قيمتها من حسابات أصحاب تلك الشركات لحساب أي من باقي المتهمين، أو بسحب المبالغ مباشرة من حسابات تلك الشركات البنكية، وتسليم تلك المبالغ المالية للمتهم الأول، بما مكنه من الاستيلاء على قيمتها، فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.